قمة للسلام باسم مانديلا في مئويته

كرّمت الأمم المتحدة الزعيم الراحل لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا في مئوية ميلاده، بقمة للسلام على اسمه وبتمثال برونزي له، باعتباره رمزاً عالمياً ملهماً في كفاحه ضد الظلم والعنصرية، على هامش الاجتماعات رفيعة المستوى للدورة السنوية الـ73 للجمعية العامة للمنظمة الدولية في نيويورك.
وقبيل القمة، كُشفت الستارة عن تمثال برونزي للزعيم التاريخي أهدته جنوب أفريقيا إلى الأمم المتحدة. وقال الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، فيها إن مانديلا «أحد أعظم القادة في تاريخ البشرية»، لأنه «جسّد أعلى قيم الأمم المتحدة من السلام والتسامح والتراحم والكرامة البشرية». وأضاف: «كان بطلاً لكل الناس، في كلماته وأفعاله. كان مستعداً ليحارب ويموت من أجل القيم التي كان يعتز بها». ولاحظ أنه «عندما وصل إلى قمة السلطة ليصير رئيساً محبوباً لبلده، كان مثالاً لا يزال صداه يتردد في أنحاء أفريقيا والعالم. ترك المنصب بعد فترة واحدة، واثقاً في استدامة الديمقراطية الجديدة في جنوب أفريقيا. لم يسعَ إلى تولي السلطة من أجل السلطة، ولكن ليخدم الناس». وفي قمة نيلسون مانديلا للسلام، تكلمت رئيسة الدورة السنوية الثالثة والسبعين للجمعية العامة ماريا فرناندا إسبينوزا، عن التهديدات التي يتعرض لها العمل المتعدد الأطراف، والمخاوف من عدم القدرة على العمل المشترك بشكل فعال للتصدي للتحديات العالمية مثل الفقر والجوع وتغير المناخ.
وأضافت أن الابتعاد عن تعددية الأطراف سيزعزع استقرار المستقبل وكوكب الأرض. وقالت إن الإعلان السياسي المقدم من جنوب أفريقيا وآيرلندا «ما هو إلا برهان على الدور الرئيسي الذي يضطلع به هذا المنتدى (الجمعية العامة) من أجل التوصل إلى اتفاقات عالمية تجلب السلم والأمن إلى العالم. إعلان نيلسون مانديلا للسلام يمثل إعادة إحياء التزامنا بالسلام وتجديد إرادة الدول لبناء عالم مسالم عادل ومزدهر يشتمل على الجميع».
من جهته، حضّ غوتيريش دول العالم على البناء على إرث مانديلا، الذي أمضى 27 عاماً في السجن بسبب النضال ضد حكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وقال: «اليوم نتذكر رجلاً تمتع بحكمة عظيمة وكرامة هادئة وإنجاز شاهق، والذي عمل بلا كلل من أجل السلام والكرامة الإنسانية للناس في كل مكان»، مضيفاً أن «هذا هدف منظمتنا، وكقادة إنها مسؤوليتنا».
وأفاد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا، بأن «العالم أجمع يعاني من نزاعات دولية مشتركة بخلاف النزاعات التقليدية الموجودة داخل الدول»، موضحاً أن «العالم أجمع يواجه جرائم بشعة على رأسها الاتجار بالبشر وتهريبهم، تلك الظواهر التي تمثل تهديداً خطيراً للنظام العالمي، ويجب أن يتكاتف العالم أجمع في حل تلك الأزمات من جذورها». ورأى أن «الولايات المتحدة قادرة على التصدي لتلك الأزمات بالتعاون مع كل الدول الأخرى»، معتبراً أن «هناك فرصة رائعة لاعتماد التدابير اللازمة لإنهاء الحروب التي لا تزال تقضي على الملايين من البشر على مستوى العالم».
وطالبت أرملة مانديلا العضو في مجموعة الحكماء، غراسيا ماشيل، زعماء العالم بألا يجعلوا «الأمم المتحدة مكاناً للثرثرة»، مضيفة أن «الأمم المتحدة أنشئت بغرض الوقاية من النزاعات وضمان تجنيب العالم حروباً أخرى ولكن بعد 70 عاماً، هناك نزاعات عديدة في كل البلدان، والأمن العالمي تراجع بشكل كبير في العقد الفائت، وتؤلمني النزاعات التي طال أمدها». وشددت على أنه «يجب على القادة أن يتحلوا بمسؤولياتهم، ويمكنكم أن تضعوا حداً للدمار». وقالت: «سيحاسبكم التاريخ على ذلك، وستحاسبكم البشرية إذا ما سمحتم لهذه المعاناة بأن تستمرّ على مرآكم، وعليكم التخلي عن حب الذات وتغطرس صانعي القرار والاستيلاء على الموارد وصناعة الأسلحة».
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد، إن مانديلا سيظل مصدر إلهام للأجيال المقبلة، مشيراً إلى أن مانديلا كان يطلب دائماً الوحدة في النضال للحصول على الحرية. وأضاف أنه «لا بد أن نستمر في النضال لتحقيق رفعة المجتمعات، ونبتعد عن الكره والصراعات»، مؤكداً أنه تم إعلان أن هذا العقد هو عقد نيلسون مانديلا في أفريقيا. وأوضح أن إحياء الذكرى المئوية لمانديلا هي تذكير بمدى الحرية والمساواة بين البشر، في ضوء التحديات التي نواجهها والقلق الذي نواجهه.
وقال الرئيس الكولومبي إيفان دوكيه: إن «مانديلا علّمنا النضال من أجل خلق مجتمع حر وديمقراطي»، وإن «العالم كله تشرّف بمعرفة رجل وُلد في جنوب أفريقيا وأصبح قائداً عظيماً ونزيهاً وأميناً». ورأى أن «مانديلا نجح في تحقيق مجتمع خالٍ من الكراهية والتفرقة العنصرية».