ترحيب حذر من المعارضة باتفاق إدلب... ورفض فصيل متشدد

تحفظت على تصريحات تدل على أن «الاتفاق مؤقت»

معرض أسلحة في القرم على البحر الأسود تقول روسيا إنها اقتنصتها من فصائل معارضة في سوريا (رويترز)
معرض أسلحة في القرم على البحر الأسود تقول روسيا إنها اقتنصتها من فصائل معارضة في سوريا (رويترز)
TT

ترحيب حذر من المعارضة باتفاق إدلب... ورفض فصيل متشدد

معرض أسلحة في القرم على البحر الأسود تقول روسيا إنها اقتنصتها من فصائل معارضة في سوريا (رويترز)
معرض أسلحة في القرم على البحر الأسود تقول روسيا إنها اقتنصتها من فصائل معارضة في سوريا (رويترز)

رحبت فصائل معارضة مدعومة من أنقرة بحذر مساء السبت الماضي، بالاتفاق الروسي التركي الذي جنب محافظة إدلب عملية عسكرية لقوات النظام، مؤكدة في الوقت ذاته عدم ثقتها بموسكو.
قال مقاتلو المعارضة المتحالفون مع تركيا إنهم سيتعاونون مع الجهود الدبلوماسية التركية التي أوقفت هجوما للنظام السوري مدعوما من روسيا في إدلب شمال غربي سوريا، ولكنهم لن يسلموا أسلحتهم أو الأراضي التي يسيطرون عليها، بينما رفضت جماعة «حراس الدين» الإسلامية المتشددة الاتفاق التركي الروسي، وحثت مقاتلي المعارضة على شن عمليات عسكرية جديدة.
وقالت الجبهة الوطنية للتحرير التي تضم عددا من فصائل الجيش السوري الحر التي تعتبرها تركيا معتدلة: «نثمن هذا الجهد الكبير والانتصار الواضح للدبلوماسية التركية»، مشيرة إلى «تلقى أهلنا في الشمال السوري بارتياح واسع حصول اتفاق تركي روسي أوقف عدواناً روسياً وشيكاً»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية التي نقلت البيان.
وأكدت الجبهة «تعاوننا التام مع الحليف التركي في إنجاح مسعاهم لتجنيب المدنيين ويلات الحرب». واستدركت في بيانها «سنبقى حذرين ومتيقظين لأي غدر من طرف الروس والنظام والإيرانيين، خصوصا مع صدور تصريحات من قبلهم تدل على أن هذا الاتفاق مؤقت».
وأضاف بيان الجبهة، أن «أصابعنا ستبقى على الزناد... ولن نتخلى عن سلاحنا ولا عن أرضنا ولا عن ثورتنا».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن في أعقاب الاتفاق، أنه سيتم سحب كل ما مع مقاتلي المعارضة من أسلحة ثقيلة ومورتر ودبابات وأنظمة صواريخ من المنطقة المنزوعة السلاح بحلول العاشر من أكتوبر (تشرين الأول). وقالت تركيا، من طرفها، إن «المعارضة المعتدلة» ستحتفظ بأسلحتها وتبقى في المناطق التي تسيطر عليها و«سيتم تطهير المنطقة من المتطرفين».
وأعلن تنظيم حراس الدين مساء السبت في بيان جرى تناقله على مواقع التواصل الاجتماعي وأكده المرصد السوري لحقوق الإنسان، رفضه للاتفاق.
وجاء في البيان: «إننا في تنظيم حراس الدين نعلن رفضنا من جديد لهذه المؤامرات وهذه الخطوات كلها».
وبرغم عدم صدور أي موقف رسمي من هيئة تحرير الشام حتى الآن، إلا أن وكالة إباء الإخبارية التابعة له وفي معرض تغطيتها للاتفاق، شككت في نوايا تركيا، واعتبرت أنها «تسعى لتحقيق مصالحها». وتهيمن على جبهة تحرير الشام الجماعة التي كانت تعرف سابقا باسم جبهة النصرة التي كانت أحد فروع تنظيم القاعدة حتى 2016.
وكان القائد العام للهيئة أبو محمد الجولاني قال في تصريحات سابقة، بأن سلاح الفصائل «خط أحمر لا يقبل المساومة أبداً».
وجماعة حراس الدين التي أعلنت رفضها لاتفاق إدلب، ليست الجماعة المعارضة الإسلامية الرئيسية في إدلب، لكن موقفها يشير إلى اعتراضات قد تعقد تنفيذ الاتفاق الذي أبرمته روسيا وتركيا الأسبوع الماضي.
ويعيش ما يقرب من ثلاثة ملايين نسمة في إدلب نصفهم تقريبا من السوريين الذين شردتهم الحرب من مناطق أخرى بسوريا، وحذرت الأمم المتحدة من أن أي هجوم سيسبب كارثة إنسانية.
وتُعد محافظة إدلب آخر أبرز معاقل هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة في سوريا. وتسيطر الهيئة على الجزء الأكبر منها، كما تتواجد فصائل الجبهة الوطنية في مناطق عدة، وتنشط فيها أيضاً مجموعات جهادية أخرى أبرزها تنظيم حراس الدين المرتبط بتنظيم القاعدة والحزب الإسلامي التركستاني.
وبعد أسابيع من التعزيزات العسكرية إلى محيط إدلب، وإثر مفاوضات مكثفة، توصلت روسيا وتركيا قبل أسبوع إلى اتفاق يقضي بإنشاء منطقة عازلة بعمق 15 إلى 20 كيلومتراً على خطوط التماس بين الفصائل وقوات النظام في إدلب.
ويُصعب تواجد المجموعات الجهادية في المنطقة العازلة مهمة الجانب التركي في تنفيذ الاتفاق.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.