مقتل 7 جنود و9 مسلحين باشتباكات في شمال باكستان

«طالبان» تتحدث عن سيطرتها على قاعدة عسكرية جنوب كابل

قائد الجيش الباكستاني يشارك في تشييع الجنود القتلى خلال عملية أمنية ضد مخابئ للمسلحين في إقليم وزيرستان الشمالية... وفي الإطار صورة لضابط بين القتلى (القسم الإعلامي - الجيش الباكستاني)
قائد الجيش الباكستاني يشارك في تشييع الجنود القتلى خلال عملية أمنية ضد مخابئ للمسلحين في إقليم وزيرستان الشمالية... وفي الإطار صورة لضابط بين القتلى (القسم الإعلامي - الجيش الباكستاني)
TT

مقتل 7 جنود و9 مسلحين باشتباكات في شمال باكستان

قائد الجيش الباكستاني يشارك في تشييع الجنود القتلى خلال عملية أمنية ضد مخابئ للمسلحين في إقليم وزيرستان الشمالية... وفي الإطار صورة لضابط بين القتلى (القسم الإعلامي - الجيش الباكستاني)
قائد الجيش الباكستاني يشارك في تشييع الجنود القتلى خلال عملية أمنية ضد مخابئ للمسلحين في إقليم وزيرستان الشمالية... وفي الإطار صورة لضابط بين القتلى (القسم الإعلامي - الجيش الباكستاني)

بعد أشهر من الهدوء والقول باستتباب الأمن والاستقرار في مجمل المناطق القبلية الباكستانية، أعلن الجيش الباكستاني شنه عملية أمنية ضد مخابئ للمسلحين في إقليم وزيرستان الشمالية غرب البلاد، وأن العملية أدت إلى مقتل سبعة جنود باكستانيين وتسعة من المسلحين أثناء الاشتباكات. وقال الجيش، في بيان له أول من أمس، إن ضابطاً برتبة نقيب قتل في العملية. وحسب بيان الجيش، فإن المسلحين الذين لقوا مصرعهم في الاشتباكات تسللوا للمنطقة من الأراضي الأفغانية.
ولم يكشف الجيش عن أي تفاصيل بشأن المسلحين الذين تم القضاء عليهم، وانتمائهم لأي جماعة مسلحة. وكانت منطقة وزير ستان الشمالية آخر معاقل الجماعات المسلحة الإرهابية في المناطق القبلية الباكستانية، خصوصاً حركة طالبان باكستان التي تواجدت بكثافة في الإقليم، رغم عمليات الجيش المتواصلة على المديريات القبلية المتاخمة للحدود الأفغانية. ونفذ الجيش فيها عمليات منذ عام 2003 ضد من سماهم جماعات ومسلحين أجانب، إلى أن بدأ عمليات واسعة النطاق ضد حركة طالبان الباكستانية، بعد قيام عناصر من جناح منشق عنها (حركة الأحرار) بهجوم على مدرسة تابعة للجيش الباكستاني في مدينة بيشاور ديسمبر (كانون الأول) 2014، قتل فيه 149 طالباً ومدرساً بعد حصار الجيش للمدرسة وشنه هجوماً على المسلحين داخل المدرسة لإنقاذ الطلبة داخل المدرسة.
كما أن الإدارة الأميركية من أجل إعادة دعمها العسكري للجيش الباكستاني طالبته بشن عمليات واستئصال وجود «شبكة حقاني» وعدد من الجماعات الباكستانية الإرهابية، التي تقول واشنطن إنها تحظى بدعم من الجيش والاستخبارات الباكستانيين، غير أن إسلام آباد ترفض مثل هذه الاتهامات.
أفغانياً، اتهمت حركة طالبان الأفغانية القوات الأميركية بالتسبب في مقتل تسعة من المدنيين الأفغان في غارة ليلية قامت بها القوات الأميركية في مديرية شيرزاد في ولاية ننجرهار شرق أفغانستان. وجاء في تفاصيل الخبر أن القوات الأميركية قامت بتفجير بوابة أحد المجمعات السكنية بالقنابل، ومن ثم مداهمة المجمع، حيث تم اعتقال عدد من السكان المحليين ونهب ممتلكاتهم.
وكان 19 من القرويين، بينهم 14 طفلاً، لقوا مصرعهم بشكل مريع حين قصفت طائرة أميركية من دون طيار منازل في مديرية تشمكني في ولاية بكتيا، كما لقي مدنيان مصرعهما في مديرية أحمد آباد في ولاية بكتيا مساء الجمعة في غارة لطائرة أميركية دون طيار.
وأعلنت حركة طالبان، في بيان لها، أن مقاتليها تمكنوا من السيطرة على كمية كبيرة من الأسلحة في قاعدة عسكرية مهمة في ولاية لوجر جنوب العاصمة كابل. وكان مقاتلو «طالبان» حاصروا القاعدة العسكرية التي كان يوجد فيها 350 من أفراد القوات الحكومية، حيث عانوا من إصابات جراء القصف المتواصل من قوات «طالبان».
ولقي ثلاثة ضباط من القوات الأفغانية مصرعهم بعد استهدافهم في مدينة بولي علم مركز ولاية لوغر، كما لقي ثلاثة من الجنود الحكوميين في المدينة نفسها مصرعهم وأصيب ثلاثة آخرون، إضافة إلى إصابة ومقتل ضابط استخبارات. وكان مقاتلو «طالبان» هاجموا مركز مديرية خوشي ومقر الشرطة والاستخبارات الأفغانية فيها، دون ذكر تفاصيل نتائج الهجوم. من جانبها أعلنت السلطات المحلية في إقليم ننجرهار شرق أفغانستان أن القوات الأفغانية تمكنت من قتل وإصابة خمسمائة من المسلحين خلال ستة أشهر. وقال مكتب الإعلام في إدارة إقليم ننجرهار إن ما لا يقل عن 380 من المسلحين قتلوا خلال عمليات قام بها الجيش الأفغاني في مناطق أتشين، ونازيان، وتشابهار، وخوكياني، وباتشر أغام، وحسكة مينة، وغني خيل، وباتي كوت.
وأضاف البيان الحكومي أن «القوات الحكومية الأفغانية تمكنت من القيام بـ164 عملية خلال الأشهر الستة الماضية نتج عنها إصابة ما لا يقل عن 129 من المسلحين وأسر 371 مسلحاً آخر.
كما جاء في البيان، أن القوات الحكومية صادرت 225 قطعة سلاح و234 كيلوغراماً من المتفجرات و32 سيارة و263 لغماً أرضياً وكميات من الذخيرة. وأضاف البيان أن قوات الأمن الأفغانية استجابت لنداءات حول 143 حادثة إجرام خلال الفترة نفسه، بينها 14 حادثة خطف و68 حادثة قتل و27 حادثة سرقة ونهب و48 حادثة إجرام مختلفة. كما أن ثلاثين من المسلحين، حسب بيان الحكومة، تخلوا عن السلاح وانضموا لعملية السلام.
وأعلنت قيادة قوات «الناتو» في أفغانستان دعمها للحكومة الأفغانية مجدداً وخطط الحكومة من أجل تأمين سلامة إجراء الانتخابات البرلمانية بعد شهر تقريباً. وشدد الجنرال أندرو بوباس، الذي شارك في اجتماعات الأجهزة الأمنية الحكومية لتأمين الانتخابات في أفغانستان، على أن قوات «الناتو» ستقف بحزم مع الحكومة الأفغانية وأجهزتها الأمنية، وأن قوات «الناتو» ستؤمن كافة ما يمكن من مساعدة لإجراء الانتخابات. وكانت الحكومة الأفغانية أعلنت إبطالها مفعول قنبلة ضخمة في العاصمة كابل، بعد قول وزارة الداخلية الأفغانية إنها وجدت وأبطلت اللغم الأرضي الضخم في منطقة ده سبز في ضواحي العاصمة كابل صباح أمس.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟