ليبيون يطالبون برفع حظر السفر عن أرملة القذافي

أعاد الحظر الدولي بمنع السفر المفروض على عائلة معمر القذافي إلى واجهة الأحداث قضية صفية فركاش، أرملة الرئيس الليبي الراحل، مرة ثانية، حيث دعا عدد كبير من الأكاديميين والصحافيين والحقوقيين الليبيين إلى إطلاق مبادرة للتضامن معها، مطالبين مجلس الأمن الدولي بالعدول على قراره السابق، بما يسمح لها بالتنقل بحرية، والعودة إلى ليبيا «متى شاءت، قبل أن تلقى مصير زوجة الملك محمد إدريس السنوسي بالموت خارج البلاد».
وتضامن مع المبادرة أكثر من مائة شخصية ليبية، وأعلنوا أمس في بيانٍ رفضَهم «تعرُّض أرملة القذافي لمضايقات، وضغوط من جهات دولية تمنعها من البقاء مع ابنتها عائشة في مدينة مسقط بسلطنة عمان»، في حين تسمح تلك الجهات «لمن أجرموا ويجرمون في حق الليبيين بأن يصولوا ويجولوا، وترسل لهم الدعوات لحضور المؤتمرات والملتقيات الدولية، وما تشهده مدينة طرابلس خير مثال».
وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر قراراً في 27 من فبراير (شباط) 2011، أثناء اندلاع الانتفاضة الليبية، بفرض عقوبات على القذافي وأسرته، وبعض مساعديه بمنعهم من السفر، وتجميد الأرصدة. وعلى الرغم من أن وسائل إعلام محلية نقلت عن كارل سكاو، رئيس لجنة العقوبات الأممية المفروضة على ليبيا، أن اللجنة قبلت رفع الحظر عن سفر صفية فركاش، فإن الأخيرة استبعدت ذلك.
من جهتها، قالت خديجة الصادق، رئيسة «المنظمة الوطنية لأمازونات ليبيا»، «إن حق عودة السيدة صفية إلى ليبيا من عدمه أمر شخصي متروك لها وتحدده بنفسها، كمواطنة لها كل الحقوق الدستورية... ونحن نرفض الممارسات غير القانونية التي تمارسها بعض الجهات الدولية لتحديد مدة زيارتها لعائلتها في سلطنة عمان».
وأضافت الصادق، وهي إحدى الشخصيات الموقعة على البيان، في حديثها إلى «الشرق الأوسط»: «نرفع الصوت عالياً بضرورة عودة كل نساء ليبيا المهجّرات، لأن هذا يُعد خطوة مهمة لترسيخ المصالحة والسلام والاستقرار في البلاد... ونحن بصدد تجميع أكبر عدد من التوقيعات على بيان تضامني مع السيدة صفية لإرساله إلى الجهات الدولية، والمؤسسات المعنية في ليبيا».
وضمت قائمة التوقيعات كتاباً وأكاديميين وحقوقيين، أكدوا على «إدانتهم بشدة استمرار الحظر المفروض على فركاش منذ أكثر من سبع سنوات»، وقالوا في بيانهم: «نستنكر عرض طلب (السيدة) صفية لزيارة ابنتها على مجلس الأمن، في حين أن لجنة العقوبات سبق لها أن أكدت أكثر من مرة رفع الحظر، لكن فركاش نفت ذلك»، مشددين على أن «فركاش لم تجرم في حق الليبيين، ولم تحرض على القتل، ولم ترأس أية هيئة أو مؤسسة، ولم يصدر بحقها أي أحكام جنائية».
وأضاف البيان «إن صمتنا عن المظالم هو ما جعل الملكة فاطمة أحمد الشريف، زوجة ملك البلاد السابق محمد إدريس السنوسي، تقضي نحبها خارج الوطن... ونحن لا نريد أن يتكرر هذا الفعل الشائن».
وتوفيت الملكة فاطمة في القاهرة، ودُفِنت في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية. وغادرت الملكة ليبيا في أغسطس (آب) 1969 برفقة زوجها إلى تركيا، في رحلة للعلاج، وكانا بها عند قيام الانقلاب في أول سبتمبر (أيلول)، ثم عادت إلى القاهرة، فظلت تنعم بالضيافة من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ثم الرئيس محمد أنور السادات.
وتابع الليبيون الموقعون على البيان: «كم هو مخجل ألا تحصل سيدة ليبية على رقم وطني إلا بحكم محكمة، كما حدث مع (السيدة) صفية... فهذا مخالف لحق المواطنة الوارد في الإعلان الدستوري».
ويقول بعض المقربين إن فركاش استقرَّ بها المقام في القاهرة. لكن في نهاية الأسبوع الماضي نشرت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بياناً منسوباً إليها، حمل توبيخاً للأمم المتحدة، وتحدثت فيه عن زوجها وأبنائها، وقالت فيه: «لعله قد بلغكم أنني طالبت منذ أشهر بزيارة ابنتي عائشة لرؤيتها ورؤية أحفادي في سلطنة عمان، وبعد أن اجتمع مجلس الأمن للتشاور والنظر، تمت الموافقة. وعندما وصلت إلى أحفادي مرت الأيام سريعاً، فبدأت الاتصالات والضغوطات وسؤالي متى العودة، فطلبت تمديد الزيارة لبضعة أيام، وأمام إصراري أعاد مجلس الأمن الاجتماع بكامل أعضائه، فتمت الموافقة».
كما ذكَّرت أرملة القذافي بأولادها، وقالت: «لقد تناسيتم أمر ابني هنيبال، الذي اختُطِف وعُذّب، وإلى الآن هو مرتهن بأيدٍ طائفية بسبب قضية ملفَّقة، وقد كان يومها طفلاً يحبو لم يكمل العامين من عمره، في سابقة لم تعهدها الأعراف القانونية والأخلاقية».
وانتهت فركاش في حديثها إلى ابنها الساعدي، الذي برَّأته محكمة ليبية في طرابلس، وقالت إنه «لا يزال مخطوفاً في سجون الميليشيات، فضلاً عن سيف الإسلام المتهم زوراً من قبل محكمة الجنائيات الدولية».
ويخضع هنيبال للاحتجاز من قبل السلطات اللبنانية، بعد صدور مذكرة توقيف بحقه في قضية فقدان الإمام موسى الصدر، ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.