مقتل طفل في غرق مركب يقل نازحين سوريين أمام سواحل شمال لبنان

صورة وزعها الجيش اللبناني عن عملية الإنقاذ (أ.ب)
صورة وزعها الجيش اللبناني عن عملية الإنقاذ (أ.ب)
TT

مقتل طفل في غرق مركب يقل نازحين سوريين أمام سواحل شمال لبنان

صورة وزعها الجيش اللبناني عن عملية الإنقاذ (أ.ب)
صورة وزعها الجيش اللبناني عن عملية الإنقاذ (أ.ب)

أعادت حادثة غرق مركب بحري يقل نحو 39 شخصاً، معظمهم من النازحين السوريين، يوم أمس السبت قبالة الشاطئ في منطقة عكار بشمال لبنان، تسليط الضوء على عمليات الهجرة غير الشرعية التي تكثفت في العامين 2015 و2016 في لبنان.
إذ رجّح وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي أن يكون السبب وراء تنشيط هذه العمليات مجدداً، خلال هذا الشهر، محاولة لابتزاز المجتمع الدولي غير المتجاوب مع طلب روسيا إطلاق وتمويل عملية إعادة الإعمار في سوريا. لكن أحد القياديين في «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) نبّه من مخاطر وصول «إرهابيين» من مدينة إدلب السورية إلى مدينة طرابلس اللبنانية «من خلال عمليات تهريب منظمة تنشط عبر بعض المعابر المعروفة على الحدود الشمالية وتتولاها عصابات تهريب من الجانبين اللبناني والسوري».
هذا، وكان الجيش اللبناني قد أعلن يوم أمس في بيان أن دورية من القوات البحرية عملت على انتشال جثة طفل يبلغ من العمر 5 سنوات وإنقاذ نحو 39 شخصا آخرين من الجنسية السورية كانوا متوجهين إلى قبرص بطريقة غير شرعية، وذلك بعد توافر معلومات عن تعرض مركب بحري للغرق قبالة شاطئ الشيخ زناد في منطقة عكار الشمالية. وأفاد البيان أنه جرى نقل أربعة أشخاص إلى مستشفيات المنطقة، بمساعدة الصليب الأحمر اللبناني، وأنه تجري متابعة الموضوع بالتنسيق مع السلطات المختصة. وفي وقت لاحق، أفادت مصادر متقاطعة أن من بين الأشخاص الذين كانوا في المركب لبنانيين وفلسطينيين أيضاً.
من جهته، أشار وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أعدادا كبيرة من المهاجرين وصلت خلال هذا الشهر إلى قبرص آتية من لبنان. ولفت إلى أنه «من غير المستبعد أن يكون السعي لتنشيط عمليات التهريب مجدداً وتسليط الضوء عليها عبر الإعلام، رسالة للمجتمع الدولي، وبالتحديد أوروبا وأميركا، اللتين لم تتجاوبا مع طلب روسيا تمويل عملية إعادة الإعمار في سوريا والتي تشكل أحد أبرز العناصر التي تشجع عودة النازحين إلى بلدهم». وأردف «الأرجح أنها عملية ابتزاز».
في المقابل، اعتبر النائب أسعد درغام، عضو تكتل «لبنان القوي» (التابع للتيار العوني)، أن حادثة غرق النازحين السوريين في عرض البحر صباح يوم أمس، تؤكد ضرورة تأمين العودة الآمنة للنازحين إلى بلادهم. وشدد على أن «مجازفة اللاجئين بحياتهم وحياة أطفالهم يؤكد مدى إهمال المجتمع الدولي لهذه القضية الإنسانية». ومن ثم، دعا درغام إلى «الكشف عن شبكات المتاجرة بالبشر والسماسرة الذين يعمدون إلى إغداق الوعود لترغيب النازحين قبل أن يتركوهم لمصيرهم في عرض البحر». وتابع أن «المعطيات الأمنية تؤكد تورّط الكثير من الأشخاص، بينهم لبنانيون، تمكنوا من تجميع النازحين من أكثر من منطقة لبنانية قبالة شاطئ عكار مقابل مبالغ مالية كبيرة».
في هذه الأثناء، يذكر مصدر ميداني في شمال لبنان أن عمليات تهريب السوريين من لبنان إلى تركيا أو قبرص لم تتوقف طوال السنوات الماضية، لكن لا يُسلّط الضوء على الملف إلا عند غرق أحد المراكب. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العشرات لا بل المئات اللبنانيين باتوا في أوروبا من خلال صعودهم فيما يُعرف بـ«مراكب الموت».
أما مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، فأشار إلى أن عمليات تسلل السوريين إلى دول أوروبا مستمرة، وتجري بشكل أساسي من ليبيا وتركيا ولبنان ومصر. واستطرد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «بعضها يتكلل بالنجاح وبعضها الآخر يبوء بالفشل». ورجّح أن يستمر الوضع على ما هو عليه رغم كل محاولات السلطات المحلية ضبطه حتى انتهاء العمليات العسكرية في سوريا بشكل كامل وانطلاق الحل السياسي.
للعلم، تزامنت حادثة غرق المركب مع كلام جيمي جبور، عضو المجلس السياسي في «التيار الوطني الحر» عن «عمليات تهريب منظمة تتم في الآونة الأخيرة عبر بعض المعابر المعروفة على الحدود الشمالية وتتولاها عصابات تهريب من الجانبين اللبناني والسوري، بدءاً من إدلب السورية وصولا إلى عمق المناطق اللبنانية». وأشار القيادي العوني إلى «أن استمرار هكذا عمليات بتغطية واضحة سوف تدفعنا إلى كشف جميع المتدخلين والمحرضين المحليين، من رؤساء بلديات ومخاتير وسواهم، لمنع بعض القوى الأمنية من القيام بدورها، وتشكيل بيئات حاضنة لاستيراد الإرهاب، سيما أن أدوارا سابقة قام بها البعض في السنوات الأولى للحرب السورية لم تعد مقبولة اليوم». ودعا جبور وزير العدل والنيابات العامة وقادة الأجهزة الأمنية، إلى «تحمل المسؤولية الوطنية الكبرى بمنع انتقال الإرهاب من إدلب إلى طرابلس وبيروت».
الوزير المرعبي علّق على هذا الكلام معتبراً أن «المعلومات التي أدلى بها جبور قد تكون صحيحة، باعتبار أن عمليات التهريب مستمرة عبر الحدود الشرقية والشمالية لعجز الجيش عن ضبطها بالكامل نظرا للمساحات الكبيرة. لكن لا يمكن الحسم ما إذا كان الأشخاص الذين يتسللون آتون من إدلب نظرا لبُعد المسافات واضطرارهم لتجاوز الكثير من الحواجز». ثم تابع «تنشط كثيرا في الآونة الأخيرة عمليات تهريب المازوت والبنزين، مع الإشارة إلى أن عمليات التهريب تتم من وإلى سوريا، وإلا كيف نفسر استمرار حزب الله بإيفاد عناصره للقتال هناك؟».
غير أن رؤساء بلديات ومخاتير منطقة وادي خالد (الشمالية الحدودية مع سوريا) ردوا على كلام جبور، وأكدوا أن منطقتهم تحت القانون وأهلها متعاونون مع كل أجهزة الدولة والجيش اللبناني. وقالوا في بيان «نحن لا نسمح بأي اتهام سياسي أو انتخابي أو لأي محسوبية تذكر بحق المرجعيات في منطقتنا». وقالت مصادر المجتمعين لـ«الشرق الأوسط» بأن «الحدود الشمالية ممسوكة من الطرفين اللبناني والسوري، وبالتالي، إن كان هناك من عمليات تهريب فهي فردية ومحدودة جداً، خاصة، أن الفرقة الرابعة والقوات الروسية و«قوات الدفاع الوطني» السوري كلها تنتشر قبالة منطقتنا ما يجعل من المستحيل تصديق رواية جيمي جبور».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.