محاولة مصرية جديدة في غزة لـ«إنقاذ المصالحة»

اجتماعات «صعبة» مع قيادة «حماس»... والحركة ترفض «الحلول الجزئية»

أم وابنتاها ينتحبن في منزلهن بمدينة غزة خلال تشييع جثمان كريم كلّاب الذي قُتل خلال مواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي أول من أمس (أ.ب)
أم وابنتاها ينتحبن في منزلهن بمدينة غزة خلال تشييع جثمان كريم كلّاب الذي قُتل خلال مواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي أول من أمس (أ.ب)
TT

محاولة مصرية جديدة في غزة لـ«إنقاذ المصالحة»

أم وابنتاها ينتحبن في منزلهن بمدينة غزة خلال تشييع جثمان كريم كلّاب الذي قُتل خلال مواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي أول من أمس (أ.ب)
أم وابنتاها ينتحبن في منزلهن بمدينة غزة خلال تشييع جثمان كريم كلّاب الذي قُتل خلال مواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي أول من أمس (أ.ب)

قالت مصادر فلسطينية إن زيارة الوفد المصري لقطاع غزة، أمس، استهدفت «إنقاذ المصالحة» الفلسطينية بعدما وصلت إلى طريق شبه مسدودة.
وأكدت المصادر أن الوفد المصري الذي ضمَّ اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية، والمستشار مصطفى شحاتة، القنصل المصري الجديد في رام الله، التقى قيادة «حماس»، وأجرى معها محادثات ركّزت في شكل أساسي على «ضرورة إيجاد صيغة متفق عليها لإنجاز المصالحة أولاً ثم الوصول إلى اتفاق تهدئة».
وأضافت المصادر أن «الوفد المصري أراد تجنّب أزمة كبيرة مرتقبة في حال اتخذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرارات جديدة متعلقة بالقطاع». وتابعت أن «المسؤولين المصريين عرضوا على مسؤولي حماس نتائج مباحثاتهم مع وفد فتح، واستكشفوا إمكانية إقناع (حماس) بتسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية وتأجيل بعض الطلبات مثل رفع العقوبات باعتبارها ستصبح تحصيلَ حاصلٍ بعد المصالحة».
وكان وفد من «فتح» أنهى قبل أيام زيارة لمصر وسط تبادل كبير للاتهامات مع «حماس» حول إفشال الجهود المصرية. واعتبرت «فتح» أن «حماس» تفضّل الذهاب إلى اتفاق تهدئة مع إسرائيل على حساب المصالحة الفلسطينية. وردت «حماس» بمهاجمة «فتح» واتهمتها بتشديد العقوبات على غزة.
ونشرت «الشرق الأوسط» أن الرئيس الفلسطيني على وشك اتخاذ «قرار كبير» بوقف تمويل قطاع غزة بالكامل، إذا لم تستجب «حماس» لجهود المصالحة وتسلّم القطاع للسلطة الفلسطينية. وفي هذا السياق، أفيد بأن وفد «فتح» قرر أن تكون زيارته هي الأخيرة لمصر للتباحث بشأن المصالحة إلا إذا وافقت «حماس» على تسليم قطاع غزة لحكومة التوافق.
وحذّر عضو المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية، أمس، من أن أي عقوبات جديدة تفرضها السلطة ستقابلها إجراءات «فصائلية وشعبية» مماثلة لـ«يرتد السهم على راميه». وأضاف الحية في مقابلة مع صحيفة «فلسطين» المحلية التابعة لـ«حماس»: «إذا ما صحَّت التهديدات وأقدم عباس على أي عقوبات جديدة فهو يعزل نفسه عن هذا الشعب وسيتجاوزه التاريخ والشعب».
كما هاجم الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم التهديدات بفرض عقوبات جديدة، قائلاً: «إن ارتكاب أي حماقات بحق غزة الثائرة لعب بالنار وسيكون لها ما بعدها، وستدشن لمرحلة جديدة ستتجاوز حدود تفكيرهم وتخطيطهم».
واستأنفت مصر جهودها لإنجاح المصالحة هذا الشهر بعد أن أوقفت مباحثات التهدئة التي رعتها بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل الشهر الماضي، بعد تهديدات عباس بأنه لن يسمح باتفاق تهدئة في قطاع غزة باعتباره يُسهِم في فصل القطاع عن الضفة، ومدخلاً لما يُعرف بـ«صفقة القرن». ورفض عباس مشاركة «فتح» في هذه المباحثات، وهدد بوقف التمويل المالي إذا ذهبت «حماس» إلى اتفاق منفصل مع إسرائيل. وطلب عباس أولاً إنجاح المصالحة باعتبار أن منظمة التحرير هي الجهة الوحيدة المخولة بتوقيع اتفاق مع إسرائيل وليس أي فصيل آخر.
وأصر عباس أولاً على توقيع اتفاق مصالحة يسبق التهدئة. وتمسكت «فتح» في مصر بالتمكين الشامل في قطاع غزة، بما يشمل قوى الأمن والقضاء وسلطة الأراضي والجباية المالية والمعابر، تحت شعار «سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد». ورفضت «فتح» ربط قرارات الرئيس المتعلقة بغزة بالمصالحة الداخلية، كما رفضت اقتراح دفع رواتب موظفي «حماس» العسكريين من خلال الجباية في غزة.
وردَّت «حماس» برفضها موقف «فتح» ورفضها أي تعديلات على الورقة المصرية الأولى، وقالت إنها لن تسلم قطاع غزة إلى السلطة دون شروط، متمسكة بـ«رفع العقوبات التي فرضتها السلطة كخطوة أولى، والعمل على تشكيل حكومة جديدة تضم جميع الفصائل والمستقلين، مهمتها وضع حلول للأزمات التي تعصف بالقطاع، وفي مقدمها ملف الصحة والكهرباء وكذلك رواتب موظفيها والالتزام الكامل بدفع رواتبهم والعمل على وجود ضامن واضح لعدم الاستغناء عن أي منهم وضمان حقوقهم التي وفرتها لهم (حكومة حماس) من أراض وغيرها، وأن يتم حل ملف الأمن دون أي إقصاء للقيادات الأمنية التابعين لـ(حماس)، وكذلك أي من موظفيها، والعمل على دمجهم بشكل كامل في إطار مؤسسة أمنية كاملة تعمل وفق عقيدة وطنية ثابتة».
كما أبلغت «حماس» المصريين بأن «سلاح المقاومة سيُستثنى من أي مفاوضات في إطار المصالحة، وأن جميع الفصائل سيكون لها الحق في الحفاظ على سلاحها ومقدراتها العسكرية كافة، وكذلك المواقع الخاصة بها دون المساس بها بحجة أنها أرض حكومية». وأبلغت «حماس» المصريين أمس بالمواقف نفسها. وقالت المصادر إن قيادة «حماس» رفضت ما وصفته بـ«حلول جزئية».
ووصفت المصادر الاجتماعات الطويلة بـ«الصعبة». ويفترض أن يجتمع مكتب «حماس» السياسي من أجل بلورة رد على مصر.
واختارت «حماس» التصعيد الميداني في غزة بدل مفاوضات المصالحة في الوقت الراهن، على أمل جرِّ الوسطاء إلى إطلاق محادثات التهدئة مجدداً. ووصل الوفد المصري إلى غزة أمس مع اشتعال 6 حرائق في غلاف غزة في رسالة مباشرة من «حماس» حول التصعيد والعودة إلى الطائرات الحارقة بعد أن أوقفتها لأسابيع.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن طواقم الدفاع المدني الإسرائيلي عملت على إخماد 6 حرائق اندلعت في مستوطنات «غلاف القطاع» بفعل الطائرات الورقية المرسلة من القطاع. ولم يحدث هذا الأمر منذ نحو شهر، في إشارة إلى رغبة «حماس» في التصعيد على حدود قطاع غزة مع إسرائيل.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.