بيكاسو ما زال يبيض ذهباً أزرق ووردياً

300 عمل للرسام الإسباني في معرض باريسي

يقدم المعرض 300 عمل لبيكاسو من مرحلتين شهيرتين في مسيرته كرسام: الفترة الزرقاء والفترة الوردية
يقدم المعرض 300 عمل لبيكاسو من مرحلتين شهيرتين في مسيرته كرسام: الفترة الزرقاء والفترة الوردية
TT

بيكاسو ما زال يبيض ذهباً أزرق ووردياً

يقدم المعرض 300 عمل لبيكاسو من مرحلتين شهيرتين في مسيرته كرسام: الفترة الزرقاء والفترة الوردية
يقدم المعرض 300 عمل لبيكاسو من مرحلتين شهيرتين في مسيرته كرسام: الفترة الزرقاء والفترة الوردية

بعد كل معرض استعادي كبير، يتصور عشاق بيكاسو أنهم تشبعوا حد التخمة بما شاهدوه من لوحات الرسام الأشهر في القرن العشرين، لكنهم يفاجأون في الأشهر التالية بمعرض جديد يشتمل على أعمال لم تجتمع تحت سقف واحد من قبل، وبموضوع مثير يربط في ما بينها، مثل الموت أو الرقص. وها هو متحف «أورساي» للفن الحديث، في باريس، يفتح أبوابه لمعرض عن السنوات المبكرة من حياة بابلو بيكاسو، المولود سنة 1881 في ملقة بإسبانيا، والمتوفى سنة 1973 في موجان بفرنسا؛ إنها تلك السنوات التي جاء فيها إلى باريس وكله ثقة بأنه سيصبح فناناً كبيراً، وهي أيضاً الفترة التي طبعت مرحلتين شهيرتين من مراحل مسيرته كرسام: الفترة الزرقاء، والفترة الوردية.
ما الذي جعله يختار اللون الأزرق، بكل تدرجاته وضبابيته، للفترة الأولى؟ وهل تغيرت نفسيته بعد ذلك، فانطلق يلون لوحاته بألوان وردية شفافة وحمراء متوهجة؟ من المفارقات أن المبنى الذي يحتضن المتحف كان في الأساس محطة للقطار، وهي المحطة ذاتها التي نزل فيها الشاب الإسباني بابلو رويز أول وصوله إلى باريس، في خريف 1900. كان يومها في الثامنة عشرة من العمر، يرسم النساء والأطفال، ويرسم نفسه، ويقلد ما رسمه آخرون قبله، ويكشف عن مهارة مدهشة في الخطوط والألوان. صنع لنفسه اسماً في غابة يقصدها رسامون من كل البلاد، ولفتت لوحاته الأنظار بفرادة أسلوبها وجرأة تكويناتها؛ كل ذلك قبل أن يصل إلى المرحلة التكعيبية من نبوغه الفني.
فنان عاش طويلاً، وكان غزير الإنتاج؛ ترك وراءه آلاف الأعمال، ما بين رسم ونحت وتخطيط وخزف وخشب. وفي هذا المعرض الذي يستمر حتى بدايات العام المقبل، يجد الزائر 300 عمل، بينها 80 لوحة، و150 رسماً، وبضعة تماثيل. ولأجل جمع كل هذه «الثروة»، كان لا بد من تعاون عدة متاحف ومؤسسات فنية وأصحاب مجموعات خاصة، في فرنسا وسويسرا وروسيا والولايات المتحدة، لم تتأخر في إعارة ما تملك من أعمال تنتمي للمرحلتين الوردية والزرقاء من مسيرة بيكاسو. إنها المرة الأولى التي تحتضن فيها باريس هذا العدد من اللوحات التي تخص تلك الفترة المبكرة من حياته، قبيل بلوغه منتصف العشرينات من العمر، وهي فترة ترى مديرة متحف «أورساي»، لورونس دي كار، أنها عانت من إهمال مؤرخي الفن. لقد كان الرسام برعماً نابتاً لم يصبح أحد أساطين المشهد التشكيلي في القرن العشرين بعد، بل كان نتاج فنون القرن التاسع عشر.
أما رئيس متحف بيكاسو في باريس، لوران لوبون، فلا يخفي غبطته بأن هذا المعرض يشكل مصدراً للبهجة وللحنين في آن. وقد كان يمكن للرئيس أن يتمنى استضافة هذه اللوحات في متحفه، لكن «أورساي» هو المكان الأنسب، لأنه كان مهبط الفنان الأول في عاصمة النور، التي يدين لها بشهرته العالمية. ومع هذا، فإن الهجرة من مسقط الرأس لم تكن يسيرة على بيكاسو، بل إنه واصل في سنواته الأولى القيام برحلات مكوكية بين باريس وبرشلونة، مشحوناً برياح الحداثة التي تلفح وجهه في فرنسا، ومنصرفاً عن الرسم الكلاسيكي الإسباني الذي أراد له أبوه أن يبرع فيه.
تخلى الشاب اليافع عن ألوانه الحارة، وبدأ الأزرق الهادئ يهيمن على لوحاته. وبعد ذلك، راح يميل للأصفر الصديدي وللوردي. وكان يستلهم رسامين كباراً سبقوه، أمثال دومييه وأنغر وكوربيه ومانيه وتولوز لوتريك وديغا وألغريكو وغويا وفان غوخ، ثم سرعان ما قبض على أسلوبه الخاص، ولم يعد يقلّد أحداً، بل صار له عشرات المقلدين. إنه الرسام التي يسبر أعماق الوجه البشري، والعينين، وتفاصيل اليدين، ويرسم الأجساد بأشكال مبتكرة لم تخطر على بال مجايليه. وقد حاول أن يظهر في باريس بمظهر البرجوازي الذي يعتمر قبعة عالية، ثم سحبته المرابع الفنية إليها، فتبنى هيئة البوهيمي. وكان في البداية يمهر رسوماته بتوقيع «بي آر بيكاسو»، وفي 1901 وضع توقيع «يو بيكاسو» على إحدى لوحاته. ولعل مما ترك أثره عليه في تلك الفترة الغياب المفاجئ لصديقه الرسام كارل كازاجيماس، الذي انتحر في أحد مطاعم حي مونبارناس برصاصة في الرأس بسبب حب يائس. من يومها، لم يعد قلب بيكاسو خفيفاً، بل تفرغ لعمل عدة أقنعة مستوحاة من ملامح صديقه القتيل. إنها الملامح المأساوية التي تظهر حتى عندما يرسم نساء المتعة أو المحتجزات وراء قضبان سجن «سان لازار». ومن تلك اللوحات واحدة بعنوان «الحياة»، رسمها سنة 1903، وتعتبر من أمهات أعماله، ويبدو فيها صديقه الراحل ملفوفاً بجسد امرأة تحمل طفلاً قبالة البحر. وكانت تلك اللوحة فاتحة لسلسلة تتواجه فيها الطفولة مع الموت وكأنها تتحداه، ثم جاء اتجاهه لرسم الأجساد ليسجل فاتحة أسلوبه التكعيبي.
معرضاً بعد معرض، ما زال الإسباني هو الدجاجة التي تبيض ذهباً لكل مستثمري تركته الفنية الغزيرة. من يشبع من تأمل العبقرية؟



الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
TT

الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)

توصلت دراسة من جامعة إمبريال كوليدج لندن في بريطانيا إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز فرص الحمل لدى السيدات الخاضعات للتلقيح الصناعي.

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تسلط الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين نتائج العلاج وتقديم رعاية أكثر دقة للمريضات، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية (Nature Communications).

ويذكر أن التلقيح الصناعي إجراء طبي يساعد الأزواج الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب على تحقيق الحمل. وفي هذا الإجراء، يتم استخراج البويضات من المبايض لدى السيدات بعد تحفيزها بواسطة أدوية هرمونية، ثم يتم تخصيبها بالحيوانات المنوية للرجال في المختبر. وبعد التخصيب، يتم مراقبة نمو الأجنة في المختبر، ثم يتم اختيار أفضل الأجنة لنقلها إلى رحم المرأة في أمل حدوث الحمل.

وتمر العملية بخطوات أولها تحفيز المبايض باستخدام أدوية هرمونية لزيادة إنتاج البويضات، ثم مراقبة نمو الحويصلات التي تحتوي على البويضات عبر جهاز الموجات فوق الصوتية. وعند نضوج البويضات، تُجمع بواسطة إبرة دقيقة وتُخصّب في المختبر. وبعد بضعة أيام، تنُقل الأجنة المتطورة إلى الرحم لتحقيق الحمل.

ويُعد توقيت إعطاء حقنة الهرمون أمراً حاسماً في نجاح العملية، حيث يستخدم الأطباء فحوصات الموجات فوق الصوتية لقياس حجم الحويصلات، لكن تحديد التوقيت المناسب يعد تحدياً.

وفي هذه الدراسة، استخدم الباحثون تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات أكثر من 19 ألف سيدة خضعن للعلاج. ووجدوا أن إعطاء حقنة الهرمون عندما يتراوح حجم الحويصلات بين 13 و18 ملم كان مرتبطاً بزيادة عدد البويضات الناضجة المسترجعة، مما أدى إلى تحسن ملحوظ في معدلات الحمل.

وبينما يعتمد الأطباء حالياً على قياس الحويصلات الأكبر فقط (أكثر من 17-18 ملم) لتحديد توقيت الحقن، أظهرت الدراسة أن الحويصلات المتوسطة الحجم قد تكون أكثر ارتباطاً بتحقيق نتائج إيجابية في العلاج.

كما أظهرت النتائج أن تحفيز المبايض لفترات طويلة قد يؤدي لارتفاع مستويات هرمون البروجستيرون، مما يؤثر سلباً على نمو بطانة الرحم ويقلل من فرص نجاح الحمل.

وأشار الفريق إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتيح للأطباء اتخاذ قرارات أكثر دقة في توقيت هذا الإجراء، مع الأخذ في الاعتبار أحجام الحويصلات المختلفة، وهو ما يتجاوز الطرق التقليدية التي تعتمد فقط على قياس الحويصلات الكبرى.

وأعرب الباحثون عن أهمية هذه النتائج في تحسين فعالية التلقيح الصناعي وزيادة نسب النجاح، مشيرين إلى أن هذه التقنية تقدم أداة قوية لدعم الأطباء في تخصيص العلاج وفقاً لاحتياجات كل مريضة بشكل فردي.

كما يخطط الفريق لتطوير أداة ذكاء اصطناعي يمكنها التفاعل مع الأطباء لتقديم توصيات دقيقة خلال مراحل العلاج؛ ما سيمكنهم من تحسين فرص نجاح العلاج وتحقيق نتائج أفضل.