الهجرة وإعادة إنتاج الأعمال الأدبية المعاصرة في أفغانستان

الكاتب والشاعر الأفغاني عزيز الله نهفتة: تركت تأثيرا إيجابيا على أدب المهجر

الناقد الأدبي المقيم في كابل منوتشهر فراديس  -  عزيز الله نهفتة يقيم في السويد  -  عارف فرمان صاحب رواية «أفغاني» والمقيم في السويد
الناقد الأدبي المقيم في كابل منوتشهر فراديس - عزيز الله نهفتة يقيم في السويد - عارف فرمان صاحب رواية «أفغاني» والمقيم في السويد
TT

الهجرة وإعادة إنتاج الأعمال الأدبية المعاصرة في أفغانستان

الناقد الأدبي المقيم في كابل منوتشهر فراديس  -  عزيز الله نهفتة يقيم في السويد  -  عارف فرمان صاحب رواية «أفغاني» والمقيم في السويد
الناقد الأدبي المقيم في كابل منوتشهر فراديس - عزيز الله نهفتة يقيم في السويد - عارف فرمان صاحب رواية «أفغاني» والمقيم في السويد

شهدت أفغانستان التي خاضت حروبا أهلية منذ نظام الحكم اليساري حتى حكم طالبان، ظهور وتطور «أدب المهجر» منذ نحو خمسة وثلاثين عاما وأصبح هذا الصنف الأدبي جزءا من الأدب المعاصر في البلاد. ويعزو الكثير من المراقبين النجاح الذي حققه الأدب المعاصر في أفغانستان على الصعيد العالمي إلى أدب المهجر إلى حد كبير.
يرى الكثير من الأفغان الذين يقيمون في الدول التي تشاطرهم اللغة على غرار إيران أن الأدب الأفغاني تمكن من تحقيق إنجازات أكثر في إيران بسبب الثقافة واللغة المشتركة. وأدت الهجرة إلى تطور وازدهار أعمال الكتاب الأفغان الأدبية، وذلك بغض النظر عن الظروف العصيبة التي مروا بها على غرار الوحدة، والجوع، والبطالة، وعدم التمتع بفرصة عمل ملائمة.
وساهم الجيل الذي ترعرع في إيران في تطوير جزء من أدب المهجر، وتركت أشعار شعراء إيرانيين على غرار فروغ فرخزاد، وفريدون مشيري، وسهراب سبهري، ونادر نادربور، وقيصر أمين بور، و... تأثيرا على هذا الجيل من الكتاب الأفغان.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو عن الآثار الإيجابية والسلبية للهجرة على الكتاب الأفغان؟
ويرى الشاعر والكاتب الأفغاني المقيم في السويد عزيز الله نهفتة في حوار مع «الشرق الأوسط» أن ترجمة الأعمال الأدبية للكتاب الأكثر شبابا إلى اللغات الأوروبية تدل على تطور وازدهار الأدب الروائي الأفغاني، ويضيف «تركت الهجرة من دون شك تأثيرا إيجابيا على الأدب في أفغانستان. وساهم الأعمال الأدبية للكتاب سواء من هاجروا إلى الدول الغربية أو الذين توجهوا إلى إيران في تطور الأدب الأفغاني».
وأشار نهفتة إلى أن الناشرين في أفغانستان تعلموا أساليب النشر، والطباعة من دول على غرار إيران وباكستان، وقال «دخلت عملية التنقيح بأسلوبها المحترف إلى البلاد على أثر هجرة الأفغان إلى إيران. وإن العائدين من إيران هم الأفضل في الوقت الحالي في ممارسة مهنة التنقيح في أفغانستان».
ويعتقد صاحب رواية «الرسوم الوهمية» أن «الكتاب في الدول الغربية تخلصوا بشكل أكبر من هيمنة الرقابة الذاتية، وتناولوا المواضيع المحرمة في أفغانستان».
وبعد مرور ثلاثة عقود من الحروب في أفغانستان، ظهرت روايات على غرار «كاغذ بران باز» لخالد حسيني، و«سنك صبور» لعتيق رحيمي، و«أفغاني» لعارف فرمان، و«دست شيطان» لعزيز الله نهفتة مما مهد الطريق لانتشار الأعمال الأدبية الأفغانية في أوروبا.
وقال نهفتة إن رواية «بادبادك باز» لخالد حسيني تتناول قضية التفوق العنصري، ويناقش عتيق رحيمي بكر، وتازه في رواياتهما القضايا المذهبية، وقضايا المرأة وهي تعد من المحرمات في الثقافة الأفغانية.
ويقول الروائي الأفغاني المقيم في السويد عارف فرمان إن الهجرة تترك تأثيرا جادا على الكتاب والأدب، حيث يتبنى أدباء المهجر نظرة متعددة الأطراف أو متقاطعة. ويشعر أدباء المهجر الذين تعرفوا على ثقافة بلد المهجر بحجم تأثير الهجرة على الأدب أكثر من الكتاب الذين لم يتأثروا بثقافات أخرى.
وأضاف صاحب رواية «أفغاني» «تنقل أعمال الترجمة هذا التأثير ولكن ليس بشكل كبير. يعكس الكاتب الأفغاني الإنجازات التي حققتها الدول الأخرى والتراجع الذي تشهده البلاد في أعماله بشكل بارز، ويحاول سد الفراغ من خلال كتاباته».
ويقول عارف فرمان «يسعى الكتاب الأفغان أن يفتحوا الطريق بين الكتاب العالميين، الأمر الذي يمثل من دون شك خطوة جيدة. إذا أخذنا روايات خالد حسيني - الروائي المعروف في أفغانستان - على سبيل المثال، فهو يروي المصائب التي تعاني منها أفغانستان وكأن العالم لم يكن على علم بها».
وأشار عارف إلى روايات الروائي الأفغاني عتيق رحيمي الذي يسعى لخلق أعمال روائية تقدم الكتاب الأفغان على المستوى العالمي. يترك هذان الروائيان تأثيرا جادا على مسار الرواية في أفغانستان، وفي أدب المهجر.
ويرى عارف أن أفغانستان تقوم بعملية إنتاج وإعادة إنتاج الأعمال الروائية الجادة، ما يمهد الطريق لإيجاد أفغانستان أفضل. وحمل كتاب على غرار حسين محمدي، وعزيز الله نهفتة، وخالد نويسا، والكتاب الذين يقيمون في دول مثل باكستان، وإيران لسنوات كثيرة نظرة أخرى ساهمت في إغناء النتاجات الأدبية في أفغانستان.
يقول الكاتب، والناقد الأدبي المقيم في كابل منوتشهر فراديس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بشأن تأثير الهجرة على النتاجات الأدبية وذلك نظرا لفرض الرقابة الدينية عليها «هذان موضوعان منفصلان. لم تحظ أفغانستان أبدا باستثناء الثمانينات بتشكیلات منظمة من الكتاب والأدباء وبالتالي لم تشكل الرقابة المذهبية تحديا حقيقيا ولم تكن السبب في هجرة الكتاب والأدباء بهدف التمكن من التعبير بحرية. وبالتالي لا يمكن القول إنها تركت الهجرة تأثيرا إيجابيا أم سلبيا على الأدب الأفغاني».
ويعتقد بعض الكتاب والنقاد الأدبيين المطلعين على ظروف قطاع النشر في أفغانستان أن الكتاب في أفغانستان مضطرون إلى التأقلم مع الظروف الثقافية، وفرض الرقابة الذاتية.
ويرى فراديس أن «الكاتب الأفغاني لم يهتم خلال السنوات الثلاث عشرة الأخيرة بالرقابة».
وأضاف صاحب رواية «سنوات العزلة» أن «الكاتب الأفغاني يعاني من الرقابة الذاتية أكثر من الأنواع الأخرى للرقابة. لم تتمتع المدن الكبرى في أفغانستان حاليا بالطابع التقليدي في الوقت الذي لم تحمل ميزات المجتمع الحديث بعد. تترسخ فكرة الرقابة الذاتية في اللاوعي للكاتب، مما يقود إلى تطبيقه بوعي كامل».
ويقول فراديس إن القضايا على غرار القومية، والمذهب، والمنصب، واللغة، والعرف، والجنس في أفغانستان تثير التحديات، ما يؤدي بالكاتب أن يقوم بفرض الرقابة الذاتية.
تعد الهجرة من دون شك من العوامل التي تؤثر على الأدب في الدول المختلفة. ويمكن القول إن الأدب لا يكتمل إلا بالأدب المعاصر. وتؤثر عناصر على غرار البيئة الجديدة، ولغة المهجر، والهوية الجديدة على جسد وروح أدباء المهجر.
وسجلت عملية هجرة الكتاب ارتفاعا منذ حكم اليساريين، وتنظيم طالبان حتى الآن كما يعتقد فراديس الذي أكد أن «الذين هاجروا إلى إيران تأثروا بالأدب الإيراني، حيث ترك الأدب الإيراني تأثيرا إيجابيا على أعمالهم الأدبية».
وأشار هذا الناقد الأدبي إلى الكثير من الكتاب الذين كانوا ينشطون في إيران، وذاع صيتهم هناك، وأصبحوا معروفين في أفغانستان. ويرى فراديس أن الكتاب الأفغان يشتهرون أولا في أفغانستان، ويذيع صيتهم في خارج البلاد، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على إيران.
يعد أدب المهجر محصول الاضطرابات الاجتماعية، والسياسية، والطبيعية، وغيره في الدول المختلفة. وانطلق أدب المهجر بهجرة كتاب على غرار إرنست همينغوي، وميلان كونديرا منذ السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية، وتستمر عملية هجرة الكتاب من جميع الدول حتى الآن. ويرى الكثير من المراقبين أن عملية هجرة الكتاب ستستمر ما استمرت الاضطرابات الاجتماعية، والسياسية، والحروب الأهلية في العالم.

* الخدمة الفارسية لـ«الشرق الأوسط» - شرق بارسي



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».