توافق أميركي ـ إيراني هش يهيمن على صفقات الرئاسات الثلاث في العراق

مهلة قبول طلبات الترشيح لرئاسة الجمهورية تنتهي غداً

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يلقي خطبة الجمعة في احد مساجد الكوفة (رويترز)
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يلقي خطبة الجمعة في احد مساجد الكوفة (رويترز)
TT

توافق أميركي ـ إيراني هش يهيمن على صفقات الرئاسات الثلاث في العراق

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يلقي خطبة الجمعة في احد مساجد الكوفة (رويترز)
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يلقي خطبة الجمعة في احد مساجد الكوفة (رويترز)

تنتهي غدا آخر مهلة لتقديم أوراق المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية بينما تنتهي المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس من بين المرشحين في الثالث من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وطبقا للخبير القانوني طارق حرب فإنه «وعلى ضوء التقسيم الوارد بقانون الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية 8 لسنة 2012 الذي حدد ثلاثة أيام لفتح الترشيح وثلاثة أيام لمجلس النواب لتدقيق توفر الشروط القانونية في المرشحين وثلاثة أيام للاعتراض أمام المحكمة الاتحادية العليا لمن يرفض المجلس ترشيحه وثلاثة أيام للمحكمة للحكم بالاعتراض ثم تطرح الأسماء للتصويت في البرلمان».
وحسب حرب يتوقع «عدم حصول أي من المرشحين على 220 صوتاً كما حصل بالنسبة للرئيس السابق الراحل جلال طالباني والرئيس الحالي فؤاد معصوم»، متوقعا إجراء جولة ثانية بين المرشحين اللذين يحصلان على أعلى الأصوات.
إلى ذلك، يتوقع أن يقدم اليوم الحزب الديمقراطي الكردستاني أسماء مرشحيه لمنصب الرئاسة بعد إعلانه رفض ترشيحهم صالح. وطبقا لما يجري تداوله في الأوساط السياسية العراقية فإن ما يحصل الآن هو نوع من التوافق الأميركي - الإيراني الهش الذي كشفت عن جزء منه تغريدة السفير البريطاني أول من أمس بشأن صفقات ترشيح الرئاسات الثلاث. ففيما نجحت صفقة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في وصول النائب عن المحور الوطني محمد الحلبوسي إلى رئاسة البرلمان فإن صفقة المبعوث الأميركي إلى التحالف ضد «داعش»، بريت ماكغورك، نجحت في دعم حصول برهم صالح على ترشيح لاتحاد الوطني الكردستاني لمنصب الرئاسة في وقت رشح عدد من الشخصيات الكردية أنفسهم للمنصب.
شيعيا وفي وقت لم يتم حسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء من بين كتلتي «الإصلاح والإعمار» أو «البناء» فإن كلا الكتلتين لم تعلن موقفها من المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية. وفيما أبلغ الناطق باسم كتلة الفتح أحمد الأسدي «الشرق الأوسط» في وقت سابق أن «البناء تنتظر توافق الحزبين قبل أن نقول رأينا» فإن النائب عن كتلة الفتح نعيم العبودي أبلغ «الشرق الأوسط» أن «الموقف داخل الكتلة حيال المرشح الكردي لم يعلن بعد» مبينا أنه «في حال تم التوافق بين الحزبين الكرديين على مرشح معين فسندعمه إن كان من هذا الحزب أو ذاك طالما هم توافقوا عليه».
من جهته، فإن القيادي في المشروع العربي الدكتور يحيى الكبيسي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر كله محصور في فاعلين رئيسيين في العراق وهما الأميركان والإيرانيون أما الآخرون فأدوارهم تنحصر بين العلاقات العامة، أو الانحياز إلى رؤية أحد الفاعلين الأولين، أو في نقل رسائل غير مباشرة» مشيرا إلى أن «المعضلة ما زالت اتفاق تحالفي (سائرون) و(الفتح) على مرشح لرئاسة مجلس الوزراء، فلم يعد هناك سباق للكتلة الأكبر، ولم يعد هناك حديث عن حكومة أغلبية سياسية أو وطنية ومعارضة، بل هناك شبه اتفاق على مشاركة الجميع مع بعض الاستثناءات». وفيما يتعلق بالأميركيين، يقول الكبيسي: «أعتقد أنهم استوعبوا الخطأ الاستراتيجي الذي ورطهم ماكغورك به، وأنهم قرروا التعاطي مع الوقائع من دون محاولة فرض تجريدات أثبتت فشلها، بدليل اتصال وزير الخارجية بومبيو بالحلبوسي». وتابع: «أما الإيرانيون فإنهم بدوا أكثر براغماتية في التعاطي مع الموضوع العراقي، فهم كانوا حريصين على عدم الوصول إلى قطيعة مع الولايات المتحدة في العراق، فضغطوا على هادي العامري من أجل إفساح المجال لرئيس مجلس وزراء مقبول أميركيا، وهو ما يعني أنهم دفعوا باتجاه صفقة سائرون - الفتح، التي تضمن استقرارا هشا في العراق هم بحاجة إليه لضمان مصالحهم في العراق وفي مواجهة العقوبات الأميركية».
شيعيا أيضا، لا تزال الخلافات حول المرشح لمنصب رئاسة الوزراء قائما بعد أن كثر الحديث خلال الأيام الماضية عن الاتفاق بين الصدر والعامري على ترشيح عادل عبد المهدي للمنصب. لكن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي المتحالف مع الفتح بزعامة هادي العامري قال في تغريدة له أول من أمس إن (الفتح) لم يطرح مرشحا لرئاسة الوزراء بعد وهو بمثابة نفي ضمني لترشيح عبد المهدي.
وفي السياق نفسه، فإن رائد فهمي، زعيم الحزب الشيوعي العراقي والقياي البارز في تحالف «سائرون» المدعوم من الصدر، أعلن هو الآخر أمس عن وجود أكثر من عشرة أسماء مرشحة لرئاسة الوزراء في الحكومة المقبلة. ونقل المكتب الإعلامي للتيار الصدري عن فهمي قوله إن «سائرون يبحث عن رئيس وزراء جريء ومقبول سياسياً وشعبياً ودولياً»، مبينا أن «المواصفات التي طرحت من قبل المرجعية لا تنطبق على أي من المرشحين حالياً». وأكد: «نريد أن يكون رئيس الوزراء المقبل جريئاً في فتح ملفات الفساد والبدء بالعملية الإصلاحية». ولم يكشف فهمي عن أسماء المرشحين للمنصب والكتل التي تنتمي لها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».