«أدلة ظرفية» قد تقود إلى ربط الحكومة السورية بخمس هجمات كيماوية

«أدلة ظرفية» قد تقود إلى ربط الحكومة السورية بخمس هجمات كيماوية
TT

«أدلة ظرفية» قد تقود إلى ربط الحكومة السورية بخمس هجمات كيماوية

«أدلة ظرفية» قد تقود إلى ربط الحكومة السورية بخمس هجمات كيماوية

يتضمن ملحق التحقيقات التي أجرتها الأمم المتحدة عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا الكثير من المعلومات التي يقول عنها بعض المحللين إنها من الممكن أن تسهم في إثبات تورط الحكومة السورية في الهجوم الأعنف من بين الهجمات الخمس التي شنتها باستخدام الأسلحة الكيماوية.
ويقول المحققون، الذين أصدروا التقرير النهائي الأسبوع الماضي، إنهم عثروا على مادة كيماوية تسمى «هيكساميثلين تترامين» من العينات البيئية التي استخرجوها من الغوطة، تلك الضاحية في العاصمة دمشق التي شهدت الهجوم العنيف الذي وقع في الحادي والعشرين من أغسطس (آب) الماضي. وقال محللون إنه يجري استخدام الـ«هيكسامين»، كما يطلق أيضا على تلك المادة الكيماوية، كمادة مضافة في إنتاج الأسلحة الكيماوية باستخدام غاز السارين (غاز الأعصاب) جنبا إلى جنب مع الاستخدامات التجارية الأخرى لهذه المادة. وتمتلك الحكومة السورية مخزونا من مادة هيكسامين، وهي واحدة من قائمة المواد الكيماوية المقرر تدميرها كجزء من صفقة لتفكيك برنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وتجنب محققو الأمم المتحدة، الذين أجروا التحقيق، توجيه أصبع الاتهام لجهة معينة بشأن الهجوم الكيماوي. كما رفض المحققون توضيح غرض سوريا من امتلاك ذلك المخزون الكبير من مادة هيكسامين، وهي مادة كيماوية تستخدم لأغراض تجارية كثيرة. لكن بعض الخبراء، الذي اطلعوا على التقرير النهائي لفريق التحقيق، قالوا إن وجود الـ«هيكسامين» في الغوطة يشبه إلى حد بعيد أحمر الشفاه الذي تعثر عليه الشرطة في حقيبة يد نسائية والذي يتشابه مع بقع الحمراء التي توجد على ملابس قتيل. وعلى الرغم من أنها تعتبر أدلة ظرفية، فإن المعلومات الواردة في التقرير المؤقت عن هجوم الغوطة، والذي صدر في سبتمبر (أيلول) الماضي، تفيد بأن أنواع المقذوفات المستخدمة تشير إلى تورط الحكومة السورية في ذلك الهجوم.
وكان وجود الـ«هيكسامين» وصلته بتورط الحكومة السورية في الهجوم قد جرت الإشارة له الأسبوع الماضي من قبل دان كازيتا، وهو مستشار أمني مستقل وضابط سابق في سلاح الحرب الكيماوية بالجيش الأميركي. وقال كازيتا إن وجود الـ«هيكسامين» يشير إلى تورط الحكومة السورية في الهجوم على الغوطة. ويقول كازيتا على موقعه الإلكتروني «إنني أعتبر وجود هيكسامين في كل من العينات الميدانية والمخزون الكيماوي الرسمي للحكومة السورية يشكل دليلا دامغا على تورط النظام السوري في ذلك الهجوم».
أما الحكومة السورية، التي نفت القيام بأي من تلك الهجمات، فقد أعلنت أنها تمتلك 80 طنا من الـ«هيكسامين». ووفقا لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، فإن مادة الـ«هيكسامين» مدرجة ضمن قائمة المواد التي تحتاج إلى المعالجة والتخلص منها. ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، تعمل مع الأمم المتحدة في الإشراف على تفكيك ترسانة سوريا النووية. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، دعت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الشركات، التي يمكنها القيام بمهمة تفكيك الأسلحة الكيماوية السورية، لتقديم عروض لذلك الغرض. غير أن التقارير التي أشارت إلى وجود هيكسامين في سوريا لم تكن قد ذاعت على نطاق واسع قبل إعلان المنظمة عن ذلك العرض. كما أن المنظمة لم توضح كيف جرى استخدام الـ«هيكسامين» في سوريا.
وردا على سؤال حول ذكر مادة الـ«هيكسامين» في ملحق تقرير فريق الأمم المتحدة، قال سكوت كيرنز، وهو خبير في الأسلحة الكيماوية وكان واحدا من أعضاء فريق التحقيق، إنه يمكنه أن يقول فقط إن الـ«هيكسامين» مادة كيماوية يمكن استخدامها في إنتاج الأسلحة باستخدام السارين، كما أنها يشيع استخدامها في وقود التدفئة، وكذلك في المتفجرات التقليدية.
غير أن رون مانلي، خبير الأسلحة الكيماوية الذي ترأس فريق التوثيق في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في الفترة من عالم 1993 وحتى عام 2002، أشار إلى أن مادة هيكسامين تشكل بالتأكيد جزءا من ترسانة الأسلحة الكيماوية الحكومية، وإلا فلماذا جرى إدراجها ضمن قائمة المواد التي يجب تدميرها؟ وأضاف مانلي أن «حقيقة أنهم أخبروا منظمة حظر الأسلحة الكيماوية عنها تعني أنها جزء من برنامج المنظمة الخاص بسوريا»، مضيفا «ليس هناك شك في مادة الـ(هيكسامين) جزء من برنامج المنظمة، لكننا لا نعرف ما هو الدور الذي تلعبه المنظمة».
ويشير مانلي وكازيتا إلى أن مادة الـ«هيكسامين» يمكن أن تكون ذات قيمة في الحد من الآثار المدمرة لما يعرف بأسلحة السارين الثنائي، حيث يمكن لتلك الأسلحة إنتاج مجموعة من الأحماض المدمرة للغاية والتي يمكن أن تسبب تآكلا حتى في الاسطوانات المعدنية التي تحمل غاز الأعصاب نفسه. ويمكن لـ«هيكسامين» تحييد تلك الأحماض والتأكد من أنها لا تدمر السلاح نفسه، وهذا ربما ما يفسر، حسبما قال كازيتا، امتلاك الحكومة السورية لكميات كبيرة من مادة الـ«هيكسامين». وفي حين أن مادة «هيكسامين» ليست مكونا إضافيا شائعا لتثبيت غاز السارين، يشير المحللون إلى إمكانية استخدامها لنفس الغرض. وحسبما أوضحه المحللون، فبما أن مادة «هيكسامين» متاحة تجاريا على نطاق واسع، فمن المستحيل الإشارة إلى أن وجود تلك المادة في ساحات القتال يعد دليلا قاطعا على استخدام الأسلحة الكيماوية في هجوم الغوطة. وقال علماء الكيمياء الآخرون إنه من الممكن استخدام مادة الـ«هيكسامين» في مكونات المتفجرات للأسلحة التي تنشر غاز الأعصاب، بيد أن ذلك الأمر لا يشرح السبب وراء وجود مادة الـ«هيكسامين» بين قائمة المواد الكيماوية في ترسانة الأسلحة التي تمتلكها الحكومة.
وذكرت تحقيقات الأمم المتحدة مرارا أن تفويضها كان مقتصرا على توضيح الحقائق الراسخة بشأن ما حدث وليس تحديد المسؤول عما حدث. والجدير بالذكر أن المحققين قاموا بإجراء التحقيقات بشأن سبع حالات، من بين إجمالي الحالات التي وقعت، وذلك خلال الفترة من شهر مارس (آذار) إلى شهر أغسطس (آب) الماضيين. وتوصل المحققون في خمس حالات، بما في ذلك الهجوم على الغوطة، إلى دليل يمكن التعويل عليه بخصوص استخدام الأسلحة الكيماوية. وبالنسبة للغوطة، قام المحققون بتجميع المعلومات، بما في ذلك العينات البيئية من المكان الموجود فيه المعدات الحربية. وقُدم التقرير النهائي إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم الخميس من الأسبوع الماضي وجرى الإعلان عنه.
واشتمل ذلك التقرير على قائمة بالعديد من الأماكن التي وُجدت فيها مادة «هيكسامين» في الغوطة، بما في ذلك ما كان موجودا على أرضية وجدران أحد المنازل التي سقط عليها أحد الصواريخ، حيث وجدوا قطعة من المعدات الحربية على أرضية شرفة خارجية بجوار أحد الأبواب، بالإضافة إلى وجود شظايا صاروخ على أحد الأسطح المجاورة.
وتوصلت التحقيقات إلى تفاصيل قليلة بشأن الحالات الأربع الأخرى. كان فريق الأمم المتحدة غير قادر على الذهاب إلى مواقع الهجوم في بعض الحالات، ولم يتسن له تجميع العينات البيئية أو الطب الحيوي بشكل مباشر. وعلى النقيض مما حدث في الغوطة، بدا أن بعض الهجمات تضمنت وجود جهود بسيطة من خلال استخدام أساليب غير معتادة، بما في ذلك ما وصفه الشهود بسقوط قنابل يدوية بلاستيكية من طائرات الهليكوبتر.
وتتعاون الحكومة السورية، التي ألقت باللائمة على الثوار في ما يتعلق بجميع تلك الهجمات، على نحو غير مألوف للتخلص من ترسانتها منذ التعهد بحظرها في شهر سبتمبر. وفي السياق نفسه، صرح بشار الجعفري، السفير السوري لدى الأمم المتحدة، للمراسلين يوم الاثنين، بأن «هذا الملف قد طويت صفحاته في بلاده».
* خدمة «نيويورك تايمز»



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.