هل من الطبيعي أن يظهر نادي باريس سان جيرمان بهذا الشكل بعدما أنفق 750 مليون جنيه إسترليني على تدعيم صفوف الفريق خلال السنوات الثماني الماضية؟ إن النجاح بدون المال يبدو شبه مستحيل في كرة القدم الحديثة، لكن المال أيضا لا يضمن تحقيق النجاح، ولا تزال كرة القدم لديها القدرة على أن تجعل أغنى اللاعبين في العالم يبدون حمقى للغاية إذا ما اعتمدوا على المظهر والشكل الخارجي والاستعراض وليس المضمون والعمل بكل قوة، وهو ما يظهر جليا في حالة اللاعب البرازيلي نيمار الذي يحصل على أموال طائلة لكي يُبدد موهبته ويكتفي باللعب الفردي والاستعراضي على حساب مصلحة الفريق.
وبالنسبة لباريس سان جيرمان، يمكن القول بأن الفريق لم يشهد أي تطور ولم يتعلم الدرس مما حدث له الموسم الماضي. وقد ظهرت كل العيوب والمشاكل التي أدت لخروج الفريق من دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد الموسم الماضي مرة أخرى في مباراة الفريق الأخيرة أمام ليفربول والتي انتهت بخسارة الفريق الباريسي بثلاثة أهداف مقابل هدفين. إن اللعب بثلاثة مهاجمين لا يقومون بأدوارهم الدفاعية قد يكون جيدا في الدوري الفرنسي الممتاز، الذي حقق فيه باريس سان جيرمان الفوز في أول خمس مباريات وأحرز في كل مباراة ثلاثة أهداف على الأقل، لكن هذه الطريقة لا تناسب اللعب أمام أندية النخبة في البطولات الأوروبية.
ويرى البعض أن غياب المنافسة الحقيقية في الدوري الفرنسي الممتاز هو السبب الرئيسي في معاناة باريس سان جيرمان على المستوى الأوروبي. فعندما لا يكون هناك أي تحد حقيقي، يشعر الفريق القوي بالرضا عن النفس ولا يبالي بتطوير مستواه، لكن سرعان ما تظهر نقاط الضعف عند مواجهة الفرق الأقوى في البطولات الأوروبية. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل المدير الفني لباريس سان جيرمان، توماس توخيل، سعيد بذلك؟ تجب الإشارة في البداية إلى أن توخيل قد نشأ في الدوري الألماني الممتاز الذي يعتمد على القوة البدنية الهائلة والضغط المتواصل على حامل الكرة، وكان يُنظر إليه على أنه خليفة يورغن كلوب، الذي نشأ في بيئة مماثلة.
إنه المدير الفني الذي تناول العشاء مع غوارديولا بعد أن خسر فريقه بروسيا دورتموند من بايرن ميونيخ بقيادة غوارديولا بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد، وهو المدير الفني المؤمن تماما بنظرية اللعب الجماعي والاستحواذ المتواصل على الكرة. وبناء على كل ذلك، لا يمكن لنا أن نتخيل أن هذا هو المدير الفني الحالي لنادي باريس سان جيرمان الذي ظهر بصورة باهتة للغاية أمام ليفربول في افتتاح مباريات دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، ولا يمكن لنا أن نتخيل أن هذا المدير الفني الألماني يسمح لثلاثة لاعبين من لاعبي فريقه بأن يقفوا على بُعد 50 ياردة من خط الوسط ولا يقومون بأي واجبات دفاعية وينتظرون وصول الكرة إليهم مرة أخرى. ويمكن القول بأن باريس سان جيرمان لا يلعب في الوقت الحالي بالطريقة المعتادة لتوخيل، وربما لا يلعب كرة قدم من الأساس!
وقد أثير العديد من علامات الاستفهام حول الأسباب التي دفعت المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت للذهاب ومشاهدة ماسون ماونت وهو يلعب مع نادي ديربي كاونتي أمام بلاكبيرن روفرز في دوري الدرجة الأولى في إنجلترا بدلا من الذهاب لمشاهدة ألكسندر أرنولد في مواجهة نيمار أو جوردان هندرسون في مواجهة مبابي، لكن اتضح بعد المباراة بأن ساوثغيت ربما كان محقا في قراره، لأن ألكسندر أرنولد وهندرسون لم يختبرا بقوة من لاعبي الفريق المنافس.
وفي النهاية، وجد ليفربول نفسه في نزهة أمام النادي الفرنسي، وخاصة في شوط المباراة الثاني. ورغم تقليص توماس مونييه للنتيجة قبل نهاية الشوط الأول بخمس دقائق، سيطر ليفربول على مجريات الأمور تماما في الشوط الثاني الذي مر منه 40 دقيقة دون أن يسدد باريس سان جيرمان كرة واحدة على مرمى ليفربول، ولم يمرر النادي الفرنسي سوى ثماني تمريرات فقط في آخر 30 ياردة من نصف ملعب ليفربول.
وقد تطورت المباراة بشكل غريب، حيث شعر ليفربول بسهولة المباراة نتيجة السيطرة التامة وتراخى لاعبوه بعض الشيء، واستغل باريس سان جيرمان تمريرة خاطئة من محمد صلاح لكي يحرز كيليان مبابي هدف التعادل. ولكن كان الشيء الأكثر إزعاجا هو ما حدث بعد ذلك، فقد وجد باريس سان جيرمان نفسه محظوظا بالحصول على نقطة في واحدة من أسوأ المباريات التي من الممكن أن يقدمها ناد بهذه الإمكانات، وكان من الممكن أن يعود إلى باريس بهذه النقطة الثمينة ويعيد تقييم الأمور، وكان كل ما يتعين على لاعبي النادي الفرنسي القيام به هو الحفاظ على نظافة شباكهم خلال الدقائق السبعة الأخيرة بالإضافة إلى الوقت المحتسب بدلا من الضائع، لكنهم فشلوا في ذلك.
ويجب الإشادة بنادي ليفربول الذي نجح في العودة مرة أخرى. لكن في المقابل، عندما وُضع لاعبو باريس سان جيرمان تحت الضغط مرة ثانية ظهروا بشكل متواضع للغاية، وخير مثال على ذلك هدف الفوز الذي أحرزه اللاعب البرازيلي روبرتو فيرمينيو، والذي أظهر أخطاء بدائية في خط دفاع باريس سان جيرمان لا يرتكبها لاعبون محترفون على أعلى مستوى، حيث أدار كل لاعبي خط الدفاع ظهرهم لتسديدة اللاعب البرازيلي بدلا من محاولة التصدي للكرة ومنعها من الوصول إلى المرمى.
وفي كل موسم يطرح الجميع نفس السؤال: ما مشروع نادي باريس سان جيرمان بالضبط؟ هل هو مشروع تافه لنيمار؟ أم هو حيلة غريبة للتسويق من جانب شركة نايكي؟ أم هو محاولة لتحسين سمعة قطر على المستوى الدولي؟ لكن الشيء المؤكد هو أنه ليس نادي كرة قدم بالطريقة التقليدية التي نعرفها. وحتى لو كان النادي هو أداة للقوة الناعمة من جانب قطر، فلم يظهر النادي أي قوة حتى الآن!
سان جيرمان لا يلعب بطريقة مدربه توخيل... وربما لا يلعب كرة قدم من الأساس
غياب المنافسة الحقيقية في الدوري الفرنسي قد يكون السبب الرئيسي في معاناة الفريق أوروبياً
سان جيرمان لا يلعب بطريقة مدربه توخيل... وربما لا يلعب كرة قدم من الأساس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة