على الرغم من استمرار الاشتباكات العنيفة بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، تجاهل فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، خرق هذه الميليشيات لهدنة وقف إطلاق النار، وعقد سلسلة اجتماعات. فيما حذر الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، من المساس بأمن العاصمة، ولوّح مجددا بتحريرها.
في غضون ذلك، استضافت بعثة الأمم المتحدة، أمس، اجتماعاً بين المجتمع الدبلوماسي في ليبيا واللواء حسين عبد الله، رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، وخلال هذا اللقاء أعرب الدبلوماسيون عن استعدادهم لتسهيل عمل اللجنة عبر تقديم الدعم اللوجيستي. فيما اعتبر اللواء حسين أن تعزيز وقف إطلاق النار «يعد الخطوة الأولى نحو طرابلس آمنة لجميع الليبيين، وخالية من الأسلحة والميليشيات»، بحسب بيان وزعته البعثة الأممية.
وتجدد قتال الشوارع مساء أول من أمس بين ميليشيات طرابلس، وسط حالة من الهلع والفزع انتابت السكان العالقين، فيما سقطت صواريخ وقذائف عشوائية على منازل سكنية ومقرات حكومية، وذلك في تصعيد جديد للحرب التي تشهدها ضواحي طرابلس الجنوبية، على الرغم من التهديد الدولي والأممي بمعاقبة المتورطين فيها.
ولجأ سكان محليون إلى مواقع التواصل الاجتماعي لبث شكواهم من تصاعد حدة القتال وقربه من مناطقكم السكنية، كما استنكرت إدارة شؤون الجرحى استهداف سيارة إسعاف تابعة لها والسطو عليها، مؤكدة دورها الإنساني، وأنها ليست طرفا في هذا النزاع المسلح. وقال مسؤول في «الهلال الأحمر» إنه تم نقل 21 عائلة عالقة بمشروع الهضبة جنوب العاصمة، مشيرا إلى أن عدد نداءات الاستغاثة تجاوز الـ200 نداء منذ تجدد الاشتباكات العنيفة في ضواحي طرابلس، وذلك في استمرار لخرق هدنة وقف إطلاق النار لليوم الثاني على التوالي.
ودارت معارك عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة في جميع مناطق الجنوب وجنوب شرقي العاصمة بين قوات اللواء السابع، وقوات أمنية تابعة لحكومة السراج، بينما كان يسمع صدى صوت القذائف المدفعية في معظم أحياء المدينة.
من جهته، قال اللواء أسامة الجويلي، آمر القوة المشتركة لفض النزاع، إن الوضع ما زال على ما هو عليه في جنوب طرابلس مع تكرار خرق وقف إطلاق النار.
واكتفت وزارة الداخلية بحكومة السراج بالإشادة بدور هيئة السلامة الوطنية والهلال الأحمر الليبي، وجهاز الإسعاف والطوارئ في ظل الاشتباكات. ودعت في بيان لها إلى الوقف الفوري لكل أشكال الاقتتال الحاصل حاليا في ضواحي جنوب طرابلس، وعدم تعريض حياة المدنيين وممتلكاتهم للخطر والدمار، كما حذرت المواطنين من الاقتراب من أماكن الاشتباكات، أو التعامل مع الأجسام غير المتفجرة من الذخائر.
في سياق ذلك، قالت شركة البريقة الحكومية لتسويق النفط إن قذائف جديدة أصابت مبنى الشؤون المالية، ومبنى الإدارة العامة للمبيعات التابعين لها في مستودعات طريق المطار. وبعدما أعربت الشركة عن قلقها إزاء تأزم الوضع من جديد في جنوب طرابلس، رأت أنه «يمثل مؤشراً كارثياً جديداً يضاف لرصيد النزاعات والأضرار حول مستودع طرابلس النفطي». وبحسب بيان للشركة فقد سقط ليلة أول من أمس صاروخ في ساحة مبنى الشؤون المالية بالشركة، خلف أضرارا مادية وحرائق في مناطق عدة خلف أسوار المستودع.
بدوره، اتهم اللواء السابع ميليشيات مسلحة، لم يحددها، بمعاودة الهجوم على مواقعه في طرابلس، وقال في بيان عسكري له مساء أول من أمس إن الميليشيات «جددت اعتداءها على مواقع تمركزاتنا في مختلف المحاور، حيث تم استهداف موقع لنا بمنطقة عين زارة بقذيفة هاون، أتبعها إطلاق وابل من الرصاص من أسلحة متوسطة، أجبرتنا على التعامل مع مصدر النيران فورا».
من جانبها، أعلنت الفرقة الثامنة «النواصي» أن كل الوحدات الأمنية والعسكرية، التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع في حكومة السراج بطرابلس، ملتزمة بقراراته بشأن تشكيل لجنة ترتيبات أمنية جديدة، وتشكيل قوة مشتركة لفض النزاع، والقرارات الأخرى المصاحبة لها، وتأمين المرافق والمؤسسات السيادية برعاية بعثة الأمم المتحدة.
ونتيجة لتجدد الاشتباكات، جددت بعثة الأمم المتحدة أمس دعوتها إلى الأطراف المتحاربة داخل منطقة صلاح الدين في طرابلس إلى وقف فوري لإطلاق النار، وأكدت في بيان مقتضب أنها «تحمل قياداتها (الأطراف المسلحة) كامل المسؤولية عن أي أذى يقع على المدنيين العزل على يدهم، أو على يد مجموعات تناصرهم».
لكن العميد أحمد المسماري، المُتحدث الرسمي باسم الجيش، نفى في المقابل مشاركة قواته في المعاركة الدائرة في طرابلس، وقال في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس من بنغازي: «نحن نراقب ونتابع ما يجري، ولن نرضى بهذه الانتهاكات. لدينا مكتب خاص لرصدها ونعلم ما يدور في الخفاء، وفي والاجتماعات السرية. ونحذر كل من يمس بأمن المواطن والعاصمة... العاصمة ليست مكسبا سياسيا، وسندافع عنها حتى الموت»، قبل أن يطالب بخروج الميليشيات المسلحة من طرابلس.
من جانبه، التقى السراج أمس مع أعضاء مجلس النواب وعمداء البلديات بمدينة طرابلس لبحث مستجدات الوضع الأمني، وما تم اتخاذه من إجراءات لتأمين العاصمة، ومعالجة مشكلات النازحين من المناطق، التي شهدت اضطرابات أمنية، وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، إضافة إلى ما تواجهه بعض المرافق التي تعاني من صعوبات.
ميليشيات طرابلس تواصل تحدّي هدنة الأمم المتحدة وحكومة السراج
الجيش الوطني ينفي تورطه في القتال... ويلمح مجدداً إلى دخول العاصمة
ميليشيات طرابلس تواصل تحدّي هدنة الأمم المتحدة وحكومة السراج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة