«قمة ترمب» تضع إيران في صلب اجتماع دولي لحظر أسلحة الدمار الشامل

وسّعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، نطاق اجتماع على مستوى القمة لمجلس الأمن كان مقرراً أن يركز على إيران، ودورها في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، ليشمل الآن «المكافحة الفورية لانتشار أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاقها». ورغم أن «ورقة المفاهيم» التي وزعتها البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة على أعضاء المجلس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، لا تذكر إيران بالاسم، فإن واشنطن تسعى بقوة إلى «تزويد الاتفاقات والمعاهدات والأعراف الدولية المرعية بأنياب» ضد استخدام هذه الأسلحة وضد انتشارها.
وكانت الإدارة الأميركية سعت في الأصل إلى عقد اجتماع على هامش الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، خلال الأسبوع المقبل، من أجل التنديد بإيران و«انتهاكاتها للقانون الدولي» ودورها في نشر «الفوضى والإرهاب» في الشرق الأوسط، إذ إن المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي أعلنت أن ترمب سيترأس اجتماعاً في أرفع المنتديات الدولية لصنع القرار من أجل «التعامل مع انتهاكات إيران للقانون الدولي وزعزعتها الاستقرار العام في كل أرجاء منطقة الشرق الأوسط»، غير أنه بدا لاحقاً أن تركيز الاجتماع على إيران يمكن أن يثير مخاوف لدى حلفاء الولايات المتحدة من الخلافات المعروفة مع كل من فرنسا وبريطانيا وغيرهما من الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، بعدما أعلن الرئيس ترمب انسحاب بلاده منه من مايو (أيار) الماضي.
وكذلك عبر مسؤولون أميركيون آخرون عن هواجس من استخدام إيران المادة 37 من ميثاق الأمم المتحدة التي تسمح لها بالمشاركة في الاجتماع باعتبارها «طرفاً في نزاع قيد النظر»، مما قد يثير «احتمال مواجهة مزعجة بين الرئيس الأميركي وأي ممثل إيراني».
وقالت هيلي إن «الرئيس ترمب يصر على أنه يجب علينا أن نبدأ في التأكد من أن إيران تعامل بحسب النظام الدولي». ورأى دبلوماسيون أن «هذه الملاحظات من هيلي لم تأتِ من عدم»، إذ إن دبلوماسيين أميركيين أسرّوا لعدد من نظرائهم في دول أجنبية بأن «ترمب سيترأس اجتماعاً يركِّز على إيران في مجلس الأمن».
وأصدرت البعثة الأميركية في 7 سبتمبر (أيلول) الماضي بياناً أفادت فيه بأن الاجتماع سيركز على «نطاق أوسع من القضايا»، بما في ذلك «انتشار أسلحة الدمار الشامل» فضلاً عن نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار. وقلَّل ناطق باسم البعثة الأميركية من التغييرات التي طرأت على الاجتماع، قائلاً: «لم تغير الولايات المتحدة موضوع الاجتماع، بل وسعت الموضوع».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية متطابقة أن الولايات المتحدة بقيادة الرئيس ترمب خلصت في نهاية المطاف إلى عقد اجتماع مجلس الأمن «على مستوى القمة» من أجل «تركيز اهتمام العالم على الحاجة الأساسية إلى المكافحة الفورية لانتشار أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاقها»، موضحة أن الغاية من الاجتماع هي مناقشة السبل التي تمكن مجلس الأمن من «تطبيق التي اتخذها بناء على القانون الدولي فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، ومكافحة انتشار الأسلحة الأكثر خطورة واستخدامها في العالم».
ووزعت البعثة الأميركية التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في سبتمبر الحالي، على بقية أعضاء المجلس «ورقة مفاهيم» تتضمن خلفية تفيد بأن المجلس «أصدر دورياً قرارات لمكافحة تهديدات أسلحة الدمار الشامل»، مضيفة أنه «في السنوات الماضية، عالجت تحديات محددة لانتشار أسلحة الدمار مما يهدد القاعدة الأساسية للسلم والأمن الدوليين، بما في ذلك البرامج العاملة للأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية والصواريخ الباليستية التي تضع العالم بمجمله في خطر».
وتلفت أيضاً إلى أن مجلس الأمن «اتخذ أيضاً إجراءات للحيلولة دون وقوع أسلحة الدمار الشامل في أيدي دول أخرى أو لاعبين من غير الدول، بما في ذلك الإرهابيون، وساعد بلدان على منع الانتشار عبر حدودها»، مذكرة بأن هذه القرارات «تفرض واجبات قانونية تطلب من الدول التخلي عن أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاقها»، فضلاً عن أنها «توجب على الدول الأعضاء القيام بخطوات محددة لمكافحة انتشار أسلحة الدمار، بما فيها جهود الرصد والردع والمنع والمحاربة ضد التهريب والسمسرة غير المشروعين طبقاً لما هو محدد في القرار 1540».
وتنص الورقة أيضاً على أنه «رغم هذه الواجبات، فإنه كثيراً ما يجري الضرب بها عرض الحائط بلا عقاب»، علماً بأن «كل انتهاك يقوض بشكل بالغ السلم والأمن اللذين صممت قرارات لحمايتهما». وبناء عليه «يجب على مجلس الأمن تحديد السبل لضمان احترام قراراته في شأن تهديدات أسلحة الدمار الشامل». وتؤكد أن «الدول التي تنتهك هذه القرارات يجب أن تُحاسَب»، فضلاً عن أنه «يجب التعامل بجديّة مع عواقب لكل الخروق لمعاهدات واتفاقات منع الانتشار».
وتشدد الورقة على أنه ينبغي لمجلس الأمن أن «يستخدم الأدوات المتوافرة لديه بما فيها العقوبات والضغط السياسي والدبلوماسية - لتزويد الاتفاقات والمعاهدات والأعراف الدولية المرعية بأنياب ضد استخدام أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية وانتشارها».
وحددت الولايات المتحدة المواضيع التي يشملها اجتماع مجلس الأمن في 26 سبتمبر الحالي بأنها تركز على «سبل تطبيق التطبيق الأفضل للعقوبات الموجودة والواجبات والأعراف الدولية في شأن تهديدات أسلحة الدمار الشامل والتي تتجاهلها روتينياً من دول معينة»، و«سبل رفع الثمن على الأنظمة واللاعبين من غير الدول الذين ينتهكون الواجبات والأعراف الدولية» و«سبل تحسين قدرة البلدان على تنفيذ واجباتها وأعرافها بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل»، بالإضافة إلى «الأعمال التي ينبغي للدول الأعضاء القيام بها للجم التزويد غير المشروع بالتكنولوجيا النووية والكيماوية والبيولوجية وذات الصلة بالصواريخ الباليستية إلى اللاعبين الأكثر خطورة في العالم».
ويركز الاجتماع على مستوى القمة على مراجعة عمل مجلس الأمن سابقاً للتعامل مع تهديدات انتشار أسلحة الدمار الشامل ومناقشة ما ينبغي لمجلس الأمن أن يضيفه لمكافحة كل تهديدات منع الانتشار العالمي أسلحة الدمار الشامل. وطبقاً لاجتماع مجلس الأمن عام 2009 حول منع الانتشار الذي استضافه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، «وحدها الدول الأعضاء في مجلس الأمن مدعوة للتحدث في الاجتماع بسبب محددات الوقت والطبيعة العامة للموضوع».