عباس ينوي التحذير في الأمم المتحدة من نتائج انهيار حل الدولتين

يلتقي 30 وزيراً ودبلوماسياً في نيويورك لحشد الدعم لمؤتمر دولي

محمود بلبول يصفق خلال حفل عقد قرانه قبل يومين في قرية الخان الأحمر البدوية التي تواجه الهدم (رويترز)
محمود بلبول يصفق خلال حفل عقد قرانه قبل يومين في قرية الخان الأحمر البدوية التي تواجه الهدم (رويترز)
TT

عباس ينوي التحذير في الأمم المتحدة من نتائج انهيار حل الدولتين

محمود بلبول يصفق خلال حفل عقد قرانه قبل يومين في قرية الخان الأحمر البدوية التي تواجه الهدم (رويترز)
محمود بلبول يصفق خلال حفل عقد قرانه قبل يومين في قرية الخان الأحمر البدوية التي تواجه الهدم (رويترز)

قال مصدر فلسطيني مطلع، إن الرئيس محمود عباس سيوجه «تحذيرا أخيرا» للعالم، عبر خطابه المرتقب في الأمم المتحدة في 27 من الشهر الحالي، مفاده إما إنقاذ حل الدولتين وإما تحمل نتيجة تدمير هذا الحل.
وأضاف المصدر: «الرئيس سيقول لهم، إما مؤتمر دولي للسلام ضمن مرجعيات محددة وإما اتخاذ قرارات صعبة». وأوضح المصدر: «القرارات ستتخذ في اجتماع (المركزي) الذي يلي خطاب الرئيس. وتتضمن تعليق الاعتراف بإسرائيل، وإلغاء اتفاقات مع إسرائيل، وصولا إلى إلغاء اتفاق أوسلو برمته، ومن ثم إعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال».
وأكد مسؤول فلسطيني، أن خطاب عباس في الأمم المتحدة، سيركز بشكل كبير على العملية السياسية والعلاقة مع الإدارة الأميركية الحالية، التي تخلت عن جميع التفاهمات مع الإدارات الأميركية السابقة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، إن عباس سيطرح وجهة النظر الفلسطينية بوضوح، من أجل تحشيد موقف دولي إزاء دعم المبادرة السياسية القائمة على إطلاق مؤتمر دولي للسلام.
وأضاف: «الرئيس سيؤكد في الخطاب، التزامه بقرارات المجلسين الوطني والمركزي اللذين أكدا انتهاء المرحلة الانتقالية، وتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بالدولة الفلسطينية، وتحديد العلاقة مع الاحتلال بشأن المرحلة الانتقالية».
وكان عباس خاطب في فبراير (شباط) الفائت، مجلس الأمن، داعيا إلى عقد مؤتمر دولي لإعادة إطلاق عملية السلام.
وتقوم رؤية عباس على مؤتمر دولي تنتج عنه آلية دولية لرعاية مفاوضات ضمن سقف زمني محدد، ومرجعية محددة هي حل الدولتين.
ووافق عباس على أن تكون الولايات المتحدة جزءا من هذه الآلية، وليست راعيا منفردا، بسبب إعلانها القدس عاصمة لإسرائيل.
وساءت العلاقة الأميركية الفلسطينية إلى أبعد حد، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، القدس عاصمة لإسرائيل، ثم قام بوقف كل تمويل تدفعه واشنطن للفلسطينيين، قبل إغلاق مكتب منظمة التحرير وطرد السفير وعائلته، حتى أن الإدارة الأميركية، تأخرت في منح تأشيرات للرئيس الفلسطيني ووزير خارجيته من أجل حضور جلسات الأمم المتحدة.
وأكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أنه تسلم التأشيرات أمس، «لكنها محدودة بالعمل الرسمي فقط وبشكل استثنائي».
وكان موقع «كان» العبري، نسب إلى المالكي قوله إنه لم يتلق تأشيرة من الولايات المتحدة للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. مضيفا: «إن لم أحصل على تأشيرة فمعناه أنني لن أشارك في الاجتماعات، من الممكن أن تقوم الولايات المتحدة بمنع أو تأخير تسليم التأشيرة. حتى أبو مازن لم يحصل على الفيزا حتى هذه اللحظة». لكن المالكي نفسه، نفى ذلك بعد ساعات، وقال إنه تسلمها.
ويعول الفلسطينيون اليوم على فرنسا، من أجل تفعيل مبادرتها الخاصة بالسلام، التي تركز على إقامة مؤتمر دولي كذلك، وإقناع دول أوروبية بتبني هذا النهج.
وكان الرئيس الفلسطيني، دعا وزراء خارجية ودبلوماسيين في مجلس الأمن إلى اجتماع في نيويورك، الأسبوع المقبل، لمناقشة احتمالات السلام في المنطقة، حسب ما أفاد السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة الأربعاء.
وسيجتمع عباس في 26 سبتمبر (أيلول) الحالي، مع مجموعة تضم 30 وزيرا ودبلوماسيا، بينهم رؤساء لجان تابعة للأمم المتحدة تتعاطى مع الملف الفلسطيني، عشية إلقائه خطابه أمام الجمعية العامة.
ولم يقدم السفير الفلسطيني رياض منصور مزيدا من التفاصيل عن الاجتماع، لكنه قال للصحافيين، إن إدارة ترمب أحدثت «تحولا جذريا» لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.
وعلى الرغم من التوتر الكبير بين الفلسطينيين والإدارة الأميركية، فقد أشار التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية، إلى أن السلطة الفلسطينية لا تزال تحارب «الإرهاب» في الضفة الغربية، وذلك بالتنسيق مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وبحسب التقرير، فإن السلطة الفلسطينية لا تزال ملتزمة بمنع تنفيذ عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتحارب أي نشاط لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة الغربية.
جاءت هذه التفاصيل في تقرير وزارة الخارجية في واشنطن، حول «الإرهاب الدولي للعام 2017»، وهو التقرير الأول الذي يكتب بشكل كامل تحت إدارة ترمب.
ولا يتضمن التقرير أي تغييرات بارزة في الشأن الإسرائيلي - الفلسطيني، مقارنة بتقارير سابقة لإدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما.
وفي الفصل الذي يتناول السلطة الفلسطينية، جاء «إن قوات الأمن التابعة للسلطة، تعمل على إحباط عمليات في الضفة الغربية، وتفرض قيودا على نشاط حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في المناطق التي تقع تحت مسؤولية السلطة». كما جاء أن إدارة ترمب، تدعم نشاط قوات الأمن الفلسطينية، وتساعدها في الميزانيات والتدريبات.
وبحسب تقرير الخارجية الأميركية، ففي العام 2017 حصل انخفاض في عدد العمليات التي نفذها فلسطينيون ضد أهداف إسرائيلية مقارنة بالسنتين السابقتين.
وينتقد التقرير السلطة الفلسطينية، بشأن المخصصات المالية لذوي مقاتلين وأسرى، وجاء فيه «إنه رغم التزام السلطة الفلسطينية بوقف (التحريض) في الوسائل الإعلامية التابعة لها، فإنها عمليا تواصل بث مضامين محرضة».
ويعد التقرير نقطة قوة لصالح السلطة الفلسطينية، التي تلوح بوقف التنسيق الأمني من بين قرارات أخرى متعلقة بمراجعة العلاقة مع إسرائيل.
ويعتقد الفلسطينيون أن الولايات المتحدة وإسرائيل، معنيتان بشكل كبير بإبقاء الأجهزة الأمنية الفلسطينية قوية وعلى تنسيق كامل مع إسرائيل، خشية من غرق المنطقة في فوضى جديدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.