بغداد تستغرب تغريدة للسفير البريطاني وتعتبرها تدخلاً

استمرار مشاورات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وسط جدل حول مرشحي التسوية

TT

بغداد تستغرب تغريدة للسفير البريطاني وتعتبرها تدخلاً

عبرت الحكومة العراقية أمس، عن استغرابها بشأن تغريدة للسفير البريطاني في بغداد تحدث فيها عن الحكومة العراقية المقبلة. وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان لها على لسان الناطق باسمها أحمد محجوب وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «وزارة الخارجية العراقية تعرب عن استغرابها لتغريدة السفير البريطاني في بغداد وحديثه عن طبيعة مهمة الحكومة العراقية المقبلة».
وقال البيان إن «وزارة الخارجية إذ تؤكد أن تشكيل الحكومة العراقية قرار وطني عراقي محض وأن المهام الموكلة إليها هي تكليف شعبي عبر البرلمان العراقي وبرقابته، فإن الوزارة تأمل مزيداً من الدعم الدولي والإقليمي للعملية السياسية بشكل عام وبما يضمن سيادة العراق».
وأضاف البيان أن «العراق اليوم يتمم استحقاقات العملية السياسية دستوريا عبر إنجاز انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه والمضي باتجاه انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء الجديد لتشكيل كابينته الحكومية على أسس من المهنية والكفاءة والتي ستعمل على تحقيق ما أمكن من الإنجازات وتجاوز العقبات ليحتل العراق موقعه الذي يليق به إقليمياً ودولياً ويوظف ثرواته لتحقيق الأعمار والرفاه والأمن بمساعدة ودعم الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي».
وكان السفير البريطاني في بغداد جون ويلكس، كشف في تغريدة عبر حسابه الخاص في «تويتر»، عن اتفاق بريطاني - أميركي - إيراني على تشكيل حكومة عراقية جديدة. وقال ويلكس في التغريدة: «دعوت سعادة السفير الإيراني إلى نقاش صريح حول آخر المستجدات في العراق واتفقنا على أن الحكومة المقبلة يجب أن تحسن خدماتها المقدمة وتوفر الوظائف للشعب».
وقال لـ«الشرق الأوسط» خالد عبد الإله أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إن «المشهد العراقي لا يزال يدخل في إطار الصراعات الإقليمية والدولية وبالتالي فإن مشكلاتنا في الداخل مرتبطة بمجموعة أزمات في الخارج تستدعي تدخلاً دولياً من كل الأطراف الفاعلة في العراق». وبيّن أن «ذلك لا يعني أن أميركا يمكن أن تترك العراق لإيران في إطار المعادلة الدولية - الإقليمية لكن هناك تفاهمات مباشرة أو بالنيابة». وأضاف أن «مباحثات ماكغورك مع القوى السياسية العراقية المنقسمة بين مجموعة محاور إقليمية ودولية يجعل من الوضع العراقي عرضة لمثل هذه التدخلات لأن أجواء الانقسام توفر مناخا ملائما للتدخل».
وأشار إلى أن «الفاعل الخارجي سواء كان أميركا وحلفاءها أو إيران، هو العامل الذي يبقى حاسما بالفعل لجهة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وتحديد خيارتها بغض النظر عن أي خطاب عاطفي». إلى ذلك لم تتمكن القوى السياسية من تجسير فجوة التفاهمات سواء بشأن الكتلة البرلمانية الأكثر عددا أو مرشحي التسوية لتشكيل الحكومة المقبلة.
وفي حين طرح في الآونة الأخيرة اسم عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية السابق بوصفه المرشح الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة فإنه ووفقا لما صدر عن قياديي تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أو «الفتح» بزعامة هادي العامري فإن عبد المهدي ليس مرشحا لأي منهما لكنهما يدعمانه في حال حصل على توافق من قبل الجميع.
وفي تصريح إلى «الشرق الأوسط» قال القيادي في «الفتح» ووزير الداخلية السابق محمد سالم الغبان إن «تحالف الفتح لم يرشح الدكتور عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء»، وزاد: «إننا ندعمه في حال حظي بدعم وموافقة الأطراف السياسية الأساسية وتأييد المرجعية الدينية العليا في النجف».
وأبلغ مصدر خاص «الشرق الأوسط» طالباً عدم نشر اسمه أن «الأسبوع المقبل سوف يشهد تفاهمات عالية المستوى بين قادة كتلة الإصلاح والإعمار (الصدر والعبادي والحكيم وعلاوي) بشأن إعادة تفعيل الكتلة وطرحها بوصفها الكتلة الأكبر». ومع أن المصدر الخاص لم يحدد فيما إذا كان هناك مرشح لهذه الكتلة، فإنه اعتبر أن «حظوظ العبادي ما زالت جيدة رغم الحديث المتواتر عن تراجعها لأنه قد تكون هناك مفاجآت في الطريق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».