الجزائر: تعيين قائد جديد للقوات البرية في الجيش

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أن رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح «سيؤدي زيارة عمل اليوم إلى مقر قيادة القوات البرية، حيث سينصب اللواء سعيد شنقريحة، قائد الناحية العسكرية الثالثة سابقا، قائدا جديدا للقوات البرية، خلفا للواء حسن طافر، الذي أحيل على التقاعد». وفي غضون ذلك، حذر صالح، ضمنا، ضباطا كبارا جاؤوا إلى مناصب المسؤولية حديثا، من الوقوع في «أخطاء» تسببت في عزل عدد كبير من الجنرالات، وفي إطلاق متابعات قضائية ضدهم، واتخاذ إجراءات بحقهم، كتفتيش بيوتهم، ومنعهم من السفر، والتحفظ على أرصدتهم المالية.
وقال صالح أمس، بمقر قيادة القوات الجوية بالعاصمة، حيث أشرف على مراسيم تنصيب قائد جديد لها، إن «الحياة تجارب، والكيّس الفطن هو من يعرف كيف يستفيد من أخطاء غيره». ويفهم من كلام صالح بأن اللواء حميد بومعيزة، القائد الجديد لسلاح الجو، وغيره من القادة العسكريين الذين تسلموا مهامهم الجديدة في إطار حملة الإقالات بالمؤسسة العسكرية، مدعوون إلى الحذر من الوقوع في الأخطاء التي ارتكبها المقالون من المناصب. ولا يعرف بالتحديد ما هي هذه الأخطاء، التي خلَفت زلزالا في هياكل الجيش، فيما قالت الصحافة إن الجنرالات المعزولين محل شبهة فساد. لكن حتى هذه الشبهة التي تطاردهم، لا يعرف الشيء الكثير عنها، باستثناء ما يشاع عن علاقة مفترضة مع قضية مصادرة 701 كيلوغرام من الكوكايين نهاية مايو (أيار) الماضي.
وذكر صالح في خطاب تابعه مئات العساكر، المنتمين إلى قواعد ووحدات القوات الجوية: «إن سبب اجتماعي بكم اليوم هو التأكد من أن كلامي معكم قد وصل إلى القلوب والضمائر، وإنني على يقين بأن هذا الكلام لن يترسخ في العقول، إلا إذا شعر الإطار العسكري المسؤول بأنه ليس موظفا، يكتفي بساعات العمل القانونية ويذهب إلى حال سبيله. فالإطار العسكري الذي أتوجه إليه بخطابي هو ذلك الذي وضعت تحت قيادته جملة من المسؤوليات الثقيلة، ذات التأثير المباشر على طبيعة المهام الموكلة، وذات التأثير المباشر على وتيرة الجهد التطويري الذي نبذله، وذات الصلة الأكيدة والمباشرة على أرواح الأفراد، وتحضيرهم وتكوينهم وتحسيسهم، وعلى مستوى معيشتهم ودرجة معنوياتهم، وذات التأثير أيضا على المحافظة على المنشآت وصيانة العتاد والتجهيزات الموجودة في الحوزة». وقرأ مراقبون خطاب صالح بأن الكوادر، الذين يشغلون مناصب حساسة في الجيش، غير مسموح أن يصدر عنهم أي شيء يقلل من قيمة الوظيفة العسكرية.
ولا يخلو خطاب صالح، الذي روجت له وزارة الدفاع، من إيحاءات مرتبطة بكبار الضباط المتابعين، وأبرزهم اللواء حبيب شنتوف قائد الناحية العسكرية الأولى، واللواء سعيد باي قائد الناحية العسكرية الثانية، واللواء عبد الرزاق شريف قائد الناحية الرابعة، واللواء حسن طافر قائد القوات البرية، ومدير صندوق المعاشات، ومدير الشؤون المالية بوزارة الدفاع، وقائد سلاح الدرك، وعدد كبير من الجنرالات، الذين تم وضع حد لمسارهم المهني بقرار صادر عن رئاسة الجمهورية، ونفذه رئيس أركان الجيش.
وأضاف صالح، مستعرضا مواصفات المسؤول العسكري البعيد عن أي شبهة سلبية: «الإطار العسكري هو من يكون متشبعا بروح المسؤولية ومتشربا لحسّ الواجب، ومبرهنا فعلا وميدانيا بأنه عند حسن الظن به. فالمسؤولية ليست منصبا للتباهي، وليست رتبة للتفاخر، وإنما هي جملة متكاملة من المؤهلات الحقيقية، والسلوك السوي والتصرف الرصين والقيادة العقلانية، ولا شك أن حصائل الأعمال هي أحسن برهان على صدق هذه الطبائع وسلامة هذه الأخلاقيات، وتلكم هي السلوكيات السامية والنبيلة، التي تبذل القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي قصارى جهودها من أجل ترسيخ مقوماتها أكثر فأكثر بين صفوف الجيش الوطني الشعبي».
وبخصوص الأحداث غير العادية التي تقع بالجيش، قال الكاتب الصحافي الكبير سعد بوعقبة إن «ما حدث للجنرالات الذين أبعدوا مؤخرا من المسؤوليات ليس بالأمر الجديد... فهذه تقاليد دأبت عليها السلطة منذ الأزل! نتذكر كيف صفّى الرئيس الشاذلي بن جديد أعضاء مجلس الثروة بعد توليه المسؤولية (1979)، وكيف وجّه لهم تهم الفساد، سواء بحق أم بغير حق... لكن الفرق بين الأمس واليوم هو أنه لا أحد منهم توبع قضائيا في عهد الشاذلي... وتم حفظ قضاياهم في درج الرئيس، ولم تأخذ طريقها إلى العدالة... نتذكر أيضا كيف تعاملت سلطة ما بعد الشاذلي مع رجال الشاذلي، بتوجيهها تهما لهم، وأُبعِدوا من السلطة! ونتذكر أيضا كيف أبعد بوتفليقة المجموعة التي عارضته في الولاية الثانية، وكيف فعل الأمر نفسه مع المجموعة التي عارضته في قضية الولاية الرابعة!».
وبحسب بوعقبة فإنه «من حق الرأي العام أن يعرف محتوى هذه القضايا، خاصة عندما يقول بيان الرئاسة إن الأمر يتعلق بمحاربة الفساد... فإذا كان سحب جوازات السفر من الجنرالات مسألة تهم الرأي العام، فإن سبب هذا السحب هو الذي يهم الرأي العام أكثر! ولا يكفي القول إن الأمر يتعلق بالفساد وكفى!».