ميركل تقيل مدير الاستخبارات الداخلية وتنقذ الحكومة الائتلافية

مطالبات بمراقبة «شباب البديل» اليمينية في جميع أنحاء البلاد

مدير جهاز الأمن الداخلي هانس - يورغ ماسن الذي واجه اتهامات بالتعاطف مع اليمين المتطرف (أ.ف.ب)
مدير جهاز الأمن الداخلي هانس - يورغ ماسن الذي واجه اتهامات بالتعاطف مع اليمين المتطرف (أ.ف.ب)
TT

ميركل تقيل مدير الاستخبارات الداخلية وتنقذ الحكومة الائتلافية

مدير جهاز الأمن الداخلي هانس - يورغ ماسن الذي واجه اتهامات بالتعاطف مع اليمين المتطرف (أ.ف.ب)
مدير جهاز الأمن الداخلي هانس - يورغ ماسن الذي واجه اتهامات بالتعاطف مع اليمين المتطرف (أ.ف.ب)

قررت الحكومة الألمانية عزل مدير جهاز الأمن الداخلي هانس - يورغ ماسن، الذي واجه اتهامات بالتعاطف مع اليمين المتطرف. وفي ختام اجتماع بين المستشارة أنجيلا ميركل والاتحاد المسيحي الاجتماعي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، أعلنت الحكومة أن ماسن لن يتولى بعد الآن قيادة الاستخبارات الداخلية، جاء ذلك بعد أيام من الجدل داخل الائتلاف الحكومي في ألمانيا، بعدما شكك ماسن في صحة مقطع فيديو يظهر فيه محتجون من اليمين المتطرف وهم يلاحقون مهاجرين في مدينة كيمنتس بعد مقتل رجل ألماني طعنا. وبدعم من وزير الداخلية البافاري هورست سيهوفر الذي أشاد بـ«مهاراته»، تم تعيينه سكرتير دولة في وزارة الداخلية.
وماسن يلقى حتى الآن دعم وزير الداخلية المتمرد على سياسة الهجرة التي تتبعها ميركل، إلى درجة أن وسائل إعلام ألمانية تتحدث أيضا عن رحيل قريب لوزير الداخلية.
وكان ماسن (55 عاما) يواجه صعوبات منذ 7 سبتمبر (أيلول)، فقد نفى وجود عمليات «مطاردة جماعية» لأجانب، مع أن ميركل أدانتها بعد المظاهرات المعادية للمهاجرين في كيمنتس (شرق) بدعوة من اليمين المتطرف.
كما أكد أن تسجيل فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الشأن، ليس صحيحا بينما كان التسجيل حقيقيا.
وبشكل عام واجه ماسن، مدير المكتب الفيدرالي لحماية الدستور «بي أف في» انتقادات بسبب علاقاته المفترضة الوثيقة جدا مع الحزب اليميني القومي «البديل من أجل ألمانيا» الذي دخل بقوة عام 2017 إلى مجلس النواب، مستفيدا من المخاوف التي أثارها وصول أكثر من مليون طالب لجوء منذ 2015.
واعترف مدير جهاز الاستخبارات بأنه التقى أعضاء في حزب «البديل من أجل ألمانيا» كما يفعل باستمرار مع شخصيات سياسية من اتجاهات عدة.
وواجه مدير الاستخبارات هجمات حادة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي العضو الآخر في «التحالف الكبير» الحاكم الذي يطالب بطرده. وقال الأمين العام للحزب لارس كلينغبايل: «إنني واثق من أن النتيجة ستكون أن ماسن يجب أن يرحل. الحزب الاشتراكي الديمقراطي مصمم على ذلك». وكانت زعيمة الحزب أندريا نالس صرحت في نهاية الأسبوع أنه «على ميركل توضيح وضع الحكومة. ماسن يجب أن يرحل وأقول لكم إنه سيرحل». ويرى قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن ماسن «ألحق ضررا كبيرا بالثقة في أجهزة الأمن»، بسبب تدخله في الجدل السياسي الوطني.
ولم يُكشف بعد عن الشخصية التي ستخلف ماسن في منصب مدير هيئة حماية
الدستور، غير أن مصادر بالتحالف المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل ويضم حزبها إلى جانب الحزب البافاري أكدت أن اسم وكيل وزارة الداخلية الحالي هانز جيورج أنجيلكه طُرح مطلع الأسبوع الحالي لتولي هذا المنصب الهام. ومن المنتظر ألا يكون هانز جيورج مسؤولا من خلال منصبه الجديد عن متابعة شؤون هيئة حماية الدستور، رغم تأكيد هورست زيهوفر تقديره لكفاءة ماسن في الشؤون الداخلية.
وربما كان انتقال ماسن للعمل وكيل وزارة في وزارة الداخلية ترقية له إلى فئة رواتب أعلى.
وأوضحت الحكومة أنها ستعلن في وقت لاحق عن مزيد من التفاصيل بشأن الاختصاصات التي تنتظر ماسن في منصبه الجديد.
وعلى الصعيد السياسي، فإن الأزمة حول ماسن ليست سوى تجسيد جديد للضعف السياسي المتزايد لميركل، بينما يبدو أن ولايتها على رأس الحكومة ستكون الأخيرة.
وقد واجهت صعوبات جمة في تشكيل تحالفها. ومنذ ذلك الحين تبدو ميركل مشتتة باستمرار بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي دخل الحكومة بعد تردد، والاتحاد الاجتماعي المسيحي الذي لا يكف عن الاحتجاج على سياستها للهجرة.
ويتطلع الحزب البافاري حاليا إلى انتخابات المقاطعات في 14 أكتوبر (تشرين الأول) في هذه المقاطعة المهمة. ويمكن أن يخسر أغلبيته المطلقة أمام حزب «البديل من أجل ألمانيا». وفي مواجهة الشلل في العمل الحكومي، ذهبت صحيفة «هاندلسبلات» الاثنين إلى حد الدعوة إلى «انتخابات جديدة» لوضع حد للجمود. وترى مجلة «در شبيغل» أن سلطة ميركل التي تحكم البلاد منذ 2005 «تتبخر تدريجيا».
وفي سياق متصل، يسعى نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى مراقبة منظمة الشباب التابعة لحزب «البديل من أجل ألمانيا» (أيه أف دي) والمعروفة باسم «شباب البديل» (جي أيه) على مستوى ألمانيا.
وقال سوكرو سنكار المتحدث باسم شؤون السياسة الداخلية بالكتلة البرلمانية للحزب في ولاية بريمن أمس (الثلاثاء) بعد مؤتمر استمر يومين، إن «أنصار منظمة شباب البديل وأصحاب الهويات اليمينية المتطرفة ليسوا متطابقين في أغلب الحالات في ولايتي بريمين وسكسونيا السفلى فقط». ومن جانبها، قالت سوزان روتريش المتحدثة باسم مجموعة عمل «استراتيجيات ضد التطرف اليميني» بالكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي بالبرلمان الألماني «بوندستاغ» إنها تتوقع أن يتم حاليا النظر إلى حزب البديل بدقة على المستوى الاتحادي أيضا، وشددت على ضرورة ألا يكون هناك حاليا انطباع بشأن وجود تساهل تجاه الحزب.



الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

تجاوز الاحترار خلال العامين الأخيرين في المتوسط عتبة 1.5 درجة مئوية التي حدّدتها اتفاقية باريس، ما يؤشر إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة غير مسبوق في التاريخ الحديث، بحسب ما أفاد، الجمعة، مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. وكما كان متوقعاً منذ أشهر عدة، وأصبح مؤكَّداً من خلال درجات الحرارة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، يُشكّل 2024 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق منذ بدء الإحصاءات سنة 1850، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. ومن غير المتوقع أن يكون 2025 عاماً قياسياً، لكنّ هيئة الأرصاد الجوية البريطانية حذّرت من أن هذه السنة يُفترض أن تكون من الأعوام الثلاثة الأكثر حراً على الأرض.

اتفاقية باريس

وسنة 2025، العام الذي يعود فيه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يتعيّن على الدول أن تعلن عن خرائط الطريق المناخي الجديدة، التي تُحَدَّث كل خمس سنوات في إطار اتفاقية باريس. لكن خفض انبعاث الغازات الدفيئة المسبّبة للاحترار يتعثر في بعض الدول الغنية؛ إذ لم تستطع الولايات المتحدة مثلاً خفض هذا المعدّل سوى بـ0.2 في المائة في العام الماضي، بحسب تقرير «كوبرنيكوس». ووفق المرصد، وحده عام 2024 وكذلك متوسط عامي 2023 و2024، تخطى عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحترار، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، قبل أن يؤدي الاستخدام المكثف للفحم والنفط والغاز الأحفوري إلى تغيير المناخ بشكل كبير.

احترار المحيطات

خلف هذه الأرقام، ثمّة سلسلة من الكوارث التي تفاقمت بسبب التغير المناخي؛ إذ طالت فيضانات تاريخية غرب أفريقيا ووسطها، وأعاصير عنيفة في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي. وتطال الحرائق حالياً لوس أنجليس، وهي «الأكثر تدميراً» في تاريخ كاليفورنيا، على حد تعبير الرئيس جو بايدن.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

اقتصادياً، تسببت الكوارث الطبيعية في خسائر بقيمة 320 مليار دولار في مختلف أنحاء العالم خلال العام الماضي، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن شركة «ميونيخ ري» لإعادة التأمين. من شأن احتواء الاحترار عند عتبة 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتين مئويتين، وهو الحد الأعلى الذي حدّدته اتفاقية باريس، أن يحدّ بشكل كبير من عواقبه الأكثر كارثية، بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. وتقول نائبة رئيس خدمة التغير المناخي (C3S) في «كوبرنيكوس»، سامانثا بيرجس: «إنّ كل سنة من العقد الماضي كانت أحد الأعوام العشرة الأكثر حرّاً على الإطلاق».

ويستمرّ الاحترار في المحيطات، التي تمتصّ 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية. وقد وصل المتوسّط السنوي لدرجات حرارة سطح المحيطات، باستثناء المناطق القطبية، إلى مستوى غير مسبوق مع 20.87 درجة مئوية، متجاوزاً الرقم القياسي لعام 2023.

«النينيا»

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة لموجات الحرّ البحرية على الشعاب المرجانية أو الأسماك، يُؤثّر الاحترار الدائم للمحيطات على التيارات البحرية والجوية. وتطلق البحار التي باتت أكثر احتراراً مزيداً من بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يوفر طاقة إضافية للأعاصير أو العواصف. ويشير مرصد «كوبرنيكوس» إلى أن مستوى بخار الماء في الغلاف الجوي وصل إلى مستوى قياسي في عام 2024؛ إذ تجاوز متوسطه لفترة 1991 - 2020 بنحو 5 في المائة. وشهد العام الماضي انتهاء ظاهرة «النينيو» الطبيعية التي تتسبب بالاحترار وبتفاقم بعض الظواهر المتطرفة، وبانتقال نحو ظروف محايدة أو ظاهرة «النينيا» المعاكسة. وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حذرت في ديسمبر من أنّ ظاهرة «النينيا» ستكون «قصيرة ومنخفضة الشدة»، وغير كافية لتعويض آثار الاحترار العالمي.