صِدام أميركي ـ إيراني في اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

ترمب دعا إلى حرمان طهران من أي نشاط نووي

مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية وكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي أكبر صالحي على هامش اجتماع الوكالة الدولية للطاقة في فيينا أمس (رويترز)
مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية وكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي أكبر صالحي على هامش اجتماع الوكالة الدولية للطاقة في فيينا أمس (رويترز)
TT

صِدام أميركي ـ إيراني في اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية وكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي أكبر صالحي على هامش اجتماع الوكالة الدولية للطاقة في فيينا أمس (رويترز)
مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية وكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي أكبر صالحي على هامش اجتماع الوكالة الدولية للطاقة في فيينا أمس (رويترز)

قبل أقل من سبعة أسابيع على فرض عقوبات ضد مبيعات النفط الإيرانية، اصطدام المسؤولون الأميركيون والإيرانيون، أمس، خلال اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عبر تبادل التحذيرات حول تهديد السلام العالمي مع تشديد المضايقات على طهران.
وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، أمس، إن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم بين إيران وقوى كبرى «من المحتم» أن تكون له آثار خطيرة على سلام وأمن الشرق الأوسط، حسب «رويترز».
وشهد اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا تلاسناً بين صالحي ووزير الطاقة الأميركي ريك بيري، الذي قرأ رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى مجلس الحكام في الوكالة، حسبما ذكرت وكالة «بلومبيرغ».
وقال صالحي في الاجتماع السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة: «إن هذه الخطوة المشؤومة، كما استشفّ المجتمع الدولي بالإجماع تقريباً، من المحتم أن تكون لها تداعيات خطيرة على السلام والأمن الدوليين والإقليميين».
ولم يوضح صالحي، وهو مفاوض مخضرم مع الغرب، نوع هذه التداعيات.
وتقاتل القوات الإيرانية دعماً للرئيس بشار الأسد في سوريا، حيث ينتشر كذلك مقاتلو جماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من طهران، کما تدعم إيران ميليشيا الحوثيين في اليمن.
وأعادت الولايات المتحدة بالفعل فرض عقوبات كانت قد رفعتها عن إيران بموجب الاتفاق، ومن المقرر أن تستأنف فرض عقوبات أخرى في نوفمبر (تشرين الثاني). وسعت القوى الأوروبية جاهدةً لدعم إيرادات النفط الإيرانية، وحماية شركاتها من الإجراءات الأميركية، وضمان بقاء أعمالها في إيران، لكن العديد من الشركات الأوروبية أوقفت أعمالها هناك. وأدت العقوبات إلى تراجع قيمة الريال الإيراني الذي فقد نحو ثلثي قيمته هذا العام مسجلاً انخفاضاً قياسياً أمام الدولار الأميركي هذا الشهر.
وفي رسالة بعث بها الرئيس الأميركي إلى مندوبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقرأها وزير الطاقة ريك بيري، دعا ترمب إلى «حرمان إيران بشكل دائم» من أي طريق لتطوير أسلحة نووية، مؤكداً أن واشنطن لا تريد أن تتمكن إيران من الحفاظ على قدرات تخصيب اليورانيوم.
وقال بيري: «إن خطة العمل المشتركة كانت صفقة معيبة فشلت في معالجة سوء السلوك الإيراني المستمر». وتقول الولايات المتحدة إن التدخل الإيراني من اليمن إلى سوريا مسؤول عن المساعدة في زعزعة استقرار الشرق الأوسط.
وحذّرت وكالة الطاقة الدولية من ارتفاع أسعار النفط مع تعمق خسائر الإمدادات الإيرانية خلال شهر نوفمبر. وحذّر المسؤولون الإيرانيون الشهر الماضي من أن قواتهم العسكرية قد تقيّد المرور عبر مضيق هرمز، إذا ما نفّذت الولايات المتحدة وعودها بمنع مبيعات النفط الإيراني.
وتواصل إيران العمل مع روسيا والصين على تحديث التقنيات والمنشآت النووية المسموح بها بموجب هذه الصفقة، وفقاً لصالحي، إذ ستبدأ إيران في توسيع محطة بوشهر للطاقة الذرية من الربع الثالث من عام 2019.
وقال صالحي في كلمته أمام المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: «معارضة المجتمع الدولي للانسحاب الأميركي... لا تعكس فقط الغضب العميق من النزعة الانفرادية الأميركية بل أيضاً المخاوف المتعلقة بالوضع الصعب للغاية في منطقتنا بكل الفوضى المنتشرة والتهديدات الإرهابية القائمة».
ودعا صالحي، الاتحاد الأوروبي إلى تسريع جهوده لإنقاذ الاتفاق النووي، وقال في هذا الصدد: «لقد حان الوقت ليحترم الاتحاد الأوروبي التزاماته».
وأثنى صالحي على جهود الاتحاد الأوروبي، لكنه قال: «نعتقد أن نهج التدرج المتبع حتى الآن ليس هو الآلية المناسبة على أيّ حال لمواجهة الوضع الناشئ عن السياسة الأميركية المتهورة» وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية.
ولم يكرر صالحي التهديدات التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي قال الأسبوع الماضي إن بلاده يمكن أن تبدأ في تنفيذ الاتفاق النووي بطريقة جزئية أو مخففة، وإنه يمكنها تعزيز تخصيب اليورانيوم.



قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، رفع مستوى التأهب لمواجهة أي هجوم إيراني مباغت، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى «احتمالات ضعيفة للغاية».

وأوضحت مصادر أمنية مقربة منه أن التصريحات المتداولة في واشنطن وتل أبيب بشأن تصاعد التوتر واحتمالية شن هجوم أميركي على طهران لا تعكس بالضرورة قراراً وشيكاً.

وأضافت المصادر أن الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا مختلف الخيارات والسيناريوهات، بما في ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن الرئيس لم يتخذ حتى الآن قراراً نهائياً بهذا الشأن.

وأفادت المصادر بأن بعض القوى في الجهاز الأمني الإسرائيلي ترى أن التغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، عقب الضربات التي تلقتها إيران و«حزب الله» اللبناني و«حماس»، التي بلغت ذروتها بانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، قد تدفع إيران لاتخاذ إجراءات انتقامية متطرفة ضد إسرائيل.

ومع ذلك، تؤكد التقديرات السائدة بين القيادات الأمنية في تل أبيب أن هذا الاحتمال لا يزال ضعيفاً للغاية. لكن، حرصاً على عدم وقوع مفاجآت، أصدر هيرتسي هليفي توجيهات باتخاذ تدابير احترازية صارمة، بما في ذلك رفع جاهزية سلاح الجو وقوات الدفاع الجوي للتعامل مع أي تطورات محتملة.

تحديات طهران

ويرى المؤيدون لاحتمالية قيام إيران بشن هجوم على إسرائيل في الوقت الراهن أن تدهور الأوضاع الداخلية في طهران يشكل دافعاً لمثل هذا التحرك. ويتجلى هذا التدهور في الانهيار الحاد لقيمة الريال الإيراني، وتصاعد الانتقادات للمسؤولين، وعودة بوادر الاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى مشكلات التلوث وانقطاع التيار الكهربائي، والضغوط الأميركية المتزايدة. ومن المرجح أن تتفاقم هذه التحديات مع دخول الرئيس الجديد، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، مما يضع حكام إيران أمام تحديات إضافية.

ووفقاً لما نقله موقع «واللا» العبري، فإن ترمب، المعروف بسياساته غير المتوقعة، قد يتخذ خطوات مفاجئة من شأنها خلخلة التوازنات القائمة في المنطقة. وفي السياق ذاته، تناولت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الأحد، هذا الموضوع، مشيرةً إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة إسرائيل، نظراً لدعم ترمب المطلق لها ورفضه القاطع السماح لإيران بتطوير قدراتها النووية.

في هذا السياق، أفادت مصادر أمنية في تل أبيب بوجود «قلق واضح» في إسرائيل والولايات المتحدة من احتمال أن تقدم طهران على اتخاذ «خطوة متطرفة»، رداً على الضربات التي تلقتها أو قد تتلقاها مستقبلاً، تتمثل في التوجه نحو تطوير تسلح نووي بوتيرة متسارعة. وترى تل أبيب وواشنطن أن من واجبهما التدخل بالقوة لمنع هذا السيناريو.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

خيارات العمل العسكري

وفي تقرير نشره مراسل «أكسيوس» في تل أبيب، باراك رافيد، أشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش مع مستشاريه احتمالية شن هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وأوضح التقرير أن هذا الخيار سيصبح وارداً في حال توافرت معلومات تفيد بأن طهران بدأت بتحقيق تقدم سريع في تطوير أسلحة نووية، وذلك قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مهامه الرسمية في البيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي.

وجاء في تقرير موقع «واللا» الإلكتروني، الخميس الماضي، أن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، عرض على بايدن «قبل بضعة أسابيع» خيارات لشن عمل عسكري أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في حال تسارع النظام في طهران نحو تطوير أسلحة نووية قبل نهاية ولاية بايدن في 20 من الشهر الحالي، وفقاً لما نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة.

وأشار التقرير إلى أن توجيه ضربة أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني خلال فترة يعد فيها بايدن «بطة عرجاء» سيكون بمثابة مقامرة كبرى. فمن جهة، أكد الرئيس الأميركي التزامه بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لكن من جهة أخرى، فإن تنفيذ هجوم كهذا قد ينطوي على خطر نقل أزمة إقليمية أكبر في الشرق الأوسط إلى خليفته، دونالد ترمب.

وذكرت المصادر أن «بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا خلال الاجتماع مختلف الخيارات والسيناريوهات، لكن الرئيس لم يتخذ قراراً نهائياً». وأضافت أن بعض مساعدي بايدن، ومن بينهم سوليفان، «يرون أن تآكل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية والقدرات الصاروخية، إلى جانب الضعف الكبير لوكلاء إيران في المنطقة، قد يعزز فرص توجيه ضربة ناجحة ضد المنشآت النووية، مع تقليل مخاطر الانتقام الإيراني والتصعيد الإقليمي».

وقال الدبلوماسي السابق، داني زاكن، إن «ترمب، يبدو مصمماً على استعادة مكانة الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية. لا يبدو هذا التقدير بعيداً عن الواقع، حيث من المتوقع أن تكون ولايته هذه مختلفة تماماً عن (الولايات العادية) التي شهدتها إدارة الرؤساء الديمقراطيين ومعظم الجمهوريين، وأن التغييرات ستتم بسرعة أكبر وبعظمة أكبر من تلك التي حدثت في ولايته السابقة». وأضاف: «استناداً إلى محادثات أجريتها مع مسؤولين سابقين وآخرين في الإدارة المقبلة، ومع موظف كبير في البنتاغون، إضافة إلى مصدر سياسي إسرائيلي مطلع على الاتصالات مع كبار مسؤولي الإدارة الجديدة، تبدو الأمور أكثر من إيجابية لإسرائيل، ولديها طابع عملي للغاية».

وفيما يتعلق بإيران وإمكانية شن هجوم ضدها، قال زاكن إن هناك نيةً من الإدارة الجديدة لتوسيع وتطبيق العقوبات على صادرات النفط الإيراني إلى الصين، وهو المصدر الأساسي لتمويل النظام في طهران. ومع ذلك، من المحتمل أن يفضل ترمب خوض مفاوضات مع النظام الإيراني على أساس التهديد، بهدف التوصل إلى اتفاق يجبره على التنازل الكامل عن برنامجه النووي تقريباً.

وأضاف: «ترمب ليس من محبي الحروب، بل هو محب للصفقات الكبيرة، ومصمم على تنفيذها بسرعة». وذكر أيضاً: «ترمب يسعى لصفقة كبرى، شاملة، تقوم على أساس (صفقة القرن) من جوانب اقتصادية وأمنية. الرئيس الحالي ليس دونالد ترمب 2017، بل أصبح أكثر نضجاً بكثير، ويعرف خفايا الإدارة. على مدار سنوات إدارة بايدن، تابع عن كثب القضايا المركزية، خصوصاً القضايا الخارجية. وإذا كان قد احتاج إلى عامين في ولايته السابقة لتنفيذ التغييرات الكبرى في الشرق الأوسط، فسيتم ذلك الآن في بداية ولايته».

وحسب مصدر آخر نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترمب يسعى إلى اتفاق مع إيران، لكنه يعتمد على إسرائيل للضغط العسكري على طهران، بهدف تسريع تراجعها عن مطالبها السابقة والتوجه نحو اتفاق نووي يرضي جميع الأطراف.