ملامح «جبهة مسيحية» بمواجهة انفراد {التيار} بالسلطة

خصومه يحذّرون من ترسيخ «حكم الحزب الواحد»

لقاء سابق بدعوة من البطريرك الماروني بشارة الراعي بحضور فرنجية وعون والجميل وجعجع (الشرق الأوسط)
لقاء سابق بدعوة من البطريرك الماروني بشارة الراعي بحضور فرنجية وعون والجميل وجعجع (الشرق الأوسط)
TT

ملامح «جبهة مسيحية» بمواجهة انفراد {التيار} بالسلطة

لقاء سابق بدعوة من البطريرك الماروني بشارة الراعي بحضور فرنجية وعون والجميل وجعجع (الشرق الأوسط)
لقاء سابق بدعوة من البطريرك الماروني بشارة الراعي بحضور فرنجية وعون والجميل وجعجع (الشرق الأوسط)

فتحت أزمة تشكيل الحكومة الباب على صراع سياسي طويل بين القوى المسيحية، التي تجد نفسها في دائرة «الاستهداف والإقصاء» من قبل التيّار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ويبدو أن المصيبة تجمع اليوم أحزاباً سياسية مسيحية رغم خصومتها التاريخية، كما هو حال حزب «الكتائب» مع تيّار المردة برئاسة النائب السابق سليمان فرنجية، وحال «القوات» أيضاً مع «المردة»، لكن ذلك ليس كافياً حتى الآن لإنشاء «جبهة سياسية» بمواجهة التيّار الحرّ، الذي «يمارس سياسة أنا أو لا أحد على أحدّ» على حدّ تعبير القيادي في حزب «الكتائب» النائب السابق ايلي ماروني.
وتتباين رؤى القوى المسيحية حيال النظرة إلى تشكيل «جبهة سياسية»، ويقدّم كلّ فريق تفسيره للمرحلة المقبلة من زاوية مختلفة، ورأى ماروني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «منذ عودة التيار الوطني الحرّ إلى ممارسة العمل السياسي إثر عودة الرئيس ميشال عون من المنفى في العام 2005. بدأ يستأثر ويحتكر المقاومة ضدّ الاحتلال السوري، وكأن المسيحيين الآخرين ليس لديهم تاريخ نضالي ومقاوم، رغم ما عانيناه من اغتيال وقهر واضطهاد واعتقالات وإخفاء لقياداتنا». وشدد على أن التيار الحرّ «يمارس سياسة أنا أو لا أحد، وبنتيجة هذه السياسة نتجه إلى حكم الحزب الواحد، ومحاولة إلغاء القوى المسيحية الأخرى»، معرباً عن أسفه لأن التيار الحرّ «لديه جشع الهيمنة على كلّ المواقع المسيحية السياسية والأمنية والعسكرية والإدارية، وهذا أمر مرفوض».
وتشهد العلاقة بين «الكتائب» و«المردة» تقاربا لافتاً، يتمثّل بزيارات متبادلة لقيادات الطرفين، وكان آخرها زيارة النائب نديم الجميل مدينة أهدن (شمال لبنان) حيث وضع إكليلاً من الزهر على ضريح الوزير والنائب الراحل طوني فرنجية (والد سليمان فرنجية).
وبرأي النائب السابق ايلي ماروني، أن «الوضع بات يحتاج إلى تضامن مسيحي قوي»، مؤكداً أن «المجتمع المسيحي مصاب بالإحباط، ويعاني من انعدام حقه بالوصول إلى أي موقع في الدولة، وكل من لا يتبع لتيار جبران باسيل لا يمكنه الوصول إلى مركز أو وظيفة في الدولة». ودعا إلى «إنشاء جبهة واحدة قادرة على مواجهة هذا الاستفراد والاستهداف». وقال ماروني «إذا لم نتوحّد كقوى مسيحية في جبهة واحدة نكون أغبياء»، كاشفاً عن وجود اتصالات بهذا الشأن لم تصل إلى مبتغاها بعد.
ويواصل الوزير باسيل، معارضته منح حصّة وازنة للقوى المسيحية الأخرى في الحكومة، خصوصاً «القوات اللبنانية»، الأمر الذي عبّد الطريق نحو اقترابها أكثر من تيّار «المردة» رغم الصراع التاريخي بين الطرفين، واعتبر رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور، أن لا وجود لـ«جبهة سياسية» في مواجهة العهد (الرئيس ميشال عون) وفريقه. لكنه أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوى المسيحية وغير المسيحية تتقاطع في الخصومة مع نفس الشخص (جبران باسيل) الذي يوحّد خصومه رغم تناقضاتهم». واستبعد جبور «الذهاب إلى تشكيل إطار سياسي في مواجهة جبران باسيل، الذي لديه خلافات مع معظم القوى السياسية الإسلامية، مثل الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري ووليد جنبلاط».
ورغم عدم استعجال «القوات اللبنانية» بالتبشير بقيام تحالف مسيحي، لفت شارل جبور إلى أن جبران باسيل «يقود نفسه وتياره إلى عزلة وطنية، في حين أن سياسة «القوات اللبنانية» تقودها إلى تقاطعات وتفاهمات مع القوى المسيحية والوطنية»، كاشفاً أن «الاتصالات مع الوزير (السابق) سليمان فرنجية وتيار «المردة» تتقدم بشكل كبير، وهذا لا يعني حالياً بناء تحالف سياسي بمواجهة باسيل، لكن نتائج تصرفات الأخير أرست مشهدية تقول بأن هناك طرفاً سياسيا يأخذ نفسه إلى عزلة مسيحية ووطنية».
من جهته، أعطى منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، تفسيراً مختلفاً لنظرة القوى المسيحية لسياسة التيار الوطني الحرّ، وعبر عن اعتقاده أن «المعركة الموجهة ضدّ جبران باسيل وتياره، هي معركة «بدل عن ضائع»، لأن المشكلة في مكان آخر». وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحد من القوى السياسية يجرؤ على معارضة «حزب الله» ليعترف بأنه وحده من يعرقل بناء الدولة»، مشيراً إلى أنهم «يتجنبون الاصطدام مع «حزب الله» ويذهبون إلى معركة مع التيار الحرّ».
ولا ينكر سعيد وجود دور مساعد للتيار الوطني الحرّ في التضييق على المسيحيين الآخرين، لكنه نبّه إلى أن «وليد جنبلاط يدرك أن إصرار التيار الحرّ على توزير (النائب) طلال أرسلان، يأتي بطلب من بشار الأسد و«حزب الله»، فيما يخوض معركته جبران باسيل، كما أن (الرئيس المكلّف) سعد الحريري يدرك أن معركته على صلاحيات رئاسة الحكومة ليست مع الرئيس عون، لكنه يشتبك مع عون بدلاً من حزب الله»، وجعجع عندما يقول في خطابه «الإخوة في حزب الله»، فهو يعني أن المرجعية السياسية التي كانت بيد النظام السوري باتت بيد حزب الله».
وشدد سعيد على ضرورة أن «تنطلق المعركة مع الرئيس عون وفريقه، من قاعدة أنه الزعيم المسيحي الذي يؤمن الغطاء السياسي والدستوري للسلاح غير الشرعي في لبنان».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.