دمشق تغص بمعرضها الدولي والليرة تنخفض على وقع طبول الشمال

زوار معرض دمشق الدولي المحليون يتطلعون لسياحة رخيصة في زمن تراجع الليرة السورية (إ.ب.أ)
زوار معرض دمشق الدولي المحليون يتطلعون لسياحة رخيصة في زمن تراجع الليرة السورية (إ.ب.أ)
TT

دمشق تغص بمعرضها الدولي والليرة تنخفض على وقع طبول الشمال

زوار معرض دمشق الدولي المحليون يتطلعون لسياحة رخيصة في زمن تراجع الليرة السورية (إ.ب.أ)
زوار معرض دمشق الدولي المحليون يتطلعون لسياحة رخيصة في زمن تراجع الليرة السورية (إ.ب.أ)

مع ارتفاع قرع طبول الحرب في إدلب شمال سوريا، جددت الأجهزة الأمنية في دمشق وريفها حملات لسحب الشباب المطلوبين إلى الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط، وحذر سكان بدمشق عبر مواقع التوصل الاجتماعي من نصب الأجهزة الأمنية عددا من الحواجز المؤقتة في دمشق وريفها، واعتقال عدد من المطلوبين للخدمة العسكرية. كما نشرت صفحة صوت العاصمة، أمس السبت، مواقع تلك الحواجز التي تستهدف المطلوبين للتجنيد الإجباري، منها حاجز للأمن السياسي في المنطقة الغربية لحي برزة حيث تم اعتقال شاب هناك، وحاجز للأمن السياسي قرب أفران ابن العميد في حي ركن الدين، وإجراء الفيش الأمني للشبان في طوابير شراء الخبز. وحاجز آخر للأمن السياسي في منطقة معربا ذهاباً وإياباً، وتسجيل ثلاث حالات اعتقال فيه. وحاجز للأمن السياسي في مدينة التل حيث جرى اعتقال شابين فجر الجمعة، وحاجز في أحد مداخل مدينة دوما من جهة الأوتوستراد الدولي يقوم بإجراء الفيش الأمني للداخلين والخارجين من وإلى دوما. وحاجز للأمن العسكري في الطريق إلى قاسيون من حي المالكي. وحاجز للأمن العسكري بالقرب من دوار البيطرة في بداية طريق المطار الدولي.
وجاءت هذه التحركات الأمنية، في الوقت الذي تشهد فيها شوارع دمشق ازدحاما خانقا بسبب معرض دمشق الدولي الذي أتاح فيه النظام وسائط نقل مجانية تنقل الزوار إليه، فتحول خلال الأيام العشرة الأخيرة إلى متنزه للفقراء وذوي الدخل المحدود يؤمونه بالآلاف للفرجة والسياحة المجانية.
وأضافت تصريحات رئيس حكومة النظام عماد خميس، السبت، سريالية على المشهد السوري، بحديثه عن إجراءات من شأنها تحسين المعيشة إلى جانب زيادة الرواتب، وهي «تأمين فرص العمل في القطاع الخاص لا سيما في مجال المشروعات العمرانية»، وذلك في سياق حديثه عن إطلاق عملية بناء الأبراج في مشروع تنظيم مرسوم 66 خلف مشفى الرازي (منطقة المزة)، وأوضح أن «مشروعات البناء تحرك معها عشرات المهن»، ما أثار ردود الفعل التي تسخر من طرح فرص عمل افتراضية في مشروعات ما تزال حبرا على ورق، بينما الواقع يؤكد أن الحرب أكلت طبقة القوى العاملة المطلوبة في أعمال العمران والبناء وجميع المهن الخدمية، وهي شريحة الشباب من سن 18 إلى 50. الذين إما غيبوا في المعتقلات أو هاجروا خارج البلاد أو سحبوا إلى التجنيد الإلزامي أو تطوعوا في الميليشيات المقاتلة. والقلة القليلة الباقية، بالكاد تغطي الحاجة الماسة في المرافق العامة.
وكان رئيس بلدية مدينة جرمانة جنوب دمشق التي تعيش كارثة بيئية بسبب تراكم القمامة في شوارعها بمعدل ألف طن يوميا، قد صرح للإعلام المحلي، مؤخرا، بأن جرمانة التي يعيش فيها نحو مليوني نسمة نزح غالبيتهم من المناطق المدمرة، تعاني قلة اليد العاملة، بعد أن تم سحب ما يقارب 140 عاملاً منها ليتم توزيعهم على مناطق الغوطة التي أعاد النظام سيطرته عليها، وما تبقى في بلدية جرمانا من عمال، هو 25 فقط، بينما تحتاج المدينة إلى ما لا يقل عن 1000 عامل، مشيراً إلى أن البلدية تقدمت بكثير من طلبات التوظيف بعقود سنوية وشهرية، لكنها لم تلقَ إقبالاً لأن «الشريحة العمرية المطلوبة للتوظيف غير موجودة وأيضاً بسبب ضعف الأجر».
تقول مهندسة في مكتب تعهدات خاص: «سنة حرب أخرى، وتتحول سوريا إلى كوكب زمردة حيث لا يعيش فيها سوى النساء». وتشير إلى الصعوبات البالغة التي تواجه المكتب لتأمين عمال لورشات العمارة الداخلية، مؤكدة أن المشكلة الآن، هي أنه لا يمكن تعويض نقص القوى العاملة من العمالة النسائية التي دخلت في مختلف القطاعات في سوريا، باستثناء المهن العضلية الشاقة، كالعمارة والإنشاء.
وبينما كانت التوقعات بتحسن قيمة الليرة خلال أيام معرض دمشق الدولي بالنظر إلى تدفق القطع الأجنبي، فإن ما حصل كان العكس إذ تدهورت قيمة الليرة لأول مرة منذ عدة شهور، ليرتفع سعر الدولار من 434 إلى 460 ليرة سورية. ورد متابعون للاقتصاد السوري هذا الارتفاع إلى التصعيد الدولي بشأن الهجوم المرتقب على إدلب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.