لَبنة السلام في جدة... السعودية تقطع طريق «الأجندات» في القرن الأفريقي

الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد خلال التوقيع على اتفاقية السلام بين البلدين بحضور الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان ولي العهد (تصوير: بندر الجلعود)
الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد خلال التوقيع على اتفاقية السلام بين البلدين بحضور الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان ولي العهد (تصوير: بندر الجلعود)
TT

لَبنة السلام في جدة... السعودية تقطع طريق «الأجندات» في القرن الأفريقي

الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد خلال التوقيع على اتفاقية السلام بين البلدين بحضور الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان ولي العهد (تصوير: بندر الجلعود)
الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد خلال التوقيع على اتفاقية السلام بين البلدين بحضور الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان ولي العهد (تصوير: بندر الجلعود)

أشد ما يخشاه العرب خصوصاً في الدول التي تحاول منازعة الخلافات والأوضاع الاقتصادية؛ أن تكون عرضة للابتزاز أو أن تكون ممراً للتأزيم لمواقع أخرى، هكذا هي حالة من حالات الدول العربية في القرن الأفريقي، حيث الروح الجديدة بالإصلاحيين من السياسيين وربما الرغبات الشعبية، مع تبلور الوعي الكامل بالأجندات التي تستهدف أمنها ومحيطها وتأزيم علاقاتها مع الجيران.
وللمقاربة، على طرف بعيد من أفريقيا، الولايات المتحدة الأميركية، تطوي خلافات العقود مع كوريا الشمالية، البعيدة عنها جغرافياً، القريبة من حلفائها، كل ذلك تم لأن هناك الرغبة وإن كانت لا تزال حتى اليوم في طور الصعود والهبوط. لكن الحالة العربية تثق بما لدى السعودية، وما توده وتسعى إليه.
أحداث من نوع ما يعرف بطي الخلافات، والتعامل مع الأسباب قبل النتائج، هي المنهج السياسي الأسلم، المصالحات عنوان وعي، ولا يمكن لها أن تتحقق من رعاة يسقون بذور حسن النيات لتنمو في محيطها وتجعل الحدائق في المحيط الجغرافي أكثر بهاءً.
إذن طي الخلافات، وإحلال السلام؛ هو المسار الأكثر قوة، وأيضاً -وهو الأهم- كسر عزلة الدول في قرن أفريقيا، فكان من المحللين من يرى أن حضور السعودية في المشهد الأفريقي، آخذ في النشاط.
ولتكن هناك التفاتة للتاريخ: أكثر فترات الاستقرار في أفريقيا كانت تلك العائدة إلى العلاقات العربية- الأفريقية، ما قبل الإسلام وبعده، وحتى في مراحل أولية من نيل عدد من الدول الأفريقية استقلالها من قوى الاستعمار، وتمخضت عن نموذج يُعد مثالياً مقارنةً بما كانت عليه بالأمس، في نواحي الاقتصاد والتكامل الأمني المشترك.
التقارب مع أفريقيا ظل خجولاً في عقود سبقت 2015، عدا فترة التقارب الأولى التي قادتها السعودية بقيادة الملك فيصل رحمه الله، وزياراته لدول أفريقية عدة في عام 1966، وتمخض بعدها إعلان إنشاء منظمة التعاون الإسلامي، وتبعتها زيارات أشمل في عام 1972، في إدراكٍ سعودي أصيل بأهمية التقارب مع الدول الأفريقية، التي تدين غالبيتها بالإسلام، وتتوق إلى مراحل التعاون الشامل.
بل وزاد من ذلك، تشكيل تعاون عربي أفريقي، شهدت فيه القاهرة أول قمة عربية أفريقية في عام 1977، نتج عنها برامج عمل متنوعة، وحدد الأساس القانوني والسياسي للتعاون العربي الأفريقي والمبادئ التي يستند إليها هذا التعاون فضلاً عن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها من الأمن والاقتصاد والتقارب بين الشعوب، لكن البرامج تلك ظلّت في أوراق عربية شتى لم ترقَ إلى التنفيذ.
هكذا التاريخ يثبت أنه حين تحضر السعودية ومعها أصحاب النيات الصادقة، تتسم الحياة بأكثر من مثالية مقارنةً باليوم، لكن العودة لهذا المسار استغرقت وقتاً، وإعادة دور الرياض للحاضر؛ فخلال عام واحد (مارس (آذار) 2015 - مارس 2016)، التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أكثر من أربعة عشر زعيماً أفريقياً، حطّت رحالهم في السعودية، حملت زيارات بعضهم توقيع اتفاقيات عدة لمشروعات بين البلدين، بغية تحقيق التكامل وبناء تحالفات على أوجه متنوعة، من الغابون إلى النيجر ومن ثم موريتانيا ونيجيريا، وحتى دول القرن الأفريقي إثيوبيا وجيبوتي وإريتريا والصومال ووصولاً إلى السودان، وكذا جمهورية جزر القمر.
يضاف إلى ذلك، تنقلات ورحلات عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، بين دول في أفريقيا، كانت توحي بأشياء ستتحقق في القريب، خصوصاً في زيارات تكررت بين إثيوبيا وإرتيريا، البلدين اللذين أنهكتهما الحرب الساخنة وكذا الباردة.
أمس، حلت الدولتان في جدة، حيث وضعتا اللبنة الأولى للسلام بعد عشرين عاماً من إعلانات الحرب المتبادلة بينهما وعامين من حرب ساخنة، ليتغير المشهد للأعمق. السعودية ومعها الإمارات كذلك تؤسسان لمستقبل أكثر تنمية، قاطعتين الطرق على المكايدات التي حاولت استغلال الممرات البحرية ومحيط السعودية والخليج والأمن العربي.
يقول عثمان عبد الرب ماهين، الباحث في الشؤون الأفريقية والجماعات الإرهابية، إن أفريقيا شهدت ولا تزال توسعاً لأعمال العنف المرتبطة بالجماعات المتطرفة المؤمنة بأفكار تنظيم القاعدة، وأضاف أن إيران تحاول إيجاد موطئ قدم لها في الشمال الأفريقي حالياً، بعد أن كسرت السعودية وحلفاؤها شوكة الخلافات بين دول المضيق (باب المندب)، ومع تأكيد دول إسلامية إغلاق مقرات ثقافية كانت تدعمها طهران ودول حليفة لها في إطار نشر المذهبية والأدلجة التي تُصنف إرهابياً.
وأشار ماهين الذي تحدث مع «الشرق الأوسط» من جنوب أفريقيا، إلى أن «التراجع العربي ساهم في أن تستغل إيران نتيجة تراكم السنوات في محاور أفريقية، ومعها قطر التي تلعب على ورقة الدين من خلال اتحاد العلماء المسلمين (مصنّف إرهابياً في دول منها السعودية والإمارات) للبحث عن بدائل بعد فشل السيطرة الجيوسياسية واختطاف القرار بعد فشل مشروع الربيع العربي». وأكد أن دول المحور المناهض للاستقرار تسعى اليوم إلى غربلة أي نهضة أو استقرار من خلال ضخ مزيد من النار في زيت الخلافات أو الحاجات الاقتصادية، ويشهد قلب أفريقيا مزيداً من ذلك هذه الأيام.
السعودية ومعها دولة الإمارات، كان هذا العام لهما موعد تحقيق وتنفيذ الاستراتيجية الهادئة لحماية الأمن القومي الخليجي بالالتفاتة إلى ما يجري في دول القرن الأفريقي، وهو ما يعزز الحماية بطوق التأمين من اليمن حتى ما وراء باب المندب. ويرى ماهين أن السعوديين يسعون إلى «بناء إطارين بالأمن والتنمية لأن هذين ما تحتاج إليهما أفريقيا، ولأن السعودية لها التأثير الروحي هناك».
فيما يرى الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس «مركز الخليج للأبحاث»، أن استضافة السعودية «اتفاقية جدة للسلام بين إثيوبيا وإريتريا» تنسجم مع سياسة المملكة ومواقفها الثابتة والمعلنة التي ترتكز على دعم السلام والاستقرار الإقليمي والدولي مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وأضاف بن صقر لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية «تتبنى وتدعم مبادرات المصالحات الإقليمية والدولية؛ وهي كثيرة؛ سواء بين الدول العربية أو الإقليمية»، مشيرا إلى أن توقيع اتفاق السلام الإثيوبي - الإريتري، يأتي تتويجا لجهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ودليلا على ثقل السعودية ومصداقيتها.
وبين بن صقر أن السعودية تعمل دائماً على إخلاء حوض البحر الأحمر من الصراعات والاستقطاب وتمدد النفوذ الأجنبي من الدول التي تستغل الخلافات بين دول الإقليم للتغلغل وتهديد الاستقرار الإقليمي.
إلى ذلك، شدد الدكتور زهير الحارثي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى، على أن استقرار إريتريا وإثيوبيا «له انعكاسات إيجابية على منطقة القرن الأفريقي، ناهيك بتعزيز أمن البحر الأحمر الذي يعاني من القرصنة وغيرها».
ولم يعد الدور السعودي يتوقف على جوانب المساعدات والأعمال الاجتماعية في أفريقيا، بل بشراكات اقتصادية وعلاقات سياسية أمنية متعمقة. وفي الأشهر الأخيرة كانت هناك توجهات جديدة لدى القيادة السعودية، أكثر إدراكاً لمصالحها ودوائرها المتسعة، إذ تتمتع الرياض برصيد كبير لدى دول القرن الأفريقي نظراً إلى أبعاد مختلفة ثقافية واجتماعية ودينية تجعلها نقطة ارتكاز يمكن الاعتماد والبناء عليها.
وعن الحاضر والمستقبل، هناك 19 دولة أفريقية من أصل 34 دولة إسلامية شاركت في التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب، الذي أعلن قيامه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد وزير الدفاع، وأتت تلك الجهود بثمرة التحالف التاريخي الكبير، بعد نجاح السعودية ودول التحالف العربي في عملية «عاصفة الحزم» في اليمن دعماً للشرعية فيها.
المستقبل يعطي الدلالة على أن الفترة المقبلة سيبدأ عصر جديد ستكون عليه أفريقيا خصوصاً غربها. تداعيات الاستقرار ستؤسس لما سيكون على المدى البعيد، وإن حفلت دول مثل: جيبوتي، والصومال، وإريتريا وإثيوبيا وجزر القمر، بحالة من خصوصية الموقع والداخل؛ إلا أنها تتفق على أن الأمن وقود التنمية، والخليجيون هم الأكثر حسناً في النيات.


مقالات ذات صلة

السعودية: أمر ملكي بتعيين 125 عضواً في النيابة العامة

الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

السعودية: أمر ملكي بتعيين 125 عضواً في النيابة العامة

أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمراً ملكياً بتعيين 125 عضواً بمرتبة ملازم تحقيق، على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في الرياض (واس)

السعودية تجدد رفضها القاطع لمواصلة الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والوكالات الإغاثية

شدد مجلس الوزراء السعودي على الرفض القاطع لمواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والوكالات الإغاثية والإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان (الشرق الأوسط)

القيادة السعودية تهنئ سلطان عُمان بذكرى اليوم الوطني لبلاده

هنأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، بمناسبة ذكرى اليوم الوطني لبلاده.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة

صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة، ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس)

خادم الحرمين يتسلم رسالة خطية من الرئيس القُمري

تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، رسالة خطية، من غزالي عثمان رئيس جمهورية القُمر، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».