قتلى بهجوم مسلح شرق بوركينا فاسو

عنصر من شرطة بوركينا فاسو بالقرب من موقع الحادث في واغادوغو (أ.ف.ب)
عنصر من شرطة بوركينا فاسو بالقرب من موقع الحادث في واغادوغو (أ.ف.ب)
TT

قتلى بهجوم مسلح شرق بوركينا فاسو

عنصر من شرطة بوركينا فاسو بالقرب من موقع الحادث في واغادوغو (أ.ف.ب)
عنصر من شرطة بوركينا فاسو بالقرب من موقع الحادث في واغادوغو (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات المحلية أن تسعة مدنيين على الأقل قتلوا مساء أمس (السبت) في هجوم على منطقتين في شرق بوركينا فاسو حيث ينشط متشددون منذ عدة أشهر.
وقال حاكم المنطقة في بيان له: «إنه في مساء السبت سبتمبر (أيلول) 2018، وقع هجومان إرهابيان في قريتي ديابيغا (60 كلم عن باما) وكومبينبيغا (15 كلم من باما) في محافظة كومبينغا، في الشرق». وباما هي كبرى مدن هذه المحافظة.
وأضاف أن هذا الهجوم المزدوج «ضد السكان أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص».
وذكر مصدر أمني من واغادوغو أن «الهجوم الأول استهدف زعيما دينيا وأنصاره وقتل فيه خمسة أشخاص بمن فيهم رجل الدين».
وأضاف أن الهجوم استهدف منزل المسؤول الديني الذي يضم مسجدا، وخلف أيضا ثلاثة جرحى بحسب المصدر ذاته.
وبعيد ذلك، قال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية إن «أحد الجرحى الثلاثة كانت إصابته خطيرة جدا وتوفي مساء السبت».
وأوضح مصدر أمني آخر طلب عدم كشف هويته أنه «في قرية كومبينبيغا قتل ثلاثة أشخاص هم أفراد عائلة واحدة وأصيب آخران بجروح بيد مسلحين يعتقد أنهم متشددون وصلوا على متن دراجات نارية».
ولم يستبعد المصدر أن يكون «الاعتداءان هجومين محددي الأهداف»، لكنه قال إنه «ما زال يتعين تحديد أسباب مثل هذه الأفعال ضد مواطنين».
وكان سبعة من أفراد قوات الأمن في بوركينا فاسو قتلوا في منتصف أغسطس (آب) في انفجار عبوة يدوية الصنع، بعد 15 يوما على مقتل ستة أشخاص في ظروف مشابهة في منطقة الشرق أيضا.
وانفجرت العبوة عند مرور آليتهم على بعد نحو ثلاثين كيلومترا عن فادا نغورما كبرى مدن منطقة الشرق، بينما كانوا متوجهين بسرعة إلى باما (100 كلم عن فادا نغورما) التي تعرض مركز الدرك فيها لهجوم شنه مسلحون.
ووعد الرئيس روش مارك كريستيان كابوريه في الثامن من سبتمبر «بإجراءات أمنية جديدة» من أجل «القضاء على آفة الإرهاب» بعد سلسلة هجمات في الشرق أسفرت عن سقوط نحو عشرين قتيلا خلال شهر واحد.
وشهدت العاصمة واغادوغو ثلاثة اعتداءات خلال سنتين، أسفرت عن مقتل نحو ستين شخصا. واستهدف آخر هذه الاعتداءات هيئة أركان الجيش وسفارة فرنسا.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.