الصين تدشن الرقابة الشاملة

صور رفعها متضامنون مع أقلية الإيغور امام مكتب التنسيق الصيني في هونغ كونغ (إ.ب.أ)
صور رفعها متضامنون مع أقلية الإيغور امام مكتب التنسيق الصيني في هونغ كونغ (إ.ب.أ)
TT

الصين تدشن الرقابة الشاملة

صور رفعها متضامنون مع أقلية الإيغور امام مكتب التنسيق الصيني في هونغ كونغ (إ.ب.أ)
صور رفعها متضامنون مع أقلية الإيغور امام مكتب التنسيق الصيني في هونغ كونغ (إ.ب.أ)

الرقابة الشاملة المفروضة على مسلمي إقليم شينغيانغ وحملة «إعادة التربية» في معسكرات تضم نحو المليون شخص من أقلية الإيغور ومن أقليات أخرى، تبدو مقدمة لسياسة عامة ستنتهجها الصين في الأعوام القليلة المقبلة وقد تشكل نموذجا تقتدي به حكومات في أنحاء مختلفة من العالم.
حملة «الضربة الشديدة» التي بدأتها السلطات في ربيع 2017 بعد تعيين حاكم جديد للإقليم لوقف ما تقول إنه انتشار للأعمال الإرهابية وتصدٍ للتطرف الديني، أفضت إلى سوق مئات الآلاف من المسلمين الصينيين إلى المعسكرات التي يُفرض فيها عليهم تعلم اللغة الصينية والاستماع إلى محاضرات عن عقيدة الحزب الشيوعي الحاكم فيما تفيد تقارير عدة منها ذلك الصادر عن منظمة «هيومان رايتس ووتش» أن المقيمين في المعسكرات يتعرضون لسوء المعاملة إذا لم يظهروا القدر الكافي من الطاعة ومن التجاوب مع الإدارة. ويذهب تقرير المنظمة المنشور في سبتمبر (أيلول) الحالي إلى أن السلطات الصينية ترمي في واقع الأمر إلى إجبار الإيغور على التماهي مع الصينيين الآخرين. وتشمل الحملة إبعاد الإيغور عن المدن التي يقيمون فيها، سواء في الإقليم أو في نواحي الصين المختلفة، إلى قراهم الأصلية وتقييد حركتهم وقطع تواصلهم مع العالم الخارجي بعد الاتهامات التي وجهتها بكين إلى الإيغور بالتورط في الأحداث في الشرق الأوسط وشن هجمات إرهابية في الداخل منذ سنة 2009.
تصر بكين على إنها تكفل الحريات الدينية لكل مواطنيها وأنها لا تستهدف أي قومية بعينها وأن الهدف الأسمى هو «الاندماج الوطني»، على الرغم من أن منتقدي سياستها يؤكدون أن ما يجري لا يقل عن هندسة اجتماعية لاستئصال كل معارضة أو احتجاج على سياسات العاصمة والحزب الحاكم، وصولا إلى تدمير مجتمع الإيغور ومحو ثقافتهم وتراثهم وقطع صلاتهم مع أي جهة يمكن أن تمثل امتدادا حضاريا أو دينيا لهم.
ومن ضمن الحملة الكبيرة، أطلقت السلطات عملية «الحمامة» التي تستخدم فيها آلاف الطائرات المسيرة آليا (درونز) مموهة على شكل طائر الحمام وتحمل أجهزة تنصت وتصوير متطورة محلقة على مدار الساعة في مناطق شينغيانغ راصدة أبسط التحركات. يضاف إلى ذلك الاستخدام المكثف لتقنية التعرف على الوجوه من خلال آلاف آلات التصوير الموزعة على المفترقات والأماكن التي تشهد ازدحاما.
الأسوأ أن الأمر لا يقتصر على الإيغور وإقليم شينغيانغ وحدهما. فقد أصدرت «اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح» الحكومية في 2015 ورقة أكدت فيها أن تقنيات الرقابة والتعرف على الوجوه وتتبع الحمض النووي ستعمم في البلاد بحلول سنة 2020. وبالفعل بدأت بعض المؤسسات والمدارس في مدينة هوانغجو شرق الصين باستخدام تكنولوجيا الرقابة المستمرة على العاملين فيها والتلامذة بحيث تسجل معطيات كل فرد، من ساعة وصوله إلى العمل أو المدرسة وتفاصيل سلوكه بل مستوى الدهون في طعامه، في ذاكرة الحاسبات الآلية ويجري الاطلاع عليها لتقييم الإنسان موضوع المراقبة ومدى انصياعه للقوانين وخضوعه للأنظمة واستجابته للتعليمات.
عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي وجهوا رسالة قبل أيام إلى وزيري الخارجية والخزانة الأميركيين يطلبون فيها إنزال عقوبات بالحكومة الصينية بسبب هذه الممارسات القمعية بعد شهور قليلة من رسالة مشابهة وجهت إلى وزير الاقتصاد حضه كتابها على التدقيق فيما تصدره الشركات الأميركية من برامج معلوماتية ومنتجات إلكترونية تستخدم في الرقابة الشاملة بعدما أظهرت أرقام المبيعات أن الصين زادت الطلب على الأجهزة والبرامج المذكورة في الأعوام القليلة الماضية وأن المصدرين الأميركيين يسعون إلى تلبية حاجة الصين إلى هذه التكنولوجيا.
ثمة ملاحظة جديرة بالاعتبار: ليست العقوبات الجماعية التي تشمل بها السلطة جماعة دينية أو عرقية محددة بالأمر الجديد. فالتاريخ يحفل بالكثير من الأمثلة عن طرد الدول لقبائل وشعوب اعتبرت مصدرا للخطر. ارتقت هذه الممارسة إلى مستويات أعلى مع ظهور الأنظمة الشمولية، فاستهدف النازيون اليهود والغجر فيما رحّل ستالين شعوبا بأكملها من القرم والقوقاز لشبهة تعاونها مع الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية. أما الرقابة الشاملة فهي أيضا ليست وليدة اليوم حيث اعتادت أجهزة الأمن على وضع أعداد كبيرة من المعارضين والمشبوهين تحت أنظارها ورصد كل حركاتهم وسكناتهم. الجديد هو أن الحكومة الصينية مزجت في إقليم شينغيانغ الظاهرتين معا وجعلت من شعب كامل يزيد أفراده عن العشرين مليونا موضوعا لرقابة شاملة.
السمة «الأورويلية» (نسبة إلى رواية الكاتب جورج أورويل «1984» التي رسم فيها صورة دولة تراقب وتضطهد مواطنيها من دون توقف وسط إعلام كاذب ودعاية مضللة)، للسياسة الصينية لا تخطئها العين وأخطر ما فيها أنها تغري الكثير من الحكومات بتقليد النموذج الصيني حيث تستطيع كل الحكومات تقديم ما يكفي ويزيد من الذرائع والمبررات لإقامة أنظمة رقابة شاملة تتحطم فيها المساحة الخاصة بل الحياة الشخصية للأفراد في نقلة نوعية نحو المجتمع الديستوبي (النقيض لمجتمع الطوبى «اليوتوبي»).
توفر التقنية الرقمية وانتشارها على نطاقات واسعة في الوقت الذي تتراجع فيه قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الأفراد وتصعد فيه الأحزاب الشعبوية والمتطرفة الملوحة بخطر المهاجرين واضمحلال الهوية الوطنية، عوامل قد تشكل المزيج المتفجر اللازم لجعل الحياة في هذا العالم كابوساً مستمراً من الخوف والاضطهاد والقمع.



الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.