الحريري يستأنف مشاوراته الحكومية لترميم صيغة «أفضل الممكن»

«القوات» تبدي مرونة مشروطة وتلمح إلى الاكتفاء بـ4 وزارات

TT

الحريري يستأنف مشاوراته الحكومية لترميم صيغة «أفضل الممكن»

عاود رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري فتح خطوط مشاوراته مجدداً مع القصر الجمهوري ومعراب والمختارة، محاولاً ترميم الصيغة الحكومية التي قدمها قبل أسبوعين إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، ورفضها الأخير من باب وضع ملاحظاته عليها. لكن مساعي الحريري الجديدة محفوفة بمخاطر تطويقها وإفشالها مجدداً.
يأتي ذلك في ظل مرونة مشروطة أبداها حزب «القوات اللبنانية»، بالتلميح إلى إمكانية اكتفائه بـ4 وزراء، بينهم وزير دولة، شرط منح «القوات» 3 حقائب وازنة، بينها وزارة سيادية؛ «الدفاع» أو «الطاقة». وبدا «الحزب التقدمي الاشتراكي»، برئاسة الوزير النائب السابق وليد جنبلاط، أكثر تشدداً، بعد القرارات التي طالت موظفين موالين له في وزارتي البيئة والطاقة، وغداة الهجوم الذي شنه الرئيس عون من ستراسبورغ على الحزب، ورئيسه جنبلاط، من دون أن يسميه.
إلا أن مصادر مقربة من الحريري أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الأخير «ليست لديه تركيبة حكومية جديدة لتسويقها، بل يحاول البناء على ما تضمنته الصيغة السابقة، التي تبقى أساساً لأي توليفة (تركيبة) حكومية».
وينطلق الحريري في مسعاه الجديد من انفراج ملموس على صعيد العقدة المسيحية، وتشير المصادر إلى «مرونة القوات» في الساعات الماضية، التي تنسجم مع ملاحظات عون، بما خص تضمين حصة «القوات» وزارة دولة، لكنها لم تعط جواباً حاسماً للرئيس المكلف على هذا الطرح، قبل أن تتبلغ رسمياً بنوع الحقائب الثلاث التي ستنالها، وأهمية الأخذ بالاعتبار أن تكون إحداها الدفاع أو الطاقة.
لكن مرونة «القوات»، المرشّحة للاصطدام بمحظورات الرئيس عون و«التيار الوطني الحرّ»، اللذين يرفضان التنازل عن وزارات الدفاع والطاقة والعدل، لا تنسحب على موقف «التقدمي الاشتراكي»، الذي عاد إلى التشدد بعد التصعيد الإعلامي بينه وبين رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، لكنه لن يوصد الباب أمام مساعي الرئيس الحريري، وفق تعبير قيادي في الحزب أكد أن «رهان الحزب الأول والأخير هو على الرئيس الحريري الذي يبذل جهوداً حثيثة وصادقة للخروج من الأزمة القائمة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نراهن على حركة الرئيس الحريري، ونياته الصادقة، ومشاوراته من أجل تسريع عملية التأليف، وإخراجها من عنق الزجاجة، ومستعدون لمساعدته، لكننا لن نلغي أنفسنا، كما يريد من البعض».
وعما إذا كان السجال الإعلامي والاتهامات المتبادلة سيؤدي إلى رفع شروط كتلة «اللقاء الديمقراطي»، التي يرأسها تيمور جنبلاط، شدد القيادي «الاشتراكي» على أن الحزب «طرح مطالبه قياساً إلى نتائج الانتخابات، التي يحاول (التيار الوطني الحرّ) الالتفاف عليها، من خلال محاولته انتزاع التمثيل الوزاري للأطراف الأخرى»، وأضاف: «نحن ننتظر نضوج الاتصالات. وبعدها، لكل حادث حديث، وعندها يحدد الحزب التقدمي الاشتراكي موقفه».

حرب إلغاء؟
محاولات الحريري لانتشال الوضع الحكومي من دوامة التعطيل تطوقها المواقف السياسية التي تعمق الهوة بين الأطراف المتنازعة. وقد أشارت مصادر في قوى «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إصرار الرئيس عون و(التيار الوطني الحرّ) على رفض كلّ الأفكار والصيغ التي يقدمها الحريري، تهدف إلى إخراج (القوات اللبنانية) و(الحزب الاشتراكي) من الحكومة»، ووصفت التصرفات العونية بأنها «حرب إلغاء جديدة ضدّ الخصوم السياسيين».
وأمام هذه الفرضية، أوضح مصدر في تيار «المستقبل» أن «لا حكومة من دون (القوات) و(الاشتراكي)، لأن أي إخراج لهذين الفريقين الأساسيين من السلطة دونه محاذير سلبية، ويشكل انقلاباً على نتائج الانتخابات التي أعطت زعيم المختارة تفويضاً درزياً مطلقاً، كما أن تحييده يجعل الحكومة تعاني خللاً ميثاقياً، حتى لو ضمّت 3 وزراء دروز». وذهبت المصادر المقرّبة من الحريري إلى القول: «إما نكون مع (الاشتراكي) و(القوات) في الحكومة، وإما نخرج معاً».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.