خلافات داخلية تعصف بالحزب الذي يقود الحكومة التونسية

«النداء» عرف موجة من الاستقالات وصراعاً مستمراً بين رئيس الحكومة ونجل السبسي

TT

خلافات داخلية تعصف بالحزب الذي يقود الحكومة التونسية

في خضم الأزمات المتتالية التي يعرفها حزب «نداء تونس»، بدأ المراقبون وشرائح عريضة من الشعب التونسي تطرح عدة تساؤلات جوهرية: هل انتهى الحزب كقوة سياسية فازت بانتخابات 2014 بشقيها الرئاسي والبرلماني؟ وهل زادت أوضاعه الداخلية تأزما بعد أن سحب رئيس الحكومة يوسف الشاهد بعض ركائز الحزب لتحقيق طموحاته السياسية المؤجلة إلى السنة المقبلة؟ وهل انتهت الحرب المعلنة بين شق حافظ قائد السبسي في حزب النداء، وشق يوسف الشاهد في الحزب نفسه لصالح الشاهد، الذي نجح في استمالة نواب يمثلون «النداء» وأقنعهم بالاستقالة والالتحاق بالكتلة البرلمانية، التي شكلها بعض البرلمانيين حديثا؟
فقبل يومين حدد المنجي الحرباوي، المكلف الإعلام في حزب النداء، مهلة 48 ساعة ليتخذ الحزب قراره بطرد الشاهد والنواب الثمانية المستقيلين من الكتلة البرلمانية، والذين التحقوا بكتلة الشاهد في البرلمان، لكن هذه المهلة لم تجد أرضية لتنفيذها في ظل الجدل الداخلي المحتدم داخل حزب النداء، وذلك بسبب اختلاف الآراء حول النتائج التي قد تنجم عن عملية الطرد، والتي قد تصب في صالح يوسف الشاهد، حسب بعض المحللين السياسيين.
وكان الشاهد، المنتمي بدوره إلى حزب النداء الذي رشحه لرئاسة الحكومة، قد اتهم رئيس الحزب حافظ قائد السبسي، نجل رئيس الجمهورية، بعد استفحال الأزمة السياسية بين الطرفين خلال الأشهر الماضية، بتدمير الحزب والقضاء على أي آمال لإصلاحه. وإثر اجتماع الهيئة السياسية لحزب النداء للنظر في ملف طرد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، قال رمزي خميس، القيادي في الحزب، إن كلمة الطرد «غير موجودة في النظام الداخلي والقانون الأساسي لنداء تونس. لكن العقوبات تضم التوقيف المؤقت أو النهائي من هياكل الحزب»، مبرزا أن اجتماع الهيئة السياسية بقي مفتوحا.
وقبل أسابيع هدد حزب النداء بسحب وزرائه من حكومة الشاهد لتضييق الخناق عليه أكثر، ودفعه إلى الاستقالة، أو تجديد الثقة أمام البرلمان. غير أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن الشاهد طلب بدوره من الوزراء ووزراء الدولة التابعين لنداء تونس الاستقالة من الحزب، مقابل المحافظة على عضويتهم في الفريق الحكومي، وهو ما يعني إعفاءهم من مهامهم في حال التنسيق مع شق حافظ قائد السبسي الذي يطالب بتنحيته من على رأس الحكومة.
وفي غضون ذلك، لم تنجح الدعوات التي وجهها نجل الرئيس التونسي من أجل عودة قيادات غادرت حزب النداء بسبب خلافاتها الحادة معه، في وقف نزف الخلافات السياسية، وتمكّن الحزب من استعادة رضا بلحاج، أحد مؤسسي حزب النداء سنة 2012، ونجح كذلك في فتح قنوات الحوار مع حركة مشروع تونس، التي يتزعمها محسن مرزوق، الأمين العام السابق المستقيل من حزب النداء، بهدف تشكيل تحالف برلماني. غير أن كل هذه المحاولات لم توقف سيل الانتقادات الموجهة إلى القيادات السياسية لحزب النداء، وخاصة إلى طريقة تسيير الحزب من قبل حافظ قائد السبسي. في هذا السياق، يوضح الصحبي بن فرج، المنضم حديثا إلى كتلة الائتلاف الوطني الداعمة ليوسف الشاهد أن استقالة نواب وقياديين من حزب النداء اعتبرت في نظر البعض «بداية انهيار الكتلة البرلمانية وتأزم الوضع في الحزب».
واعتبر بن فرج، القيادي السابق في حركة مشروع تونس، أن رئيس الحكومة الحالية يحظى بمساندة نحو 120 نائبا برلمانيا، علما بأن التصويت في البرلمان يتطلب توفر 109 أصوات لضمان الأغلبية المطلقة، وهو ما يعني أنه يتمتع بحد أدنى من الشرعية، على حد تعبيره. مضيفا أن الحملة العنيفة التي تعرض لها الشاهد لم تمكّن المؤيدين لرحيله من جمع العدد الكافي من النواب لتقديم لائحة ضده، واعتبر أن «من يريدون الإطاحة به أقلية».
في السياق ذاته، انتقد عبد الحميد الجلاصي، القيادي في حركة النهضة، الدعوات المتكررة لتغيير رئيس الحكومة، واعتبرها من قبيل العبث، مبرزا أن رئيس الحكومة الحالي «أصبح رئيس حكومة كل التونسيين بعد اقتراحه من قبل حركة نداء تونس، التي تطالب اليوم بتنحيته». كما أوضح أن تغيير رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد كان «خطأ سياسيا كبيرا»، وأكد في المقابل أن وجود ضعف في أداء حكومة الصيد، كان بسبب أن حزب النداء «رفض العمل كحزب سياسي»، على حد تعبيره.
في المقابل، تسعى حركة النهضة إلى إنقاذ حليفها السياسي حزب النداء من الأزمة. لكنها تراقب الوضع السياسي والتطورات الحاصلة في حزب النداء.وفي مقابل التوقعات المتفائلة بعودة «الآلة الانتخابية» لحزب النداء قبل أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة السنة المقبلة، ومنافسة حركة لنهضة حليفها اللدود، قال زياد كريشان، المحلل السياسي التونسي المعروف، إن «سفينة نداء تونس بصدد الغرق، ومن بقي فيها لا يتجاوز الحلقة المقربة من حافظ قائد السبسي، نجل رئيس الجمهورية... وقوة حزب النداء تكمن في كونه حزب رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن حزب الدولة في مخيال جزء مهم من التونسيين، وفي انتشاره في الجهات، واعتباره إطارا للعمل السياسي رغم رفض عدد من القيادات لمسار التوريث الديمقراطي»، وتوقع أن تكون نتائجه مدمرة في انتخابات 2019 إذا لم يعمل على تثبيت قاعدته الانتخابية في الجهات.



سوريا: تحقيق بشأن إطلاق صاروخين على حي المزة... وإسرائيل تنفي علاقتها بالهجوم

تحليق مروحيات الجيش السوري في سماء داريا قرب مطار المزة بدمشق (أ.ف.ب)
تحليق مروحيات الجيش السوري في سماء داريا قرب مطار المزة بدمشق (أ.ف.ب)
TT

سوريا: تحقيق بشأن إطلاق صاروخين على حي المزة... وإسرائيل تنفي علاقتها بالهجوم

تحليق مروحيات الجيش السوري في سماء داريا قرب مطار المزة بدمشق (أ.ف.ب)
تحليق مروحيات الجيش السوري في سماء داريا قرب مطار المزة بدمشق (أ.ف.ب)

نفى مسؤول إسرائيلي علاقة بلاده بالانفجار الذي وقع في مبنى بمنطقة عين الكروم بحي المزة في العاصمة السورية دمشق.

ونقلت «هيئة البث الرسمية الإسرائيلية» (كان) عن المسؤول الإسرائيلي قوله اليوم السبت: «إنه لا توجد علاقة لإسرائيل بالهجوم».

وشهد حي المزة في دمشق مساء الجمعة انفجاراً داخل شقة في الطابق الثالث من مبنى يقع بالقرب من سوبر ماركت «فادي» في منطقة عين الكروم.

وأفادت مصادر محلية بوقت سابق بأن التفجير ربما يكون ناجماً عن إطلاق صواريخ من طائرة مسيرة، بينما أشار آخرون إلى احتمال أن يكون التفجير نتيجة زرع عبوة ناسفة داخل الشقة، وتتواصل التحقيقات في المنطقة، وسط تضارب الأنباء حول ما إذا كان الهجوم يستهدف شخصاً معيناً، أم أنه جاء في إطار عملية أخرى، بحسب الموقع الإسرائيلي.

من جانبه، كشف مصدر في وزارة الدفاع السورية أن وزارتي الدفاع والداخلية فتحتا تحقيقاً حول إطلاق صاروخين على حي المزة غرب العاصمة دمشق مساء يوم الجمعة.

رجل يقود سيارة أجرة في المزة بدمشق (رويترز)

وقالت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية لوكالة الأنباء السورية (سانا): «تعرضت العاصمة دمشق لاعتداء غادر تمثل بسقوط صاروخين من نوع (كاتيوشا) أطلقا من أطراف المدينة باتجاه الأحياء السكنية في منطقة المزة، ومحيطها، ما أسفر عن إصابة عدد من المدنيين، وإلحاق أضرار مادية بالمكان».

وأفادت إدارة الإعلام والاتصال بأنه «باشرت وزارة الدفاع، بالتعاون مع وزارة الداخلية، التحقيق في ملابسات هذا الاعتداء الآثم، وتعمل على جمع الأدلة اللازمة، وتحديد مسار الصواريخ، ومصادر الإطلاق، وتؤكد الوزارة أنها لن تتوانى عن ملاحقة المسؤولين عن هذا العمل الإجرامي، وستتخذ الإجراءات الرادعة بحق كل من يعبث بأمن العاصمة، ويستهدف حياة السوريين، واستقرارهم».

وبينما نفى مصدر أمني سوري صحة ما تتداوله بعض المنصات حول وقوع خلل أثناء تدريبات الجيش أدى للانفجار في حي المزة، قال مصدر عسكري لوكالة «سانا» إن «الاعتداء الغادر على مناطق بالعاصمة دمشق كان بواسطة صواريخ أطلقت من منصة متحركة، ولا تزال الجهات التي تقف خلف الاستهداف وأداة الاستهداف مجهولة حتى الآن».

وأفادت مديرية الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة بأن «الانفجار الذي وقع في المزة أسفر عن إصابة امرأة بجروح من الدرجة المتوسطة، وتم نقلها لأحد مشافي دمشق».

وأوضح سكان في العاصمة دمشق لـ«وكالة الأنباء الألمانية» أن «ثلاثة انفجارات سمعت في العاصمة دمشق، وأن جزءاً من مبنى انهار في حي المزة، وفرضت القوات الأمنية طوقاً أمنياً حول المنطقة».

 

 


«معركة قرارات» في مجلس الأمن بشأن «قوات الاستقرار»تهدد «اتفاق غزة»

فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«معركة قرارات» في مجلس الأمن بشأن «قوات الاستقرار»تهدد «اتفاق غزة»

فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

يدخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مرحلة من التجاذبات الدولية بعد تقديم موسكو مشروع قرار مضاد لنظيره الأميركي بشأن نشر قوات استقرار في القطاع في مجلس الأمن، يحمل بنوداً أقرب لوجهة النظر العربية وابتعاداً عن مواقف إسرائيل حليفة واشنطن، على الرغم من أن أميركا أدخلت تعديلات على مشروع قرارها، أثارت استياء إسرائيل، على حد قول صحيفة «يديعوت أحرونوت».

تلك الخطوة التي تأتي وسط دعوات من الوسطاء للتوافق، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها «معركة قرارات» بين حائزي «الفيتو» في مجلس الأمن، وتحمل تهديداً صريحاً لاتفاق غزة والانتقال للمرحلة الثانية، إن لم يحدث توافق ويتم الوصول لمقاربات لا تنحاز لإسرائيل ولا تفرغ الاتفاق من مضمونه، الذي يقضي بانسحاب إسرائيل ونزع سلاح المقاومة بطريقة مناسبة.

وسط هذه الأجواء، دعت الولايات المتحدة وعدد من شركائها مجلس الأمن إلى «الإسراع» بتبني مشروع قرار أميركي يؤيد خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن قطاع غزة. وأعربت الولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر والإمارات وإندونيسيا وباكستان والأردن وتركيا، في بيان، عن «دعمها المشترك» لمشروع القرار الأميركي الذي يعطي تفويضاً لتشكيل قوة استقرار دولية، من بين أمور أخرى، مبدية أملها في اعتماده «سريعاً».

تعديلات أميركية

وكانت واشنطن أدخلت تعديلات عدة على مسودة مشروع القرار الخاص بها، أثارت تحفظات إسرائيلية.

وبحسب ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليوم (الجمعة)، فإن أبرز البنود التي تثير مخاوف إسرائيل في المسودة الجديدة تتمحور حول تضمين تمهيد لمسار يقود إلى «تقرير المصير الفلسطيني»، والدور الموسع للأمم المتحدة في الإشراف على توزيع المساعدات، وتوسيع صلاحيات «هيئة الحكم الانتقالية» المزمع تشكيلها لإدارة القطاع.

وبحث وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مع نظيره المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي، الجمعة، تطورات الأوضاع في غزة، وأكّدا «أهمية استمرار التنسيق المصري - السعودي في دعم الجهود الرامية إلى تثبيت اتفاق شرم الشيخ للسلام والبناء عليه، مع الدفع نحو التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق، بما يضمن وقف إطلاق النار بشكل دائم وتخفيف المعاناة الإنسانية عن سكان القطاع»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وجاءت تلك المحادثات وسط تجاذبات أميركية روسية بشأن مشروع قرار في مجلس الأمن بشأن نشر قوات استقرار في قطاع غزة، ما يعني الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

الاقتراح الروسي

واقترحت روسيا، الخميس، مسودة مشروع قرار في الأمم المتحدة، صاغته بشأن غزة في تحدٍّ لجهود الولايات المتحدة.

وقالت بعثة روسيا في الأمم المتحدة في مذكرة، اطلعت عليها «رويترز»، إلى أعضاء مجلس الأمن، إن «الهدف من مسودتنا هو تمكين مجلس الأمن من وضع نهج متوازن ومقبول وموحد نحو تحقيق وقف مستدام للأعمال القتالية». وتطلب المسودة الروسية أن يحدد الأمين العام للأمم المتحدة خيارات لقوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزة.

طفل يجلس وسط أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «تحرك موسكو مضاد لمشروع قرار واشنطن بشأن مهام وصلاحيات القوة»، مشيراً إلى أن ذلك كان متوقعاً في ظل عدم تغيير واشنطن مواقفها المنحازة لإسرائيل.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن الطرح الروسي يعني «وجود معركة نفوذ ومناورات سياسية بهدف من موسكو لفرض أمرين؛ أولهما دعم الموقف العربي الفلسطيني المختلف عن نظيره الأميركي الإسرائيلي، والثاني إرسال رسالة لواشنطن بأن موسكو ليس بعيدة، وأن هذا الملف قد يكون جزءاً من المساومات المستقبلية».

بالمقابل، حثّت بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مجلس الأمن على المضي قدماً في الموافقة على النصّ الأميركي. وأكدت، البعثة بحسب ما نقلته «رويترز»، الخميس، أن «محاولات زرع الشقاق الآن - عندما يكون الاتفاق على هذا القرار قيد التفاوض النشط - لها عواقب وخيمة وملموسة، ويمكن تجنبها نهائياً بالنسبة للفلسطينيين في غزة»، مضيفة: «وقف إطلاق النار (هشّ)، ونحثّ المجلس على الاتحاد والمضي قدماً لتحقيق السلام الذي تشتد الحاجة إليه».

ويحتاج القرار في مجلس الأمن إلى 9 أصوات مؤيدة على الأقل، وعدم استخدام روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا حقّ النقض (الفيتو) ليتسنى اعتماده.

ووزّعت الولايات المتحدة رسمياً مشروع القرار على أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر قبل أسبوع، وقالت إنها تحظى بدعم إقليمي لقرارها الذي سيمنح تفويضاً لمدة عامين لهيئة حكم انتقالي وقوة دولية لتحقيق الاستقرار.

وينصّ مشروع القرار على تفويض القوة بـ«استخدام جميع التدابير اللازمة» لنزع السلاح في غزة وتأمين حدودها وحماية المدنيين وإيصال المساعدات ودعم قوة شرطة فلسطينية جديدة يتم تدريبها، وهو ما عليه مآخذ وخلافات، ولا سيما نزع السلاح، وفق تصريحات عربية الأسبوع الماضي.

ويتوقع عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» أن يتم المزج بين مشروعي القرارين الأميركي والروسي، بمشروع واحد محل توافق قبل العرض على التصويت، مشيراً إلى أنه إذا تمسكت واشنطن بمشروعها دون توافقات، يتوقع أن تستخدم موسكو الفيتو، وهذا يمس اتفاق غزة ويطيل أمد تنفيذه.

فيما يتوقع المحلل السياسي الفلسطيني أن استمرار تلك الخلافات مع واشنطن قد يؤدي إلى تعليق الاتفاق، وليس انهياره، مؤكداً أن «تعليق الاتفاق عند المرحلة الأولى أخطر من انهياره»، مرجحاً مساعي من الوسطاء للتوافق أكثر بشأن الخلافات.

فتاة تمشي وسط أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك التجاذبات الروسية - الأميركية وتأثيراتها، قال وزير الدفاع الإندونيسي، شافري شمس الدين، الجمعة، إن «بلاده درّبت نحو 20 ألف جندي لتولي مهام تتعلق بالصحة والإعمار، خلال عملية حفظ السلام المزمعة في قطاع غزة الذي مزّقته الحرب».

وليست إندونيسيا وحدها من تسعى إلى الوجود هناك، فقد ذكرت وثيقة اطلعت عليها وكالة «رويترز»، الجمعة، أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون الأسبوع المقبل مقترحاً لتولي التكتل مهمة تدريب 3 آلاف شرطي فلسطيني، بهدف نشرهم لاحقاً في قطاع غزة.


الدمار يحدق بآثار اليمن في ذمار

قطع أثرية متنوعة سلمها سكان قبل فترة إلى سلطة الحوثيين في ذمار (فيسبوك)
قطع أثرية متنوعة سلمها سكان قبل فترة إلى سلطة الحوثيين في ذمار (فيسبوك)
TT

الدمار يحدق بآثار اليمن في ذمار

قطع أثرية متنوعة سلمها سكان قبل فترة إلى سلطة الحوثيين في ذمار (فيسبوك)
قطع أثرية متنوعة سلمها سكان قبل فترة إلى سلطة الحوثيين في ذمار (فيسبوك)

تعرضت عشرات المواقع الأثرية والتاريخية في محافظة ذمار اليمنية خلال الأيام الماضية، لموجة واسعة من أعمال النهب والعبث، في واحد من أكثر الاعتداءات توسعاً منذ سنوات، وسط اتهامات محلية بضلوع قادة حوثيين في دعم عصابات تجريف الآثار، وتمكينها من العمل دون رادع.

وتشير شهادات متطابقة إلى أن أنشطة الحفر العشوائي، امتدت إلى مواقع تعود إلى حضارات يمنية قديمة، ما أدى إلى تدمير مومياوات وطمس معالم تاريخية فريدة.

وبحسب مصادر محلية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، شملت الاعتداءات مقبرتين أثريتين؛ تقع إحداهما على منحدر جبلي في مديرية جهران، والأخرى في قرية «النواري» بمديرية عتمة، إضافة إلى مواقع في مناطق المختبية والحطمة ومصنعة مارية التابعة لمديريتي الحدا وعنس.

وتمكنت العصابات - بحسب المصادر - من الاستيلاء على لُقى أثرية متنوعة؛ بينها تماثيل برونزية وجنائزية ونقوش حجرية بخط المسند، يُقدّر عمر بعضها بآلاف السنين.

جانب من تعدي عصابة مسلحة على مقبرة أثرية بضواحي ذمار (فيسبوك)

وجاء آخر هذه الاعتداءات عبر قيام عصابة مسلحة يرجح أنها مدعومة من قيادات في الجماعة الحوثية، بحفر مقبرة جماعية معلّقة على قمة أحد جبال مديرية جهران. وبحسب مصدر محلي، فإن أفراد العصابة كانوا يبحثون عن مقتنيات ذهبية مدفونة، ما تسبب بإتلاف مومياوات وهياكل بشرية كانت محفوظة بصورة نادرة.

وأوضح المصدر أن «المقبرة ليست مجرد مكان دفن؛ بل إرث تاريخي يكشف عن طقوس ومعتقدات قديمة لحضارات يمنية عريقة».

وأثارت الجريمة موجة غضب واسعة في أوساط السكان والمهتمين بالشأن الأثري، الذين أكدوا أن الاعتداءات ليست حوادث فردية؛ بل جزء من سلسلة تجريف منظمة طالت المواقع الأثرية منذ سيطرة الحوثيين على المحافظة.

ويرى عدد من السكان الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك الجرائم تسعى إلى طمس المكونات الحضارية لليمنيين واستبدال روايات تتسق مع مشروع الحوثيين الآيديولوجي بها، محملين سلطات الجماعة في ذمار مسؤولية مباشرة عن حماية المواقع واستعادة الآثار المنهوبة.

تجريف واسع

قبل واقعة مقبرة جهران، كان مجهولون قد نفذوا أعمال حفر واسعة في موقع «مصنعة مارية» الأثري بمديرية عنس، بحثاً عن معادن ولقى أثرية، في ظل ما يصفه الأهالي بـ«تغاضٍ متعمد» من الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة.

وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن العصابة عثرت على قطع أثرية متنوعة، بعضها معدني، يُرجّح أنها هُرّبت فوراً إلى خارج المحافظة ثم إلى أسواق خارجية.

موقع «الحطمة» الأثري في ذمار بعد تعرضه للعبث والتجريف المنظم (إكس)

وتُعد منطقة «مارية» من أقدم مناطق حضارة حمير، إذ تضم أكثر من 25 موقعاً أثرياً، وتشتهر بنمط معماري فريد يعكس تراكُم حضارات متعاقبة على مدى قرون. ويقول مختصون إن تدمير هذه المواقع يعني خسارة غير قابلة للتعويض في سجل الحضارة اليمنية.

ويتهم باحثون في الآثار الجماعة الحوثية بالوقوف خلف موجة التدمير الممنهجة، مؤكدين أنها جزء من «سياسة طمس الهوية» التي تمارسها الجماعة، عبر تجريف المواقع ونهب المقتنيات وتهريبها وبيعها في أسواق عالمية. وطالب الباحثون المنظمات الدولية المختصة، بالتدخل الفوري لوقف الاعتداءات ومنع تداول القطع اليمنية المنهوبة.

اعتداءات ممنهجة

هذه الاعتداءات ليست الأولى؛ إذ سبق أن تعرض موقع «هران» الأثري في ذمار قبل عامين، لأعمال طمس وتشويه نُفذت بحجة إقامة مشروع سياحي بتمويل من جمعية إيرانية. وشملت تلك الأعمال استحداثات غير قانونية وتدمير أجزاء من الموقع، إضافة إلى نقل قطع أثرية بطريقة سرية إلى جهات مجهولة.

عبث بالمواقع الأثرية في ذمار وسط تغاضٍ من الحوثيين (إعلام حوثي)

ويؤكد مختصون يمنيون أن ما يحدث من تجريف ونهب لا ينفصل عن سلسلة جرائم ارتُكبت منذ انقلاب الحوثيين، إذ جرى تحويل بعض المواقع الأثرية إلى مخازن أسلحة وثكنات عسكرية، بينما تعرضت مواقع أخرى للتفجير والتجريف والبيع.

ويحذّر الخبراء من أن استمرار هذه الجرائم سيؤدي إلى فقدان جزء كبير من الذاكرة التاريخية اليمنية، مشيرين إلى أن حماية هذه المواقع مسؤولية وطنية ودولية، تتطلب تدخلاً عاجلاً لوقف العبث واستعادة ما تم تهريبه، وإنقاذ ما تبقى من إرث البلاد الحضاري.