الموريتانيون يصوّتون في الدورة الثانية للانتخابات

TT

الموريتانيون يصوّتون في الدورة الثانية للانتخابات

يتوجه مليون وقرابة نصف المليون ناخب موريتاني اليوم (السبت) إلى صناديق الاقتراع في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية التي تشهدها البلاد، وذلك لحسم التنافس في 129 دائرة انتخابية لم تحسم في الدور الأول من الانتخابات، والذي نظم قبل أسبوعين.
وكان أفراد الأمن والقوات المسلحة قد صوتوا أمس (الجمعة) في جميع أنحاء موريتانيا، من أجل التفرغ لتأمين تصويت المدنيين، لكن السلطات الموريتانية لا تكشف عادة عن أعداد العسكريين المسجلين على قوائمها الانتخابية، بل يتم فرز مكاتب تصويتهم وإلحاق نتائجهم بالنتائج العامة.
وقام عدد من قادة ائتلاف المعارضة الموريتانية، الذي يخوض هذه الانتخابات بلوائح مشتركة، بزيارة مكاتب تصويت العسكريين من أجل مراقبة عملية التصويت، علما بأنه سبق أن تحدثت المعارضة عن «خروقات وتزوير» فيما يتعلق بتصويت العسكريين.
في غضون ذلك، طالب ائتلاف المعارضة بضرورة إصدار قرار يلغي تصويت العسكريين ورجال الأمن يوماً قبل تصويت المدنيين، إذ قال القيادي في ائتلاف المعارضة محمد ولد مولود إن «الجيش وقوات الأمن يصوتون اليوم في عزلة تامة، وذلك يفتح الباب أمام الضغوطات والتلاعب بصناديق الاقتراع».
وأوضح ولد مولود في تصريح للصحافة أمس: «نحن نطالب بتطبيع عملية تصويت الجيش والعسكريين لأنهم مواطنون موريتانيون، ويجب أن يصوتوا مع المواطنين الآخرين».
وكانت موريتانيا قد أصدرت قراراً قبل سنوات يتيح للعسكريين التصويت يوماً واحداً قبل المدنيين من أجل تأمين الانتخابات.
وينظم الدور الثاني في 129 دائرة انتخابية على عموم التراب الموريتاني، من ضمنها 12 دائرة انتخابية تشريعية ستحدد مصير 22 مقعداً برلمانياً، و108 دوائر انتخابية محلية، وتسع دوائر انتخابية جهوية.
في سياق ذلك، تخوض المعارضة الموريتانية معركة انتخابية شرسة ضد حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وخاصة في العاصمة نواكشوط، التي تعد أكبر مدينة في البلاد، والتي تأجل الحسم في جميع دوائرها الانتخابية للدور الثاني.
ويسعى الحزب الحاكم إلى تأكيد تفوقه الانتخابي من خلال النصر في أكبر عدد ممكن من الدوائر الانتخابية في العاصمة، وهو الذي سبق أن حسم بنصر ساحق أغلب الدوائر الانتخابية داخل البلاد، ما مكنه من الحصول على 67 مقعداً برلمانياً، وينافس على 22 مقعداً آخر في الدور الثاني، حيث يحتاج منها لـ12 فقط حتى يضمن الأغلبية المطلقة في البرلمان، البالغ عدد مقاعده 157 مقعداً، وبالتالي يشكل الحكومة منفرداً.
من جانبها، تخوض المعارضة الدور الثاني من الانتخابات لتحقق مكاسب مهمة، أبرزها الفوز برئاسة المجلس الجهوي للعاصمة نواكشوط، وهو واحد من أهم المناصب الانتخابية في البلاد، ويتمتع برمزية سياسية وسيادية بارزة. لكن مرشح المعارضة لهذا المنصب يواجه في الدور الثاني مرشحة قوية دفع بها الحزب الحاكم.
وفقدت المعارضة الأمل في الحصول على «الثلث المعطل»، وهو أحد الأهداف المهمة التي حددتها قبل خوض الانتخابات، ويعني ذلك حصولها على ثلث مقاعد البرلمان، وبالتالي منع أي تعديلات دستورية قد يسعى نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز لتمريرها عن طريق البرلمان من أجل البقاء في السلطة لولاية رئاسية ثالثة.
وحتى الآن تتجه التوقعات إلى أن ائتلاف الأحزاب، الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، سيحصل على ثلثي مقاعد البرلمان، وبالتالي سيكون قادراً على تعديل الدستور، لأن القانون الموريتاني ينص على أن الدستور يمكن تعديله باستفتاء شعبي، أو عبر البرلمان. لكن لاعتماد أي تعديلات دستورية لا بد من حصولها على موافقة ثلثي النواب.
ويتوجه الموريتانيون إلى صناديق الاقتراع في الدور الثاني من الانتخابات، وقد تقلص مستوى الاهتمام وخفت حدة التنافس، مقارنة مع الدور الأول الذي خاضه أكثر من 6 آلاف مرشح وأزيد من مائة حزب سياسي، بينما يقتصر التنافس في الدور الثاني بين الحزب الحاكم والمعارضة وعدد ضئيل من أحزاب الموالاة.
وتعد هذه الانتخابات اختباراً لشعبية الأحزاب والكتل السياسية في موريتانيا، خاصة أنها تأتي قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية، التي تعد فاصلة في تاريخ موريتانيا، لأن الرئيس الحالي للبلاد محمد ولد عبد العزيز سيكون خارج المنافسة بموجب الدستور، الذي يحدد عدد الولايات الرئاسية باثنتين، وهو يستعد لإكمال ولايته الرئاسية الثانية. كما أن الانتخابات الرئاسية المقبلة سيغيب عنها عدد من قادة المعارضة التاريخيين بسبب الدستور، الذي يحد السن القانونية للترشح بـ75 عاماً، وهو ما سيمنع الزعيم التاريخي للمعارضة أحمد ولد داداه من الترشح، كما سيغيب لنفس السبب مسعود ولد بلخير، رئيس البرلمان السابق ومعارض تاريخي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».