معركة «مصيرية» ضد آخر جيوب «داعش» شرق سوريا

قرب خطوط التماس مع تنظيم داعش في شرق سوريا، يتجمع مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية مع أسلحتهم. يرددون أغاني حماسية ويتناوبون على الذهاب إلى الجبهات لحسم معركة هدفها القضاء على آخر جيب للمتطرفين. في محيط بلدة السوسة على الضفاف الشرقية لنهر الفرات في دير الزور، ينتشر مقاتلون أكراد وعرب برفقة قوات من التحالف الدولي بقيادة أميركية قرب مصفحات وعربات محملة بالذخيرة أو تحت خيم خلف تحصينات ترابية. وتسير شاحنات من طراز بيك آب محملة بمقاتلين يغطي بعضهم وجهه بأقنعة في طرق ترابية وعرة.
ويحدد أربعة مقاتلين على الأقل من التحالف الدولي، في إحدى نقاط التجمع، إحداثيات أهداف قبل أن يبدأ أحدهم دكّ هذه الأهداف بقذائف هاون يتسلمها من رفاقه ويطلقها تباعاً. وإثر ذلك، تتصاعد أعمدة الدخان من البلدة التي تشكل مع قرى صغيرة محيطة بها وبلدة هجين الواقعة على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، الجيب الأخير للتنظيم المتطرف في شرق سوريا بعد طرده من مناطق واسعة. ويقول القيادي في قوات سوريا الديمقراطية إبراهيم الديري : «على أطراف السوسة لدى (داعش) تحصينات قوية ونستعد لكسر دفاعاته وإنهاء وجوده في شرق الفرات».
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية الاثنين إطلاق المرحلة النهائية من هجومها ضد التنظيم في آخر جيب له. وقال التحالف الدولي إن العملية «ستطهّر شمال شرقي سوريا على طول نهر الفرات باتجاه الحدود السورية العراقية من فلول تنظيم داعش».
ويشدد الديري على أن «المعركة مصيرية بالنسبة لنا ولداعش أيضاً»، متوقعاً أن «يقاتل عناصر (داعش) حتى الموت لا سيما أن المتبقين هم الانتحاريون الذين يرفضون الاستسلام».
وتقدر قوات سوريا الديمقراطية وجود نحو ثلاثة آلاف مقاتل من التنظيم بينهم نسبة كبيرة من المقاتلين الأجانب في هذا الجيب المحاصر. وتعرض التنظيم الذي كان يسيطر بشكل شبه كامل على محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، لهجومين منفصلين العام الماضي، الأول شنته قوات سوريا الديمقراطية بدعم أميركي على الضفاف الشرقية للفرات الذي يقسم المحافظة إلى جزأين. والثاني نفذته قوات النظام بدعم من حليفتها روسيا على الضفاف الغربية لنهر الفرات. وبعد خسارته مناطق سيطرته، انكفأ التنظيم إلى هذا الجيب الصغير المحاصر قرب الحدود العراقية. ولا تزال شعارات التنظيم وأبرزها «دولة الخلافة باقية» مكتوبة على جدران عدد من القرى والبلدات التي تم طرده منها خلال الأشهر الأخيرة، وفق ما شاهد مراسل الصحافة الفرنسية.
على بعد كيلومترات عدة، وفي تلال وسط الصحراء قرب الحدود السورية العراقية، تتمركز قيادات قوات سوريا الديمقراطية والتحالف وتنهمك في وضع الخطط الهجومية.
ويقول القيادي الكردي زردشت كوباني لوكالة الصحافة الفرنسية، بعد تحدثه إلى مجموعة مقاتلين ينظفون أسلحتهم بعد عودتهم للتو من الخطوط الأمامية: «نحن مصرون على هذه الحملة وسننتصر».
ويوضح: «بينما يردد مقاتلون أهازيج وأغاني حماسية رغم أن (داعش) اتخذ كثيرا من التدابير، لكن عبر القوات المشاركة في هذه الحملة سننهي وجود (داعش) في شرق الفرات».
ولا يُعرف ما إذا كان زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي متوارياً في هذه المنطقة بالتحديد. وبحسب قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية أحمد أبو خولة، توجد في هذا الجيب «قيادات كبيرة»، موضحاً أن «قيادات الصف الأول في هذا الجيب عراقيون» ويتولون إدارة المعارك.
وقال متحدث باسم التحالف الدولي إن اثنين من أبرز قادة التنظيم قد يكونان في المنطقة رغم أن «كثيرين (منهم) فرّوا».
ويوضح كوباني أن أهمية مشاركة التحالف هي «في إبعاد خطر (داعش) عن نقاط تمركزنا كما تعطي المعنويات لقواتنا»، مضيفا: «سننهي معاً هذه الحملة» التي انطلقت في مرحلتها الأولى مطلع مايو (أيار).
وعلى غرار بقية المعارك التي خاضتها هذه القوات ضد التنظيم، تشكل الألغام التي يزرعها الجهاديون التحدي الأكبر. وتعمل آليات وجرافات عسكرية صفراء على فتح الطرق أمام المقاتلين.
ويقول أبو فهد، المسؤول عن مجموعة من المقاتلين، لوكالة الصحافة الفرنسية: «تقدمنا أكثر من سبعة كيلومترات لكن كثرة الألغام تعيقنا».
وغالباً ما يتبع التنظيم هذا الأسلوب لإعاقة تقدم الخصوم والتسبب بأكبر قدر من الخسائر البشرية في صفوفهم. وتدور معارك عنيفة بين الطرفين تسببت منذ الاثنين بمقتل 46 متطرفا مقابل 15 من قوات سوريا الديمقراطية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبات التنظيم الذي أعلن في عام 2014 إقامة «الخلافة الإسلامية»، يسيطر على أقل من ثلاثة في المائة من مساحة سوريا. ويقتصر وجوده على جيوب متفرقة في البادية السورية.