«جدار»... لربط الجماهير بفناني الغرافيتي في مصر

صور محمد صلاح الأكثر رواجاً

فنان جداريات من أعضاء الشبكة يواصل عمله
فنان جداريات من أعضاء الشبكة يواصل عمله
TT

«جدار»... لربط الجماهير بفناني الغرافيتي في مصر

فنان جداريات من أعضاء الشبكة يواصل عمله
فنان جداريات من أعضاء الشبكة يواصل عمله

ثلاث فتيات مصريات، جمعهن حب فن الجداريات، وأسسن شبكة تربط فناني الغرافيتي بالجمهور والزبائن، بهدف نشر هذا الفن، ومساعدة الفنانين في إيجاد فرص عمل تمكنهم من التفرغ للإبداع، لإعادة الاعتبار إلى هذا النوع المهم من الفن التشكيلي في مصر الذي يرجع تاريخه إلى العصر الفرعوني، حيث لا تزال جدران المعابد الأثرية شاهدة على هذا الفن القديم الذي يرصد قصص وحكايات الأجداد.
تسعى شبكة «جدار» التي أسستها الطالبات بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، سارة جعفر (20 عاما)، فرح عمارة (20 عاما)، وتسنيم عمرو (21 عاما)، إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، هي العمل على نشر وتسويق فن الغرافيتي بين المصريين، ومساعدة الجماهير والزبائن في اختيار الفنان المناسب للعمل الفني الذي يريدون تنفيذه على جدرانهم.
تقول فرح عمارة، إحدى مؤسسات شبكة «جدار» لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمنا الاسم والفكرة من جدران المعابد الفرعونية التي ما زالت تخبرنا القصص والحكايات بالرسوم والصور التي تزينها، ورغم قدم فن الجداريات، فإنه لا يلقى الرواج الكافي، ولم يلفت الأنظار سوى خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، ونحن نسعى إلى تغيير هذا الواقع، كما نعمل على مساعدة الفنانين في إيجاد فرص عمل تحقق لهم دخلا ماليا، وبالأساس نحن نقدر الجدران وقيمتها ونرى أنه من الممكن أن تكون أكثر جمالا».
وتضيف عمارة: «لدينا حتى الآن نحو 160 عضوا بالشبكة من الفنانين، ونتحرك في اتجاهين، الأول السعي الدائم إلى زيادة عدد الفنانين، والثاني زيادة عدد العملاء والجماهير، حيث نقوم بجولات تسويقية لإقناع الناس بقيمة فن الجداريات، وأنه يمكن لجدران منازلهم أو شركاتهم ومتاجرهم أن تكون أفضل وأجمل، إضافة إلى الحملات الترويجية على مواقع التواصل الاجتماعي».
وتوضح فرح عمارة، أن «جهود ضم الفنانين إلى الشبكة، والترويج لفن الجداريات بين الجماهير حققت نجاحا لافتا خلال الشهور الماضية، ولمسنا اهتمام الناس بجدران منازلهم أو شركاتهم ومكاتبهم، ونفذنا مئات الجداريات المختلفة سواء منازل أو شركات وفي المقاهي والمتاجر والمطاعم، واللافت أن أكثر الأعمال التي نفذناها كانت في منازل، خاصة غرف الأطفال، وهو ما يعكس زيادة وعي الناس بهذا الفن وقدرته على تحويل جدرانهم إلى شيء أجمل وأكثر إيجابية، يليها الأماكن التجارية كالمطاعم والمقاهي».
تحلم فرح وزميلاتها أن تتحول جدران الشوارع والميادين المصرية مستقبلا إلى لوحات تحكي قصص وحكايات المصريين وتؤرخ بالفن لحقبات تاريخية متعددة.
وتتابع: «نحلم أن ينتشر فن الجداريات بين كل المصريين، ويمكن لجدران الشوارع والميادين والساحات أن تكون مصدر جذب سياحي من خلال القصص والحكايات التي تقدم للسائح بالصور والرسومات لمحات من تاريخ مصر، ونأمل في أن نرى صور المشاهير في الفن والأدب والسياسة والرياضة تزين جدران شوارعنا».
الشهرة غير مسبوقة والاهتمام الإعلامي الواسع الذي حظي به اللاعب المصري محمد صلاح، جعله أكثر الشخصيات التي يطلب الناس رسمها على جدران منازلهم أو المقاهي والمتاجر.
يقول فنان الجداريات الشاب، نور مصري، أحد أعضاء شبكة «جدار»، لـ«الشرق الأوسط»: «انضممت إلى شبكة (جدار) قبل نحو ستة أشهر، نفذت خلالها 5 جداريات، واللافت أن ثلاثة منهم كانوا لمحمد صلاح، لكن أبرزهم كانت في غرفة نوم طفل عمره 11 عاما يحب كرة القدم ويمارسها، ويعتبر محمد صلاح مثله الأعلى في الرياضة والحياة، ولن أنسى فرحة الطفل عندما انتهيت من الجدارية».
ويضيف نور مصري، وهو خريج كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان عام 2017: «أرسم الجداريات والغرافيتي منذ سنوات، ولم أكن أتلق مقابلا ماديا إلا نادرا، لكن شبكة (جدار) ساعدتني وفنانين كثيرين على العمل مقابل أجر، كما أنها تقوم بدور مهم في نشر ثقافة الجداريات بين الجمهور، ومما عايشته أتوقع أن يزداد وعي واهتمام الناس أكثر خلال الفترة المقبلة بأهمية جدرانهم وضرورة ألا تكون مجرد حوائط صامتة».



شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
TT

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)

وقّعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وأكاديمية «دونهوانغ» الصينية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والسياحي والتراثي بين المملكة والصين، وتُمثل هذه الشراكة علامة فارقة في العلاقات السعودية - الصينية، إذ تجمع بين خبرات أكاديمية «دونهوانغ» التي تمتد لأكثر من 8 عقود في أبحاث التراث والحفاظ الثقافي، والتزام الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالحفاظ على التراث الثقافي الغني للعلا ومشاركته مع العالم.

وتتولى أكاديمية «دونهوانغ» إدارة كهوف «موغاو»، وهي مجمع يضم 735 كهفاً بوذياً في مقاطعة «قانسو»، تم تصنيفه موقعاً للتراث العالمي للـ«يونيسكو» في عام 1987، وتشتهر كهوف «موغاو» بجدارياتها ومنحوتاتها التي تعكس تلاقي الثقافات على طول طريق الحرير القديم.

وبوصفها بوابة مهمة إلى الغرب، كانت «دونهوانغ» مركزاً رئيسياً للتجارة على طريق الحرير، في حين شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة؛ حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية، وأسهمت في تبادل المعرفة والتجارة عبر العصور.

وتُشكل المنطقتان مركزاً حيوياً للتجارة والمعرفة والتبادل الثقافي، ما يجعل هذه الشراكة متماشية مع الإرث التاريخي المشترك.

وتهدف الشراكة إلى توحيد الجهود بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وأكاديمية «دونهوانغ» للحفاظ على تراث وتقاليد المحافظة، وقد نالت الأكاديمية إشادة دولية من قبل «اليونيسكو» والبنك الدولي والحكومة الصينية؛ تقديراً لجهودها في الحفاظ على كهوف «موغاو».

تشتهر كهوف «موغاو» بجدارياتها ومنحوتاتها التي تعكس تلاقي الثقافات على طول طريق الحرير القديم (الشرق الأوسط)

وستسهم الشراكة في تطوير برنامج شامل للحفاظ على المواقع والمعالم التاريخية في غرب الصين والعلا، إضافة إلى تنظيم معارض أكاديمية وبرامج تبادل للموظفين والعلماء.

وقالت سيلفيا باربون، نائب رئيس الشراكات الاستراتيجية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا: «لطالما جمعت بين السعودية والصين علاقة تاريخية عميقة، تجاوزت المسافات واختلاف الفترات الزمنية، لتربط بين الشعوب والأماكن، واليوم نواصل تعزيز هذه الروابط من خلال تعاوننا المثمر مع المؤسسات الرائدة والوجهات الحاضنة لأبرز المعالم التاريخية في العالم».

وأضافت: «بصفتنا حماة لبعض من أهم المواقع الثقافية في العالم وروّاداً لتراثنا الإنساني المشترك، تنضم أكاديمية (دونهوانغ) إلى الهيئة في طموحنا لجعل العلا مركزاً للبحث والاكتشاف في مجالات الثقافة والتراث والسياحة، في حين نواصل التجديد الشامل للعلا».

وتأتي هذه الشراكة عقب انطلاق معرض السفر السعودي، الذي نظمته الهيئة السعودية للسياحة؛ حيث تميّزت العلا بمشاركة لافتة من خلال جناح مميز في حديقة «تيان تان» بالعاصمة الصينية بكين، والذي سلّط الضوء على التراث الطبيعي والثقافي الغني للعلا.

وتزامنت هذه المشاركة مع توقيع اتفاقية تعاون جديدة بين وزارتي الثقافة السعودية والثقافة والسياحة الصينية لإطلاق العام الثقافي السعودي الصيني 2025.

من جانبه، قال الدكتور سو بوه مين، مدير أكاديمية «دونهوانغ»: «نحن فخورون بالدخول في هذه الشراكة مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وتُمثل هذه الشراكة خطوة مهمة نحو ربط تاريخنا الثقافي الغني وتعزيز جهود الحفاظ على التراث».

وأضاف: «من خلال مشاركة خبراتنا ومواردنا، نسعى إلى تعزيز التبادل الثقافي، وتعميق الفهم المتبادل، وابتكار برامج جديدة تُفيد المجتمع في الصين والسعودية، ونتطلع إلى تعاون مثمر يلهم ويثقف الأجيال القادمة».

وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، استضافت المدينة المحرّمة -موقع التراث العالمي للـ(يونيسكو) في بكين- معرض العلا: «واحة العجائب في الجزيرة العربية»، الذي تضمن عرضاً لمقتنيات أثرية من مجموعة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وذلك لأول مرة، واستقطب المعرض أكثر من 220 ألف زائر، والذي اتبعه توقيع اتفاقية شراكة بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وإدارة التراث الثقافي في مدينة خنان الصينية.

وتدعم هذه الشراكة تطوير العلا و«دونهوانغ» بوصفها مراكز سياحية عالمية، كما تسهم في تفعيل برامج الحفاظ المشتركة والمبادرات الثقافية، وتعزيز مشاركة المجتمعات لدعم الازدهار، بما يتماشى مع مبادرة الحزام والطريق الصينية و«رؤية السعودية 2030».