المحافظون الجدد في مصر يروجون لأنشطتهم على الطريقة الأميركية

يوثقون جولاتهم بالكاميرا عبر وسائل التواصل

محافظة دمياط تتفقد موقع عقار منهار في منطقة البرج
محافظة دمياط تتفقد موقع عقار منهار في منطقة البرج
TT

المحافظون الجدد في مصر يروجون لأنشطتهم على الطريقة الأميركية

محافظة دمياط تتفقد موقع عقار منهار في منطقة البرج
محافظة دمياط تتفقد موقع عقار منهار في منطقة البرج

اتجه بعض المحافظين المصريين الجدد، إلى تقليد مسؤولين أجانب في الترويج لأنشطتهم وأعمالهم الرسمية، بوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ يحرصون دوماً على توثيق كل أنشطتهم بالصوت والصورة، وإرسال مواد صحافية للصحف المصرية والمواقع الإخبارية لإبراز مجهوداتهم أولاً بأول، بجانب اتجاه أحدهم إلى ارتداء ملابس رياضية أثناء العمل، والابتعاد عن الزي الرسمي، ومنع استقبال الهدايا والورود بمكاتب المسؤولين، على الطريقة الأميركية.
فمنذ تعيين الدكتورة منال عوض ميخائيل، نائب محافظ الجيزة السابق، محافظاً لدمياط، وهي تحرص يومياً على القيام بعمل جولات ميدانية ولقاءات ميدانية بشوارع ومؤسسات المحافظة التي تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وكان موقع انهيار عقار بعزبة البرج أحد أبرز تلك المحطات، بعدما قام عدد من مستخدمي التواصل الاجتماعي بنشر صورة لميخائيل أثناء تفقدها للانهيار، ووجه العديد منهم الشكر إلى المحافظة الجديدة لسرعة وجودها بين المواطنين في الأزمات، بحسب وصف محمد حسين على «فيسبوك». رغم الانتقادات التي تزامنت مع اختيارها محافظاً لدمياط.
وكانت الدكتورة منال ميخائيل تشغل منصب وكيل معهد الأمصال واللقاحات البيطرية للأبحاث والدراسات بوزارة الزراعة، قبل شغلها منصب نائب محافظ الجيزة.
أما محافظ المنوفية اللواء سعيد عباس، فقد استطاع لفت الأنظار إليه بشدة، بعدما تنصل من زي المسؤولين الرسمي، وارتدى ملابس «كاجوال» في مكتبه وجولاته الميدانية بشوارع وميادين المحافظة الكبيرة التي يديرها على الطريقة الأميركية، لينال استحسان وإعجاب مواطني المحافظة لخطواته الجديدة وغير المألوفة في مصر بصفة عامة، ليُلقب إثر ذلك بـ«المحافظ الكاجوال».
وقال اللواء سعيد عباس، محافظ المنوفية، لـ«الشرق الأوسط»، «ما أفعله طبيعي. أنا في موقعي لخدمة المواطن وأتقاضى راتباً على ذلك». وأضاف: «حظرت استقبال الهدايا والزهور في مكتبي وجميع مكاتب مسؤولي المحافظة، فحظر صغائر الهدايا، يمنع كبائرها، لأن القاعدة واحدة وهي أن كل صاحب حق سيحصل عليه».
وأبدى عباس سعادته بوصف «المحافظ الكاجول»، الذي اشتهر به، قائلاً: «قبل تولي المنصب كنت أشاهد حرص المحافظين على ارتداء الملابس الرسمية حتى أثناء العمل الميداني، فقررت التخلي عن هذا الزي، وارتداؤه في أضيق الحدود». موضحاً: «بطبيعتي أكره الوجود بالمكاتب، ويتماشى ذلك مع نظرتي لهذه الوظيفة».
بينما سبب تداول صورة محافظ المنيا السابق وهو يصلي وحيداً في مكتبه، جدلاً واسعاً على موقع «فيسبوك»، بعدما تم نشرها على نطاق واسع على أنها للمحافظ الجديد اللواء حسين قاسم. وبدوره نفى قاسم الواقعة، وقال خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «هذا الصباح» بقناة «إكسترا نيوز»، إنها كانت صورة شخصية للمحافظ السابق طلب من ملتقطها عدم نشرها، لكنه خان الأمانة ونشرها على مواقع التواصل، ما أدى إلى حدوث جدل واسع في المنيا، وما كان لذلك أن يحدث لولا تم نشر هذه الصورة الخاصة.
في السياق نفسه، حرص محافظ أسوان على اصطحاب وسائل الإعلام خلال جولاته الميدانية الأخيرة في مدن محافظة أسوان (جنوب مصر)، إذ تم نشر صور له أثناء تفقده بعض مستشفيات المحافظة، وهو يعاتب ويلوم الموظفين المقصرين، ويطالبهم بالنظافة الدورية. ونقل الصحافيون بالمحافظة نص توجيهاته لمديري المستشفيات والمسؤولين عن الصحة بالمحافظة: «المواطن والمريض الغلبان يحتاج منكم تقديم خدمة علاجية بجودة عالية، وهو الذي لن يتأتى إلا بالالتزام والنظافة العامة والحفاظ على المباني والمنشآت الصحية والأجهزة الطبية بالصيانة الدورية لها».
ولمعرفة جدوى هذا التوجه الجديد، الذي ينتهجه عدد من المحافظين الجدد، قال الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم، لـ«الشرق الأوسط»: «استنساخ نماذج وطرق أخرى من الخارج غير مرفوض، طالما أنه يحقق نتائج إيجابية، لكن بعض المحافظين يقومون بتقليد المسؤولين الأجانب فقط من أجل الحصول على ما نسميه (اللقطة)، وهذا هو الجانب السلبي في المشهد».
وأضاف هاشم: «معظم المسؤولين في الحكومات المتعاقبة في السنوات السابقة، كانوا يحتفلون بالمشروعات والإنجازات بطرق متنوعة، لكن كان المواطنون لا يشعرون بها على الأرض تماماً، وبالتالي فإن الحكم على نجاح وفشل المسؤول هو قياس درجة رضا المواطنين عنه من خلال مراكز بحثية تختص بقياس الرأي العام والميداني في مصر».
ولفت إلى أنه لا يمكن قياس النجاح من عدمه بما تنشره وتبثه وسائل الإعلام عن أنشطة المحافظين، لأنها قد تكون في بعض الأحيان خادعة، إذ يلجأ بعض المسؤولين إلى التجارة باللقطة، والتركيز مع الكاميرا، أكثر من التركيز في حل الأزمات الحياتية للمواطن.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».