حسام بدران: المفاوضات لم تتوقف وليست جزءاً من «صفقة القرن»

تحدث لـ {الشرق الأوسط} عن مباحثات التهدئة والمصالحة وملف السلاح

حسام بدران (يسار) يصافح ضابط المخابرات المصري خلال جولة تفاوض في القاهرة (غيتي)
حسام بدران (يسار) يصافح ضابط المخابرات المصري خلال جولة تفاوض في القاهرة (غيتي)
TT

حسام بدران: المفاوضات لم تتوقف وليست جزءاً من «صفقة القرن»

حسام بدران (يسار) يصافح ضابط المخابرات المصري خلال جولة تفاوض في القاهرة (غيتي)
حسام بدران (يسار) يصافح ضابط المخابرات المصري خلال جولة تفاوض في القاهرة (غيتي)

كشف عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران، تفاصيل المباحثات التي جرت في الآونة الأخيرة، في القاهرة، بين الفصائل الفلسطينية والمسؤولين في جهاز المخابرات المصرية، بشأن التهدئة والمصالحة الداخلية وسلاح «حماس».
وقال بدران، وهو عضو في وفد المحادثات، إن مصر تحركت من أجل تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار، التي تم التوصل إليها في 27 أغسطس (آب) 2014، في أعقاب العدوان الإسرائيلي الذي استمر 51 يوما ضد غزة، وإن «حماس» تعاطت مع التحرك المصري بإيجابية.
وأوضح بدران أن حركته طالبت بضرورة تثبيت اتفاق 2014، والالتزام ببنوده، وأهمها رفع الحصار عن غزة، موضحا أن الاتفاقية نصت، في الوقت عينه، على فتح المعابر، والسماح بحركة الأفراد والبضائع من القطاع وإليه، وإقامة ميناء بحري، وإعادة تشغيل المطار، «وهي قضايا متفق عليها وطالبنا بتنفيذها».
وأشار بدران إلى أنه جرى التواصل مع القوى والفصائل الفلسطينية كافة، وعقد لقاءات لبلورة موقف جماعي، وسط ترحيب كامل بتلك الجهود. وكانت «فتح» الجهة الوحيدة التي عارضت ذلك، وربطت تثبيت التهدئة بتحقيق المصالحة.
وقال المسؤول الحمساوي: «هم (في فتح) يعبرون عن ذلك بمصطلح أخف وقعا (التمكين)، والحديث عن سلاح واحد، وأنه لا مكان للميليشيات، في إشارة إلى فصائل المقاومة». وعدّ بدران ذلك محاولة لفتح معارك جانبية لإفشال تثبيت التهدئة. وقال إن ذلك يهدف عمليا إلى «إدامة حصار القطاع، وإطلاق حملة تشويه ضد الفصائل، من خلال الزعم بأن مفاوضات التهدئة جزء من صفقة القرن الأميركية التي ترفضها (حماس)، والتهديد بعقوبات جديدة تزامنا مع عقد اجتماع المجلس المركزي والوطني بشكل منفرد»، متسائلا عن القيمة التمثيلية لعقد المجلس باسم منظمة التحرير، في ظل غياب الجبهتين الشعبية والديمقراطية، والمبادرة الوطنية، إضافة إلى حركتي الجهاد الإسلامي وحماس.
ونوّه رئيس مكتب العلاقات الوطنية في حركة حماس، إلى انتكاس مسار المصالحة، ووضع عصا غليظة أخرى في دواليب الحوار.
وقال بدران إن موقف «فتح» دفع «حماس» للمضي في حوارات التهدئة، ضمن توافق فلسطيني عريض.
وسألت «الشرق الأوسط» بدران حول ما أشيع عن طلب منظمته بناء مطار في إيلات، فأجاب: «ذلك مجرد كذبة وافتراء لا أصل له». وقال إن «حماس» لم تقدم أي طرح للتعامل مع هذه القضية، كبديل عن مطار غزة، الذي جرى الاتفاق على تشغيله عند توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار عام 2014.
لكن بدران قال إن أفكارا عدة قدمت في سياق البحث، خارج الصندوق، عن حلول تخفف من الضغوط، والوضع الإنساني الصعب لأهالي القطاع، جرى الحديث عن ممر بحري. وهذا «حق شعبنا، والأصل أن تخدم غزة والضفة على حد سواء».
ونفى بدران، أن تكون جهود التهدئة قد توقفت، مؤكدا على التزام مصر بدورها كضامن لاتفاق التهدئة.
وعن تعثر المباحثات التي كان مفترضا استئنافها بعد إجازة عيد الأضحى، قال القيادي في «حماس»، إن الأمر يعود في كثير من المنعطفات إلى تعنت الاحتلال. مشيرا في الوقت ذاته، إلى مساعٍ تبذلها أطراف أخرى، تحاول إثارة اللغط، وإطلاق التكهنات والافتراءات، بغية عرقلة الحوارات وتثبيت الحصار على غزة.
وتناول بدران «صفقة تبادل أسرى» قريبا، فأوضح أن مسار هذه القضية، سيكون مستقلا عن كل المسارات الأخرى، ولا يرتبط بتقدم المسارات الأخرى أو تأخرها، في إشارة إلى التهدئة. وقال: «نحن ندير هذا الملف بشكل ناضج، وأتمنى أن نصل إلى صفقة تبادل أسرى مشرفة جديدة في أقرب فرصة».
واتهم بدران حركة فتح بالسعي لاستثمار بعض الوقائع في الإقليم، لتحقيق مكاسب لا مصالحة، مشيرا إلى أن «حماس» «كانت تأمل بالتوافق على صيغة واقعية ومنطقية لتحقيق التوافق الوطني على قاعدة الشراكة».
واعتبر القيادي الحمساوي الرفض الأميركي الإسرائيلي للمصالحة العقبة الكبرى، واتهم الطرفين الأميركي والإسرائيلي بالسعي لنزع سلاح المقاومة، وهو ما ترفضه منظمته.
وسألت «الشرق الأوسط» حسام بدران حول تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، العلنية حول سلاح الفصائل الفلسطينية، فقال: «نحن نعرف موقف الرئيس والعالم، وذلك لا يهمنا كثيرا، الرئيس يؤمن بأن السلاح والثورة طرق للهلاك، ويريد أن يصل إلى حقوقه بالاستجداء ودون أي مقاومة، وهذا شأنه». وأضاف: «أما نحن فنعلم يقينا أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن سلاح المقاومة هو القوة الوحيدة القادرة على الدفاع عن شعبنا».
لكنه استدرك قائلا إن «حماس» مستعدة للتفاهم إلى أبعد الحدود، على شكل إدارة السلاح، بالطريقة التي تبقيه ورقة قوة بيد الشعب الفلسطيني وضامنا لحقوقه.
ونفى بدران ما يشاع من أن «حماس» تنازع على شرعية منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، لكنه قال إنها «لن تسمح باختطاف منظمة التحرير لصالح أجندة تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني وتعيق تطلعاته، كالاستمرار في مسيرة التسوية التي اهترأت ودفنها الاحتلال بنفسه، أو ممارسة التنسيق الأمني الذي أضر بالشعب الفلسطيني والمقاومة».
وذكَّر بدران بأن «حماس» كانت خارج معادلة السلطة كليا منذ تأسيسها، وأنها شاركت بالانتخابات لمنع وقوع كارثة أخرى من التنازلات، قائلا: «لا نرى في سلطة تنسق مع الاحتلال مغنما يستحق أن ننازع عليه أحدا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.