الادعاء في «محكمة الحريري» يعرض أدلة الاتصالات

لافتة لموقع المحكمة الخاصة بلبنان التي استكملت مرافعاتها النهائية أمس في لاهاي (رويترز)
لافتة لموقع المحكمة الخاصة بلبنان التي استكملت مرافعاتها النهائية أمس في لاهاي (رويترز)
TT

الادعاء في «محكمة الحريري» يعرض أدلة الاتصالات

لافتة لموقع المحكمة الخاصة بلبنان التي استكملت مرافعاتها النهائية أمس في لاهاي (رويترز)
لافتة لموقع المحكمة الخاصة بلبنان التي استكملت مرافعاتها النهائية أمس في لاهاي (رويترز)

ركز الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة للبنان أمس، على حركة اتصالات المتهمين باغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، وذلك بهدف تأكيد الأدلة المادية المستندة إلى حركة اتصالات المتهمين، وهي القرينة الوحيدة التي أدت إلى اتهامهم، حيث قدم على مدى جلستين ضمن المرافعات الختامية في القضية، عرضاً مفصلاً لحركة الاتصالات بين سبتمبر (أيلول) 2004 و14 فبراير (شباط) وهو يوم اغتيال الحريري، وقسم خطوط الهواتف حسب الألوان. كما ركز على النقاط الجغرافية التي وجد فيها المتهمون.
وجدد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، أمس، تأكيده أن «من اغتال والدي سيدفع الثمن عاجلا أم أجلا ويهمني استقرار البلد»، معرباً عن اعتقاده أن المحكمة «أثبتت حرفية في عملها».
وعرض الادعاء، أمس، أدلة إسناد الهواتف إلى المتهمين حسين عنيسي وأسد صبرا وحسن مرعي. والبارز في جلسة بعد الظهر، أن الادعاء ربط بين توقيت «إطفاء» هواتف مرعي الثلاثة في فترة «اختطاف» أبو عدس، (الذي تبنى التفجير في شريط فيديو تم بثه في يوم اغتيال الحريري)، في 16 يناير (كانون الثاني) 2005. وكذلك هواتف عنيسي وصبرا، مؤكدا أن هواتفهم كانت غير مشغلة في الوقت الذي اختفى فيه أبو عدس. وأشار الادعاء إلى توقف هذه الشبكات والاتصالات بعد 14 فبراير 2005 تاريخ اغتيال الحريري.
واستأنفت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس جلسات المرافعات الختامية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في لاهاي، بعد افتتاح تلك الجلسات أول من أمس بحضور الرئيس سعد الحريري. واختتمت المحكمة أمس جلستها الصباحية، بعد أن عرض الادعاء خلالها أدلة إسناد 3 هواتف إلى المتهم أسد صبرا، مشيرا إلى أنها استعملت في الجوار القريب من مسكنه وأن مواصفات الاتصالات كانت متداخلة بين أعضاء أسرة صبرا وزوجته، ما يؤكد أن الاستخدام كان مشتركا لهذه الهواتف.
من جهة ثانية، تطرق الادعاء إلى موضوع إفادات الشهود، مستغربا عدم إدراجها كبينات. ويقول الادعاء في مذكرته النهائية إنّ الأدلة تثبت أنّ الهواتف التي حدّدها استعملت في أغراض التحضير للاعتداء وتنفيذه وفي إعلان المسؤولية عنه زوراً، وتثبت أيضاً أن مستعملي هذه الهواتف هم المتهمون.
وعلى صعيد المواكبة السياسية في لبنان لجلسات المحكمة، أكد وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال محمد كبارة، على أنه «من دون منطق العدالة، فإن شريعة الغاب تصبح هي المعيار، ولذلك فإن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري يجب أن تكون الحد الفاصل بين زمن الاغتيال والجريمة المنظمة وبين زمن العدالة والقانون». ورأى كبارة أن «جريمة بحجم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان هدفها هدم الكيان وقتل أمل اللبنانيين بوطن يحكمه القانون، تنتظر محطتين متلازمتين هما الحقيقة والعدالة، فلا معنى للحقيقة من دون تحقيق العدالة بمعاقبة مشروع القتل».
وأكد كبارة أن «الرئيس سعد الحريري الذي حمل أمانة الشهيد رفيق الحريري، أثبت أنه ابن هذه المسيرة، وأن مفاهيم رفيق الحريري المتسامح محفورة في وجدانه، فلا بحث عن ثأر بل عن حقيقة وعدالة».
وكان رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، قال في مقابلة تلفزيونية بثت مساء الثلاثاء: «لدينا أكثر من 3000 دليل قدمه الادعاء لهيئة المحكمة لتنظر بهذا الشأن، وكلها تدل على من ارتكب الجريمة ومن كان وراءها، وأن نظام الأسد كان وراء هذا العمل، يجب أن ننتظر ماذا سيكون عليه نطق المحكمة النهائي، نريد العدالة كاملة من دون أي نقصان».
وردا على سؤال، قال: «لا أريد أن أقول أمرا قبل أن تصدر المحكمة قرارها النهائي، بكل موضوعية يجب أن نتصرف بهدوء وبعيدا عن الحساسيات وأي فكرة انتقامية، ورغبة بتطبيق العدالة نريد أن تنطق المحكمة بقرارها النهائي وعندها يمكن اتخاذ كل ما ينبغي عمله بهذا الخصوص».
ونوه بالرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، قائلا إنه «يتصرف بمسؤولية وحكمة وتبصر، ولنضع الأمور بوضوح وصراحة، العدالة لا تعني الانتقام والتشفي وعدم التصرف بحكمة، العدالة هي معرفة الحقيقة كاملة، وهناك الكثير من الإمكانات والأساليب للتعامل مع مثل هذه الأمور بحيث لا تؤدي إلى إشكالات إضافية، ولكن العدالة كل العدالة ولا شيء غيرها نريدها كاملة ليعرف اللبنانيون من ارتكب هذه الجريمة وأنهم سينالون العقاب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.