الرقابة في الكويت تمنع أكثر من 4 آلاف كتاب

المثقفون في صدمة... والوزارة: وظيفتنا تطبيق القانون

TT

الرقابة في الكويت تمنع أكثر من 4 آلاف كتاب

مبكراً، بدأت معركة الرقابة على الكتب في الكويت هذا العام؛ عادة تشتعل قبيل افتتاح معرض الكويت الدولي للكتاب، الذي يُقام عادة في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام. ولكن قبل نحو شهرين من هذا المعرض، صُدم المثقفون بحجم الكتب التي وضِعت في قائمة الممنوع، واتساع مروحة المنع لتشمل كل أصناف الإبداع الإنساني.
وفي ندوة أقيمت الأسبوع الماضي في جمعية المحامين الكويتية، قال أحد النواب المشاركين إنه حصل من وزارة الإعلام، وبشكل رسمي، على قائمة الكتب الممنوعة، مضيفاً: «تفاجأت أنه تم منع 4390 عنوان كتاب، ووردت الإجابة في 16 كرتوناً، تحتوي أسماء كل الكتب والمؤلفين، وأسباب المنع خلال 5 سنوات». أما وزارة الإعلام المعنية بتطبيق الرقابة على الكتب، فتقول إنها جهة تنفيذية تسهر على تطبيق القانون الذي ينظم عمل الرقابة، وهي غير معنية بسنّ التشريعات الناظمة لحرية التعبير.
هذه الإجابة لم تقنع المثقفين، ورأوا في مداخلاتهم عبر «الشرق الأوسط» أن الرقيب هو المشكلة التي أدت لمجزرة الكتب، وأنه ليس فقط يفتقد الحجة والمنطق، كما يفتقد الصلاحية في فرض وصايته على الناس، هو أيضاً يُطبق النصوص بشكل تعسّفي جائر.

- بثينة العيسى: منطق الوصاية
تقول الروائية الكاتبة الكويتية بثينة العيسى: «تقوم فكرة الرقابة على الخوف، وهي فكرة طفولية ترى أن المجتمع بحاجة إلى حماية، وأن من واجب الدولة أن تقوم على حراسة أفكاره وعفته وشرفه. والمجتمع ليس مجموعة من القصّر، والدولة ليست أماً مربية. وهذا الخوف سمح للدولة بأن تتجاوز منطق الحماية إلى منطق الوصاية، ولهذا السبب أصبحت وزارة الإعلام قادرة على منع عشرات الدواوين الشعرية لحماية المجتمع من كلمة (نهد)! وبسبب عجزهم عن التأويل والقراءة السياقية، أصبحت كل كتابة تستخدم كلمة (ملاك) أو (شيطان) رمزياً هي كتابة خادشة للمقدّسات الدينية!».
وتضيف: «لقد بلغ المنع في الكويت أشد مراحله تطرفاً، وتحوّل الخوف إلى شكل من أشكال فوبيا الكتب. وإذا كان التشريع البرلماني يسمح بمساءلة وزير الإعلام عند إجازته لكتاب، فإنه لا يسمح بذلك في حالة منعه لكتاب! وستجد الوزارة في سياسة (امنع كل شيء) حماية للوزير من المساءلة السياسية؛ الأمر بهذه البساطة!».
وماذا بشأن القانون؟ تقول العيسى: «الوزارة لا تطبق القانون. فهذا القانون شُرّع منذ 2006، ولكن مجزرة الكتب الأخيرة شهدناها في السنوات الخمس الأخيرة. وهناك كتب كانت مجازة قبل عشرين عاماً (مائة عام من العزلة لماركيز أنموذجاً) أصبحت فجأة ممنوعة، ناهيك عن مخالفة الدستور الكويتي الذي كفل لنا حرية التعبير والمعتقد، لكن وزارة الإعلام تتبنى منطق فرعون: لا أريكم إلا ما أرى، ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد». وتكمل: «إن الاعتوار الأعظم في هذه المنظومة الرقابية المؤسفة هو أنها تفرغ عملية القراءة من المعنى السياقي؛ عندما يصل إلى اللجنة تقرير الرقيب وقد كتب فيه (ولا تقربوا الصلاة)، سترجح كفة المنع تلقائياً. والإشكالية الثانية هي خلو لجنة الرقابة من أساتذة الأدب والفلسفة، مما يجعل القراءة السياقية شبه مستحيلة، وهو الأمر الذي يودي بالكتاب إلى المنع».

- دخيل الخليفة: رقابة على الرقابة!
الروائي دخيل الخليفة يقول: «نعيش حالة من التناقضات في قضايا حرية التعبير التي كفلها الدستور الكويتي، وهذه التناقضات تحددها ثقافة وزير الإعلام في العادة، فحينما تسلم الراحل الشيخ جابر العلي حقيبة الوزارة حدثت طفرة ثقافية كونه رجلاً واعياً (...) وحدث الأمر نفسه مع الراحل الشيخ سعود الناصر، فترك الوزارة باستجواب وطرح ثقة (...) خطورة الأمر أن هدم حرية الرأي والتعبير يتم عبر المشرع للحريات (مجلس الأمة)، وليس الحكومة!».
أما مبررات الوزارة، فيراها الخليفة «كلاماً مجانياً»، فقراءة رواية أو ديوان شعر «لا تشكل انحطاطاً في قيم المجتمع الذي اعتاد حرية الرأي والتعبير، ويمتلك صحافة حرة منذ عشرات السنين، ويمارس طقوسه بكل حرية، لكن الأخطر أن الوزارة لم تمتثل للقضاء في أحكام صدرت لصالح مبدعين، منهم الروائي سعود السنعوسي، بل استأنفت الحكم (...) كما منعت كتباً وروايات عالمية بقيت لسنوات طويلة مفسوحة في الكويت والخليج، وهذه (رقابة على الرقابة)!».
وبرأيه، المشكلة تكمن في أن «الرقيب موظف عادي، يخشى العقوبات، ولا يفهم أحياناً سياق الجملة أو بعدها اللغوي، ولذلك يمنع الكتاب لوجود مفردات مثل: ساق، البدون، نهد، حضن دافئ، خمر، ملائكة الحب... إلخ. كما أن الفقرات الواردة في شأن الرقابة مطاطية قابلة للتطويع، لذا نحتاج إعادة صياغة لقانون المطبوعات والنشر، فضلاً عن إحالة الكتب المخالفة إلى القضاء، وليس ترك الأمر لرحمة الرقيب».
ويضيف: «لعل الأمر المثير للسخرية هو صمت جمعيات النفع العام المعنية بالثقافة وحريات المجتمع، خصوصاً تلك المعنية بالثقافة (...) بحثاً عن مكاسب شخصية! بالإضافة إلى حالة الخداع التي مارستها بعض وسائل الإعلام أخيراً، وهي التي كانت سابقاً منبعاً للدفاع عن الحريات».

- سعود السنعوسي: مجازر الرقيب لا تعطل الإبداع
الروائي الكويتي الحاصل على جائزة «البوكر» العربية سعود السنعوسي كانت له تجربة مع الرقيب، فقد تم منع روايته «فئران أمي حصة»، لكنه يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع القول إن مجازر الرقيب معطلة للإبداع، رغم كل الإحباط الذي تتسبب به لكل المعنيين بالشأن الثقافي؛ فعل المنع قد يؤدي إلى فعل إبداعي مقابل لا يأبه بمجازر الرقيب بالنسبة للبعض، وإن شكل عائقاً بالنسبة للبعض الآخر».
ويضيف: «الأزمة تتجاوز أن يكون المتضرر هو الكاتب أو القارئ أو الناشر أو صاحب المكتبة، لأن المتضرر الأكبر هو الكويت، التي على يبدو أنها تستنفد رصيد سنوات طويلة من دعم الثقافة وصنوف الإبداع بسبب قصر نظر وزارة الإعلام، وتعنت لجنة الرقابة بقراراتها، وفق فهمٍ قاصر للقانون، وعدم قراءة النصوص، والاكتفاء بقراءة تقارير الرقيب، بجملها المبتورة المجتزأة من سياقاتها».
وهو يرى أن الأزمة تكمن في قانون المطبوعات 2006، مستطرداً: «ولكن حتى القانون لا ينص على ما يقوم به الرقيب اليوم، فالقانون موجود منذ 2006 ومجزرة المنع حدثت في السنوات الأخيرة فقط. وهذا معناه أن الأمر نسبي، ويعتمد على لجنة الرقابة ومزاجها وفهمها الملتبس للحياء العام أو النظام العام، ولعل تقارير الرقيب التي انتشرت أخيراً خير دليل على تخبط وزارة الإعلام، وضحالة ومحدودية الرقيب في تعامله مع النصوص».

- طلال الرميضي: مسطرة الرقيب
طلال الرميضي، أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين، يقول: «الرابطة طالبت وزارة الإعلام بضرورة أن تكون هناك مرونة وعدم تعسف من قبل الرقيب. لا شك أن نصوص التشريعات وضعت محاذير عامة يتفق معها الجميع، حيث لا يختلف أحد في كون (الذات الإلهية) مصونة، وكذلك مقام الرسول الكريم، وما يمس الآداب العامة، كنشر (الإباحية)، أو الإساءة للأفراد والجماعات أو الدول الصديقة، وهي محل إجماع المثقفين، لكن مورد الاختلاف هو في (مسطرة الرقيب)، وقد لاحظنا أن كتباً لا تستحق المنع تم منعها في الكويت، ولذلك نحن مستمرون في إيصال وجهة نظر الأدباء عبر الطرق القانونية إلى الوزارة المعنية».
ويضيف: «رابطة الأدباء الكويتيين تناقش باستمرار الأعمال الممنوعة في ندواتها، وهي تستضيف ممثلين يعبرون عن وجهات نظر مختلفة تجاه تلك الأعمال. وفي المقابل، تقوم الرابطة بقبول عضوية بعض الكتاب، حتى لو كانت كتبهم ممنوعة، لأن جودة القبول في الرابطة هي للعمل الأدبي، وليس لفسحه أو منعه».
وبشأن القانون، يقول الرميضي: «إن القانون سليم، ووضع معايير عامة، ولكن الملاحظات تنصّب على الرقيب نفسه. ولعل ما يثير حفيظة الرقيب هو تدخل السياسيين في الشأن الثقافي، عبر الاستجوابات المتكررة لوزير الإعلام قبيل معرض الكتاب».

- فهد الهندال: لماذا يصبح الكتابُ مأزقاً؟
يرى الناقد الناشر الكويتي فهد الهندال أن «موضوع الرقابة في الكويت لا ينفصل عن بقية القضايا المتعلقة بالشأن التنموي، على المستويين الثقافي والإبداعي، كما أنه نقطة جوهرية في مبدأ الحريات المتعلقة بحرية الرأي والتعبير الذي نصت عليه مواد الدستور الكويتي، وأي وضع يتعارض مع هذا المبدأ فهذا يعني أن هناك خللاً تشريعياً، أو قصوراً في فهم مواد الدستور ومذكرته التفسيرية».
ويضيف: «تشكّل اليوم قضية الرقابة على الكتب في الكويت جوهر موضوع الرقابة، كونها تتصل بمصادر ومراجع المعرفة والثقافة والإبداع، على اعتبار أن القراءة هي أساس تقدم المجتمعات ونموها وتطورها، وعليها تأسست وقامت حضارات إنسانية كبرى، منها حضارتنا العربية والإسلامية، محركها التفكير الواعي والحس المسؤول في بناء المجتمع، وحمايته من الغلو والتشدد، وصيانته بالتعددية الثقافية والحرية المسؤولة».
ويتابع: «لقد شكّل الكتابُ على مر التاريخ الإنساني مأزقاً للدولة والمجتمع على حد السواء، فهل تتحمل الدولة ما يمكن أن يشكّله الكتاب، كرمز للفكر الناقد والمحلل للتاريخ والحاضر والمستقبل؟ وهل يمكن أن يواجه المجتمع نفسه في كتابات أبنائه المعبرين عن حالهم القلقة، وربما المحبطة، حيال ما يرونه من تدني سقف طموحاتهم وأحلامهم، تحت حجة حماية الفضيلة بتضييق الخناق عليهم؟ لقد كانت الكتابة، كما هي القراءة، جزءاً من التنمية، لمعرفة الإنسان واكتسابه الخبرة المطلوبة في هذه الحياة، وتمييز الخطأ من الصواب، فالقراءة تربية حياتية لا يمكن خضوعها تحت أشكال الوصاية والحجر بدعوى الحفاظ على الأخلاق وعادات المجتمع، فلتكن القراءة عادة حميدة جديدة نوعّي بها الأجيال القادمة، بما ينمي مستقبلها وفكرها ومسؤوليتها».

- جهاز الرقابة على الكتب في الكويت
تضم اللجنة الموكل لها تقييم وفسح الكتب تسعة أشخاص، بينهم سبعة من خارج الوزارة، وتقوم هذه اللجنة بتحديد المحاذير أو المخالفات التي يتضمنها الكتاب، وتتكون اللجنة من:
الوكيل المساعد لقطاع الصحافة (رئيساً).
مدير إدارة المطبوعات والنشر (نائباً).
الدكتور عبد الرحمن أحمد الأحمد.
الدكتور معدي مهدي العجمي.
جديع فهيد العجمي.
فيصل عبد الهادي المحميد.
بدر الظفيري (ممثل وزارة الأوقاف).
خلف شقير العتيبي.
بدر ناصر بوقبة.
مراقب عن مطبوعات الكتب.


مقالات ذات صلة

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

كتب دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

يضم الكتاب مجموعة من البحوث والدراسات الأكاديمية وموضوعات وقراءات تتعلق بالجانب الاجتماعي - الاقتصادي

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الروائيّ اللبناني جبّور الدويهي (فيسبوك)

كيف أمضى جبّور الدويهي يومه الأخير؟

عشيّة الذكرى الثالثة لرحيله، تتحدّث عائلة الروائيّ اللبنانيّ جبّور الدويهي عن سنواته الأخيرة، وعن تفاصيل يوميّاته، وعن إحياء أدبِه من خلال أنشطة متنوّعة.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

رواية «حكاية صفية» للروائية الكويتية ليلى العثمان الصادرة عام 2023، رواية جريئة بشكل استثنائي

فاضل ثامر
كتب بعض واجهات المكتبات

موجة ازدهار في الروايات الرومانسية بأميركا

الصيف الماضي، عندما روادت ماي تنغستروم فكرة فتح مكتبة لبيع الروايات الرومانسية بمنطقة فنتورا بكاليفورنيا

ألكسندرا ألتر
كتب الرواية الخليجية... بدأت خجولة في الثلاثينات ونضجت مع الألفية

الرواية الخليجية... بدأت خجولة في الثلاثينات ونضجت مع الألفية

يتناول الناقد والباحث اليمني د. فارس البيل نشأة وجذور السرد الإبداعي في منطقة الخليج وعلاقة النص بالتطورات الاجتماعية والاقتصادية المتلاحقة

رشا أحمد (القاهرة)

«مخالف للأعراف»... مشاعر متضاربة حول حفل افتتاح الدورة الأولمبية في باريس

برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)
برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)
TT

«مخالف للأعراف»... مشاعر متضاربة حول حفل افتتاح الدورة الأولمبية في باريس

برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)
برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)

«هذه هي فرنسا»، غرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معرباً عن فخره وسعادته بنجاح حفل افتتاح الدورة الأولمبية في باريس أمس. وجاءت تغريدة ماكرون لتوافق المشاعر التي أحس بها المشاهدون الذين تابعوا الحفل الضخم عبر البث التلفزيوني. جمع الحفل مشاهير الرياضة مثل زين الدين زيدان الذي حمل الشعلة الأولمبية، وسلمها للاعب التنس الإسباني رافاييل نادال والرياضيين الأميركيين كارل لويس وسيرينا وليامز والرومانية ناديا كومانتشي، وتألق في الحفل أيضاً مشاهير الغناء أمثال ليدي غاغا وسلين ديون التي اختتمت الحفل بأداء أسطوري لأغنية إديث بياف «ترنيمة للحب». وبالطبع تميز العرض بأداء المجموعات الراقصة وباللقطات الفريدة للدخان الملون الذي تشكل على هيئة العلم الفرنسي أو لراكب حصان مجنح يطوي صفحة نهر السين، وشخصية الرجل المقنع الغامض وهو يشق شوارع باريس تارة، وينزلق عبر الحبال تارة حاملاً الشعلة الأولمبية ليسلمها للاعب العالمي زين الدين زيدان قبل أن يختفي.

الرجل المقنع الغامض حامل الشعلة الأولمبية (رويترز)

الحفل وصفته وسائل الإعلام بكثير من الإعجاب والانبهار بكيفية تحول العاصمة باريس لساحة مفتوحة للعرض المختلفة.

«مخالف للأعراف» كان وصفاً متداولاً أمس لحفل خرج من أسوار الملعب الأولمبي للمرة الأولى لتصبح الجسور وصفحة النهر وأسطح البنايات وواجهاتها هي المسرح الذي تجري عليه الفعاليات، وهو ما قالته صحيفة «لوموند» الفرنسية مشيدة بمخرج الحفل توماس جولي الذي «نجح في التحدي المتمثل في تقديم عرض خلاب في عاصمة تحولت إلى مسرح عملاق».

انتقادات

غير أن هناك بعض الانتقادات على الحفل أثارتها حسابات مختلفة على وسائل التواصل، وعلقت عليها بعض الصحف أيضاً، فعلى سبيل المثال قالت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية إن الحفل كان «عظيماً، ولكن بعض أجزائه كان مبالغاً فيها»، مشيرة إلى مشاهد متعلقة بلوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي. واللوحة التمثيلية حظيت بأغلب الانتقادات على وسائل التواصل ما بين مغردين من مختلف الجنسيات. إذ قدمت اللوحة عبر أداء لممثلين متحولين، واتسمت بالمبالغة التي وصفها الكثيرون بـ«الفجة»، وأنها مهينة للمعتقدات. وعلق آخرون على لوحة تمثل الملكة ماري أنطوانيت تحمل رأسها المقطوعة، وتغني بأنشودة الثورة الفرنسية في فقرة انتهت بإطلاق الأشرطة الحمراء في إشارة إلى دم الملكة التي أعدمت على المقصلة بعد الثورة الفرنسية، وكانت الوصف الشائع للفقرة بأنها «عنيفة ودموية».

مشهد الملكة ماري أنطوانيت وشرائط الدم الحمراء أثار التعليقات (رويترز)

كما لام البعض على الحفل انسياقه وراء الاستعراض وتهميشه الوفود الرياضية المشاركة التي وصلت للحفل على متن قوارب على نهر السين. وتساءلت صحيفة «الغارديان» عن اختيار المغنية الأميركية ليدي غاغا لبداية الحفل بأداء أغنية الكباريه الفرنسية، التي تعود إلى الستينات «مون ترونج أن بلومز» مع راقصين يحملون مراوح مزينة بالريش الوردي اللون.

ليدي غاغا وأغنية الكباريه الفرنسية (أ.ف.ب)

في إيطاليا، قالت صحيفة «لا جازيتا ديلو سبورت»، حسب تقرير لـ«رويترز»، إن الحفل كان «حدثاً غير مسبوق، وغير عادي أيضاً. عرض رائع أو عمل طويل ومضجر، يعتمد حكمك على وجهة نظرك وتفاعلك». وشبهت صحيفة «كورييري ديلا سيرا» واسعة الانتشار العرض بأداء فني معاصر، مشيرة إلى أن «بعض (المشاهدين) كانوا يشعرون بالملل، والبعض الآخر كان مستمتعاً، ووجد الكثيرون العرض مخيباً للآمال». وذكرت صحيفة «لا ريبوبليكا»، ذات التوجه اليساري، أن الحفل طغى على الرياضيين وقالت: «قدم الكثير عن فرنسا، والكثير عن باريس، والقليل جداً عن الألعاب الأولمبية»، من جانب آخر أشادت صحف فرنسية بالحفل مثل صحيفة «ليكيب» التي وصفته بـ«الحفل الرائع»، وأنه «أقوى من المطر»، واختارت صحيفة «لو باريزيان» عنوان «مبهر».

سيلين ديون والتحدي

على الجانب الإيجابي أجمعت وسائل الإعلام وحسابات مواقع التواصل على الإعجاب بالمغنية الكندية سيلين ديون وأدائها لأغنية إديث بياف من الطبقة الأولى لبرج إيفل، مطلقة ذلك الصوت العملاق ليصل كل أنحاء باريس وعبرها للعالم. في أدائها المبهر تحدت ديون مرضها النادر المعروف باسم «متلازمة الشخص المتيبّس»، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية لا علاج شافٍ له. وقد دفعها ذلك إلى إلغاء عشرات الحفلات حول العالم خلال السنوات الأخيرة.

سيلين ديون وأداء عملاق (أ.ف.ب)

وعلّق رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على إطلالة سيلين ديون في افتتاح الأولمبياد، معتبراً عبر منصة «إكس» أنها «تخطت الكثير من الصعاب لتكون هنا هذه الليلة. سيلين، من الرائع أن نراكِ تغنّين مجدداً».