في البدء، يقول محمد العواش، وكيل قطاع الصحافة والنشر والمطبوعات في الكويت، في حوار مع «الشرق الأوسط»: «إن الكويت كانت - وما زالت - منارة للأدب والثقافة، ويكفي أن نستذكر مجلة (العربي)، أو سلسلة (عالم المعرفة) و(عالم الفكر) و(روائع القصص)، أو إصدارات (المسرح العالمي)، وغيرها من المنارات الثقافية التي تصدر عن وزارة الإعلام، أو المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لنستذكر دور الكويت التنويري في المنطقة».
أما بالنسبة للكتب التي تم منعها، فيقول العواش: «يجب التنويه بداية إلى أننا دولة قانون ومؤسسات، وهناك قانون صدر ينظم شؤون المطبوعات والنشر (قانون 3 لسنة 2006)، ونحن نرجو أن يحترم (المنتقدون) هذا القانون».
أما المحاذير، فيجملها العواش في أنها «تلك الواردة في المواد التي يشتمل عليها قانون المطبوعات والنشر، وهي: كل ما يمس الذات الإلهية، أو الصحابة وآل البيت وزوجات الرسول، أو تمس الذات الأميرية، أو تلك المحذورات العشرة الواردة في المادة (21) من القانون».
ويشير العواش إلى أن «الكويت دولة عربية مسلمة، وهي لا يمكنها السماح بالكتب التي تخالف الآداب العامة، أو تشتمل على عبارات تدعو لـ(الإباحية)، وبالتالي فلا يمكن أن يمنع كتاب إلا إذا احتوى على (محاذير رقابية) وردت في نصّ القانون».
وبشأن الكتب والأعمال الأدبية العالمية التي طُبعت منذ عقود، وبعضها كان مفسوحاً في الكويت، قبل أن تعود الرقابة وتمنعه مجدداً (رواية مائة عام من العزلة مثالاً، لماركيز)، قال العواش: «نعم، هناك كتب تمت طباعتها مسبقاً، وأجيزت من وزارة الإعلام، ولكن أعيد طباعة بعض هذه الكتب (المترجمة) من قبل دور نشر أخرى، ولمترجمين آخرين، وأضيفت للترجمة عبارات جديدة لا تتلاءم مع قانون الطباعة والنشر»، مشيراً إلى أن «رواية (مائة عام من العزلة) تحديداً هي من الكتب التي أعيدت طباعتها، مع إضافة عبارات في النسخة المترجمة لم تكن موجودة في الطبعات السابقة».
ورداً على سؤال عن اللجنة الموكل لها تقييم وفسح الكتب، يقول العواش: «اللجنة تضم أكاديميين وأساتذة من قسم الأدب بجامعة الكويت، ومشهود لهم بالتخصص والمهنية، وبينهم سبعة من خارج الوزارة، وتقوم هذه اللجنة بتحديد المحاذير أو المخالفات التي يتضمنها الكتاب». وبشأن انسجام عمل الرقابة مع دستور الكويت الذي ينصّ على حرية التعبير، ويمنع أي تعديل ما لم يكن لصالح ضخ مزيد من الحريات، يقول العواش: «إن الدستور نصّ في مواده (35 و36 و37) على حرية الرأي والمعتقد وحرية التعبير، ولكن (وفق ما ينظمه القانون)».
ورداً على سؤال بشأن العامل السياسي في عمل الرقابة، وما إذا كانت الجهات الرقابية تعمل بناءً على مخاوف سياسية محددة، يرد العواش: «أبداً، هناك قانون تم عرضه على مجلس الأمة الذي يمثل المجتمع بكل فئاته، وأجيز القانون في عام 2006 بأغلبية ساحقة، وليس علينا في وزارة الإعلام سوى تطبيق هذا القانون. مسطرتنا هي القانون، ويمكن لأي كاتب أو دار نشر صدر بحقه قرارٌ بالمنع أن يتظلم أمام لجنة التظلمات، وهي لجنة تختلف تماماً عن لجنة الرقابة، وتتكون من أعضاء أغلبهم من خارج ملاك الوزارة، بل حتى لو صدر عن لجنة التظلمات قرار لم يرتضه الطرف المتضرر، فيمكنه اللجوء للقضاء المعروف بنزاهته».
وبسؤاله عن القائمة المتداولة للكتب الممنوعة، التي وصلت لنحو 4390 عنواناً، يجيب وكيل قطاع الصحافة والنشر والمطبوعات: «ما يمكنني تأكيده أنه استناداً إلى إحصائية فسح الكتب من مطلع عام 2017 حتى الشهر الحالي، فإن نسبة الكتب التي تم فسحها تبلغ 80.5 في المائة، في مقابل 19.5 في المائة تم منعها؛ هذه الأرقام هي خلاف ما يتم ترويجه، من أن الأصل هو المنع».
لكن هل تخضع الوزارة للضغوطات الموجهة نحوها بمنع ومصادرة الكتب، على حساب التزامها بحماية الحريات العامة، يقول العواش: «دورنا في وزارة الإعلام أن نتعامل وفق المصلحة العامة، وتطبيق القانون، فما يتعارض مع هذا القانون يتم رفضه، وما يتوافق مع القانون يتم فسحه. الوزارة تضم أشخاصاً مثقفين مهتمين بالثقافة والوعي، ولكنهم في موقع تنفيذي يلزمهم بتطبيق القانون، وحين يتراخون في تطبيقه يصبحون في مورد المساءلة».
محمد العواش: الرقابة تطبق القانون الذي وضعه المشّرعون... وللمتظلم أن يلجأ للقضاء
محمد العواش: الرقابة تطبق القانون الذي وضعه المشّرعون... وللمتظلم أن يلجأ للقضاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة