تعرضت مناطق في محافظة إدلب ومحيطها (اليوم) الأربعاء لقصف متقطع من قوات نظام بشار الأسد، فيما أكد التحالف الدولي بقيادة أميركية بدء "قوات سوريا الديموقراطية" التي يدعمها المرحلة النهائية من عملياتها ضد تنظيم داعش في شرق سوريا.
وترسل قوات النظام منذ أسابيع تعزيزات الى محيط إدلب الواقع في شمال غرب البلاد قرب الحدود التركية، كما صعّدت وتيرة قصفها بمشاركة طائرات روسية الأسبوع الماضي. إلا أن وتيرة القصف والغارات شهدت تراجعاً ملحوظاً في اليومين الأخيرين، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم.
واستهدفت قوات النظام بقصف صاروخي في وقت مبكر من صباح اليوم بلدة التمانعة ومحيطها في ريف إدلب الجنوبي، بعد قصف مماثل طال ليل أمس محيط بلدة مورك في ريف حماة الشمالي.
وتحدث المرصد عن وصول أكثر من أربعة آلاف جندي من قوات النظام والمقاتلين الإيرانيين مع آلياتهم وأعتدتهم الى ريف حلب الشمالي منذ مطلع الشهر، تزامناً مع تحصين الفصائل المعارضة مواقعها في المنطقة.
وتسيطر "هيئة تحرير الشام" – "جبهة النصرة سابقاً" - على الجزء الأكبر من إدلب، بينما تنتشر فصائل أخرى في بقية المناطق، وتتمركز قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي. كما أن هناك وجوداً لهذه الهيئة والفصائل في مناطق محاذية في أرياف حلب الغربي وحماة الشمالي واللاذقية الشمالي.
ومع تصعيد القصف على إدلب ومحيطها منذ مطلع الشهر، أحصت الأمم المتحدة نزوح أكثر من ثلاثين ألف شخص من ريفي إدلب الجنوبي والجنوبي الغربي، وريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي.
وتكرر الأمم المتحدة تحذيرها من كارثة إنسانية في حال حصول هجوم على المحافظة التي تضمّ نحو ثلاثة ملايين نسمة بينهم مليون طفل، ونصفهم تقريباً من النازحين من محافظات أخرى.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس (الثلاثاء) على أن "مكافحة الإرهاب لا تعفي المتحاربين من التزاماتهم بموجب القانون الدولي"، داعيا للتوصل الى حل سلمي في إدلب. وحذر من مقر الأمم المتّحدة في نيويورك من أن شنّ هجوم شامل "سيطلق العنان لكابوس بشري لم يسبق له مثيل في الصراع السوري الدموي". ودعا "إيران وروسيا وتركيا إلى عدم ادّخار أي جهد من أجل إيجاد حلول لحماية المدنيين" بهدف "تفادي أن يدفع هؤلاء ثمن الحلّ في إدلب".
وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا خلال اجتماع لمجلس الأمن الثلاثاء: "لا نستطيع أن نسمح للارهابيين باحتجاز مئات الاف السكان واستخدامهم دروعاً بشرية"، معتبراً أن المطروح في إدلب "ليس عملية عسكرية بل عملية لمكافحة الإرهاب".
و حذر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان من تداعيات هجوم إدلب على أمن أوروبا. ورأى أن "الخطر الأمني قائم ما دام هناك الكثير من المسلحين المنتمين الى القاعدة يتمركزون في هذه المنطقة، ويتراوح عددهم بين 10 آلاف و15 ألفا، وقد يشكلون خطراً على أمننا في المستقبل".
وفي برلين، أعلنت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية اليوم أن وزيري الخارجية الألماني هايكو ماس والروسي سيرغي لافروف سيناقشان الوضع في سوريا خلال اجتماع في برلين بعد غد الجمعة.
وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن ألمانيا لا يمكنها أن تدير ظهرها إذا وقع هجوم كيماوي في سوريا. وأتى كلامها اليوم بعد يومين من كشف الحكومة الألمانية أنها تجري محادثات مع حلفائها بشأن تدخل عسكري محتمل في سوريا. وقالت لمجلس النواب: "لا يمكن أن يكون الموقف الألماني هو مجرد قول لا، بصرف النظر عما يحدث في العالم".
سلاح كيماوي
وفي موضوع الأسلحة الكيماوية، أكد محققون من الأمم المتحدة
اليوم أن القوات الحكومية السورية أطلقت غاز الكلور المحظور في الغوطة الشرقية التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة وفي محافظة إدلب هذا العام، في هجمات تمثل جرائم حرب.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول في المنظمة الأممية أن هذه الوقائع ترفع عدد الهجمات الكيماوية التي وثقتها لجنة التحقيق بشأن سوريا منذ عام 2013 إلى 39 هجوما منها 33 هجوما منسوبا إلى النظام والستة الأخرى إلى جهات لم تحدَّد.
وأضاف المحققون في تقريرهم: "بغية استعادة الغوطة الشرقية في أبريل (نيسان)، شنت قوات النظام العديد من الهجمات العشوائية في مناطق مدنية ذات كثافة سكانية عالية، واشتمل ذلك على استخدام أسلحة كيماوية"، في إشارة إلى أحداث وقعت بين 22 يناير (كانون الثاني) والأول من فبراير (شباط) في دوما بالغوطة الشرقية، إحدى ضواحي العاصمة دمشق.
معركة الشرق
على جبهة أخرى في شرق سوريا، أكد التحالف الدولي بقيادة أميركية بدء "قوات سوريا الديموقراطية" – "قسد" - التي يدعمها، المرحلة الأخيرة من الهجوم على آخر جيب تحت سيطرة تنظيم "داعش" في محافظة دير الزور.
وأورد التحالف في بيان ليل الثلاثاء أن العملية "ستطهّر شمال شرق سوريا على طول نهر الفرات باتجاه الحدود السورية العراقية من فلول تنظيم داعش".
وجاء البيان بعد ساعات من اعلان "قسد" المؤلفة من فصائل كردية وعربية إطلاقها الإثنين هجوماً يستهدف بلدة هجين ومحيطها شرق نهر الفرات، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين. وتترافق المواجهات مع قصف مدفعي كثيف من قوات "قسد" والتحالف الدولي.
ورغم تقلص مساحة سيطرته الى أقل من ثلاثة في المئة من مساحة سوريا، لا يزال تنظيم "داعش" قادراً على شن هجمات مفاجئة على جبهات عدة، آخرها أمس في محيط حقل التنك النفطي في دير الزور.
وقتل 21 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها ليل الاثنين في مكمن نصبه التنظيم في منطقة تلول الصفا في بادية السويداء.