أنقرة تحشد 30 ألف جندي في إدلب وحولها وتُحرك فصائل موالية

TT

أنقرة تحشد 30 ألف جندي في إدلب وحولها وتُحرك فصائل موالية

حذرت تركيا من مأساة إنسانية في إدلب، وواصلت تعزيزاتها العسكرية على الحدود مع سوريا وداخل المدينة الواقعة في شمال غربي سوريا. وطلب الجيش التركي من فصائل «الجيش السوري الحر» المشاركة في عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» الدفع بقواتها إلى إدلب.
ووصلت إلى ولاية كليس، جنوب تركيا، أمس (الثلاثاء)، قافلة تعزيزات عسكرية جديدة، لدعم الوحدات التركية المتمركزة على الحدود مع سوريا قادمة من وحدات مختلفة في البلاد؛ حيث توجهت إلى الحدود مع سوريا لتعزيز القوات المنتشرة على امتدادها، وسط تدابير أمنية مشددة.
ورفع الجيش التركي من مستوى تعزيزاته على حدوده الجنوبية، في ظل توتر تشهده منطقة إدلب، شمال سوريا.
ويتصاعد التوتر في ظل استعدادات النظام السوري وحلفائه لشن عملية عسكرية على إدلب، وهي آخر محافظة سورية تسيطر عليها المعارضة، ويقطنها نحو 3.5 مليون نسمة، غالبيتهم من النازحين. وكشفت تقارير صحافية تركية عن أن الجيش التركي طلب من فصائل الجيش السوري الحر المتحالفة معه إعلان الاستنفار والاستعداد لنقل وحدات كبيرة من محافظة حلب إلى إدلب المجاورة في شمال سوريا.
وقالت صحيفة «يني شفق»، القريبة من الحكومة التركية، إن الجيش أصدر تعليمات إلى وحدات الجيش السوري الحر المتمركزة على طول خط عفرين وإعزاز وجرابلس والباب والراعي، بالاستعداد للحشد العسكري. وأضافت أن قيادة القوات التركية طلبت في التعليمات المرسلة إلى الجيش السوري الحر تقديم تقارير عن أعداد الجنود وكميات الأسلحة والذخائر المتوفرة لديهم، والاستعداد للتعبئة العسكرية.
وأشار التقرير إلى أن تركيا تخطط للعمل في إدلب عبر واجهة «الجيش الوطني السوري»، الذي يجري إنشاؤه شمال سوريا منذ أوائل العام الحالي (2018) في مناطق عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» من المقاتلين الناشطين في إطار فصائل «الجيش السوري الحر»، وتتضمن هذه القوة حاليا 30 ألف عنصر.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي سيبقى فيه 10 آلاف منهم في المنطقة، سيتم نقل 20 ألفا إلى إدلب. وبتجمع كل الفصائل فيها سيصل عدد المقاتلين إلى 30 ألف مقاتل.

وفي السياق ذاته، كشفت الصحيفة عن أن تركيا نشرت على أراضي سوريا منذ عام 2016 نحو 30 ألف جندي، كما تعزز حاليا قواتها في المنطقة بكثافة وبسرعة تحسباً لهجوم النظام على إدلب.
وأوضحت الصحيفة أن الجيش التركي قام بـ«مضاعفة عدد الدبابات والمدرعات الموجودة على الحدود السورية خلال الأسبوعين الماضيين»، كما عزز «المواقع الاستراتيجية بقاذفات الصواريخ وبطاريات المدفعية».
وأشارت إلى أن عدد الجنود الأتراك المتمركزين على طول الحدود مع سوريا تجاوز 30 ألف جندي موزعين على مناطق عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» و12 نقطة مراقبة على طول خط إدلب.
ونقلت عن مصادر عسكرية أن الجيش التركي شكل درعا حدوديا في المنطقة الواقعة بين يايلاداغي في هطاي (جنوب تركيا) وأطمة السورية، كما نقل الوحدات العاملة ضمن عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» إلى حدود إدلب.
وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا «تعتزم ألا تقف موقف المتفرج» حيال هجوم قوات الأسد على إدلب الذي تقول إنه سيؤدي إلى كارثة إنسانية بسبب وجود ملايين المدنيين الأبرياء في المنطقة.
وفي غضون ذلك، دعا وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إلى وقف كل الهجمات الجوية والبرية على محافظة إدلب وضمان عمل نظام الهدنة في هذه المنطقة، موضحا أن ذلك يمثل «الهدف الأهم» لتركيا هناك.
وقال أكار، في تصريحات ليلة أول من أمس: «إننا نريد أن يستمر عمل نظام وقف إطلاق النار في إدلب، وهذا أمر ضروري... الهدف الأهم أمامنا هو وقف جميع الهجمات البرية والجوية على إدلب في أقرب وقت ممكن وتحقيق الهدنة والاستقرار في المنطقة».
وفي مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المجتمع الدولي أيضاً للتحرك بشأن إدلب. وحذر من أن «العالم بأكمله سيدفع الثمن» إذا حدث غير ذلك.
وأضاف إردوغان أنه «على كل أعضاء المجتمع الدولي أن يدركوا مسؤولياتهم في الوقت الذي يلوح فيه هجوم إدلب في الأفق. عواقب التقاعس ستكون كبيرة.. وأي هجوم للنظام سيخلق مخاطر إنسانية وأمنية كبيرة لتركيا وباقي أوروبا وغيرهما».
وأضاف أن روسيا وإيران مسؤولتان عن الحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية في إدلب.
من جانبه، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر تشيليك إن بلاده تواصل مشاوراتها سواء عبر السبل الدبلوماسية وغيرها بخصوص التطورات في إدلب. وأضاف، في تصريحات، أنه «بالتوازي مع مواصلة المشاورات مع روسيا وإيران، فإن تركيا تواصل عملها كجسر بين مساري (جنيف) و(آستانة) بخصوص سوريا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.