روسيا تستعد لتنفيذ أكبر مناورات عسكرية منذ الحرب الباردةhttps://aawsat.com/home/article/1392016/%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%AF-%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86%D8%B0-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D8%A9
روسيا تستعد لتنفيذ أكبر مناورات عسكرية منذ الحرب الباردة
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
موسكو:«الشرق الأوسط»
TT
موسكو:«الشرق الأوسط»
TT
روسيا تستعد لتنفيذ أكبر مناورات عسكرية منذ الحرب الباردة
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
تبدأ روسيا اليوم (الثلاثاء)، أكبر تمارين عسكرية في تاريخها بمشاركة 300 ألف جندي يمثلون كل مكونات جيشها، فضلاً عن حضور عسكريين صينيين ومنغوليين، وسط انتقادات من حلف الأطلسي الذي اعتبرها تدريباً على «نزاع واسع النطاق».
ويجري هذا الانتشار الكثيف ومشاركة وحدات من الجيشين الصيني والمنغولي في تمارين «فوستوك - 2018» (شرق - 2018) بين 11 و17 سبتمبر (أيلول) في سيبيريا الشرقية وفي أقصى الشرق الروسي.
وعلى هامش المنتدى الاقتصادي في فلاديفوستوك في الشرق الأقصى، يفترض أن يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مناورات «فوستوك - 2018» التي تجري في أجواء من التوتر المستمر مع الغرب بسبب الأزمة الأوكرانية، والنزاع في سوريا والاتهامات بالتدخل في سياسات دول غربية.
وقارن الجيش الروسي هذا الاستعراض للقوة بـ«زاباد - 81» (غرب - 81) التي شارك فيها قبل نحو 40 عاماً بين 100 ألف و150 ألف جندي من حلف وارسو في أوروبا الشرقية، وكانت أكبر تدريبات تنظم إبان الحقبة السوفياتية.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أشاد في نهاية أغسطس (آب) بهذه المناورات التي قال إنها «ستكون شبيهة بزاباد - 81، لكنها أكبر نوعاً ما». وقدم تفاصيل عن المشاركين فيها، ذاكراً 300 ألف جندي و36 ألف آلية عسكرية و1000 طائرة و80 سفينة.
وأضاف: «تخيلوا 36 ألف مركبة عسكرية تتحرك في وقت واحد: دبابات ومدرعات نقل جنود وآليات قتالية للمشاة. وكل ذلك، بالتأكيد، في ظروف أقرب أيضاً قدر الإمكان من حالة معركة».
وستشارك كل المكونات الحديثة للجيش الروسي في التدريبات من صواريخ «إسكندر» القادرة على حمل رؤوس نووية ودبابات تي - 80 وتي - 90، إلى الطائرات المقاتلة الحديثة من طراز سوخوي 34 و35. وفي البحر، سينشر الأسطول الروسي عدداً كبيراً من الفرقاطات المزودة بصواريخ «كاليبر» التي اختُبرت في سوريا.
وقد شارك 155 ألف جندي في المناورات العسكرية الروسية السابقة في المنطقة، «فوستوك - 2014». لكن في مناورات زاباد - 2017 (غرب - 2017) التي أجريت العام الماضي على أبواب الاتحاد الأوروبي، لم يشارك سوى 12 ألفاً و700، حسب موسكو.
إلا أن أوكرانيا ودول البلطيق تحدثت عن مشاركة أوسع من ذلك.
وكما هو متوقع، دان حلف شمال الأطلسي هذه المناورات، وأوضح متحدث باسم الحلف الأطلسي ديلان وايت، أن «هذا يندرج في إطار توجه نلاحظه منذ بعض الوقت. روسيا أكثر ثقة بنفسها، تزيد ميزانيتها الدفاعية وتعزز حضورها العسكري».
ومنذ 2014، والتدهور الخطير في العلاقات بين موسكو والغرب، ضاعفت روسيا التدريبات العسكرية الواسعة، من القوقاز إلى البلطيق وحتى القطب الشمالي.
وسبقت المناورات الروسية في الشرق الأقصى مناورات في البحر المتوسط، من 1 إلى 8 سبتمبر، شارك فيها أكثر من 25 سفينة ونحو 30 طائرة، في إطار تعزيز الحضور الروسي قبالة سواحل سوريا، حيث تتدخل عسكرياً منذ عام 2015.
2025... عام ملء الفراغات؟https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/5098475-2025-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%84%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A7%D8%AA%D8%9F
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.
يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟
بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.
دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.
بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».
حال العالم
في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.
في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.
وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.
يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟
إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.
شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.
التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ
مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.
تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.
في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟