الميليشيات تخفي الوقود تمهيداً لزيادة جديدة في الأسعار

بدء محاكمة 10 صحافيين معتقلين لدى الانقلابيين منذ 3 سنوات

TT

الميليشيات تخفي الوقود تمهيداً لزيادة جديدة في الأسعار

بعد يوم فقط من تباكي زعيم الجماعة الحوثية في أحدث خطاباته على تدهور الوضع الاقتصادي وعجز جماعته عن إدارة المناطق التي تسيطر عليها، افتعل الحوثيون أزمة وقود جديدة في صنعاء والمناطق الخاضعة لهم، في مسعى يرجح المراقبون أنه يمهد لفرض زيادة جديدة على أسعار المشتقات النفطية.
وجاء ذلك في وقت واصلت الجماعة الانقلابية أعمالها القمعية بحق التجار والصرافين ومصادرة العملة المطبوعة من قبل البنك المركزي الخاضع للحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، إلى جانب استمرارها في قمع الناشطين والصحافيين وإخضاعهم للمحاكمات غير القانونية.
وأدت الأزمة الخانقة التي افتعلتها الجماعة الحوثية في المشتقات النفطية إلى عودة الطوابير الطويلة للسيارات أمام المحطات، وسط حالة من الهلع في أوساط سكان العاصمة صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة، على إثر إيعاز عناصر الميليشيات بإغلاق أغلب المحطات في وجوههم.
وبحسب شهود تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» انتعشت من جديد في صنعاء أمس السوق السوداء، إذ اضطر ملاك العربات إلى شراء الوقود بأسعار مضاعفة، فبدلا عن السعر المفروض سابقا لمادة البنزين من قبل الجماعة وهو 9 آلاف ريال للصفيحة سعة 20 لترا بات سعره في السوق السوداء أكثر من 15 ألف ريال (حوالي 25 دولارا).
واتهم سائقو سيارات الأجرة الجماعة الحوثية بأنها مسؤولة عن افتعال الأزمة على الرغم وجود كميات كبيرة من مخزون الوقود بأنواعه في خزانات المحطات وفي الخزانات المركزية لشركة النفط اليمنية الخاضعة للجماعة في منطقة الصباحة، فضلا عن تدفق عشرات الناقلات إلى صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة بشكل يومي.
ويرجح المراقبون أن الجماعة تسعى إلى مضاعفة معاناة السكان في المحافظات الخاضعة لها عبر فرض زيادة جديدة، في أسعار الوقود، لجهة زيادة الأرباح التي تجنيها من تجارة النفط التي تحتكرها في مناطق سيطرتها وتسخر عائداتها المالية لتمويل المجهود الحربي.
وبحسب تقديرات أممية، تحصل الجماعة الموالية لإيران على أرباح يومية تقدر بنحو ثلاثة ملايين دولار، جراء بيع وتسويق المشتقات النفطية من قبل التجار الموالين للجماعة وأصحاب المحطات، بعد أن قررت احتكار تجارة الوقود منذ انقلابها على الشرعية في 2014 وقيامها بإلغاء دور شركة النفط الحكومية من القيام بهذه المهمة الخدمية.
وستؤدي أي زيادة في أسعار الوقود، إلى مضاعفة معاناة السكان لجهة زيادة أجور النقل والمواصلات، والذي ينعكس بدوره على زيادة أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، بخاصة أن الجماعة تمتنع عن دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها منذ أكثر من عامين، تحت ذريعة أن الشرعية قامت بنقل البنك المركزي إلى عدن.
في السياق نفسه، استمرت الميليشيات أمس في ملاحقة شركات الصرافة في صنعاء وإغلاق بعضها ومصادرة الملايين من الريالات التي تزعم الجماعة أنها من الطبعة الجديدة الصادرة عن الشرعية وبنكها المركزي في عدن، وهي نقود غير شرعية على حد مزاعمها.
وأفادت مصادر مصرفية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن إحدى نقاط التفتيش التابعة للميليشيات في المنفذ الجنوبي لصنعاء، قامت أمس بمصادرة أكثر من 20 مليون ريال من الفئات النقدية الجديدة، كانت بحوزة أحد الصرافين الذين قامت باعتقاله ونقله إلى أحد سجونها السرية.
وفي مسعى من الجماعة للسيطرة على أسعار صرف العملة في مناطقها، فرضت أمس تسعيرة جديدة لبيع الدولار، قدرها 580 ريالا للدولار الواحد، وهو الأمر الذي يزيد بنحو 100 ريال على السعر الرسمي الذي أقره البنك المركزي في عدن.
على صعيد آخر، واصلت الجماعة انتهاكاتها بحق الصحافيين والناشطين في المناطق الخاضعة لها، إذ أفادت مصادر في نقابة الصحافيين اليمنيين لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة بدأت أمس في محاكمة عشرة صحافيين معتقلين لديها منذ ثلاث سنوات. وقال المصدر إن الجماعة الحوثية أحضرت الصحافيين العشرة إلى النيابة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب وأمن الدولة الخاضعة للجماعة، للتحقيق معهم في التهم المزعومة التي لفقتها لهم وهي، نشر الأخبار الكاذبة ومحاولة إضعاف معنويات ميليشياتها والتخابر مع الشرعية والتحالف الداعم لها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.