وفد من «حماس» إلى القاهرة للقاءات «استكشافية»

تصعيد متوقع يسبق وصوله... وإسرائيل ترفع وتيرة التهديد

TT

وفد من «حماس» إلى القاهرة للقاءات «استكشافية»

قال مسؤول في حركة حماس، إن وفدا من الحركة سيصل إلى القاهرة منتصف الشهر الحالي، للقاء مسؤولين مصريين بغرض إجراء مزيد من المباحثات حول الملفات العالقة. وأكد ماهر عبيد، عضو المكتب السياسي للحركة، أن اللقاء يأتي للتباحث حول مختلف الملفات الخاصة بالشأن الفلسطيني، وعلى رأسها ملفا «المصالحة والتهدئة».
ويفترض أن تصل اليوم وفود من الجبهتين الشعبية والديمقراطية من أجل لقاءات دورية مع المسؤولين المصريين، وذلك بعد تعثر الجهود الخاصة بالملفين، وتحديدا مفاوضات التهدئة التي أفشلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وتتجه «حماس» إلى تصعيد شعبي كبير مع إسرائيل قبل الوصول إلى مصر، وتخطط لإعادة الزخم لمسيرات العودة على حدود قطاع غزة، بما في ذلك إمكانية استئناف إرسال الطائرات الورقية الحارقة تجاه إسرائيل، بهدف إعادة لفت النظر للوضع العام السيئ في قطاع غزة، وكرسالة احتجاج قوية على إيقاف مباحثات التهدئة. وتريد «حماس» الغاضبة فرض استئناف المباحثات عبر هذا الطريقة.
ونشرت «الشرق الأوسط» سابقا، أن «قيادة (حماس) تؤمن أن الوسطاء سيتحركون مجددا إذا كانت إسرائيل تحت الضغط». وقد أكد عبيد هذا التوجه قائلا إن «جماهير شعبنا إذا صعدت من مسيرات العودة وشكلت ضغطا وقلقا جديدا على الاحتلال؛ فلا بد من التوصل إلى تهدئة، ودفع ثمن مقابل ذلك».
وأضاف عبيد لصحيفة «الاستقلال» المحلية، التابعة لـ«الجهاد الإسلامي»: «مصير مسيرات العودة السلمية، خصوصا بعد تجميد مباحثات التهدئة، مرهون بتحرّك الجماهير الفلسطينية».
وتابع: «الجهود المبذولة بشأن التهدئة لم تتوقف كلياً، إنما تشهد حالة من التراخي، وتبدّل الأولويات عند الأطراف، لتصبح الأولوية لديهم البدء بتحقيق المصالحة، ثم الذهاب إلى الأمور الأخرى بقيادة السلطة».
وأردف: «لكن يبدو أن شعبنا سيتجه نحو التصعيد النوعي لمسيرات العودة بالشكل الذي يوجع الاحتلال ويشعره بخطورة الموقف؛ وصولا إلى تحقيق الأهداف المرجوّة منها».
وكانت مباحثات التهدئة التي رعتها مصر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل الشهر الماضي، أوقفت بعد تهديدات عباس بأنه لن يسمح باتفاق تهدئة في قطاع غزة، باعتباره يساهم في فصل القطاع عن الضفة ومدخلا إلى صفقة القرن. ورفض عباس مشاركة حركة فتح في هذه المباحثات، وهدد بإجراءات إذا ذهبت «حماس» إلى اتفاق منفصل مع إسرائيل.
وكان المسؤول الفلسطيني أحمد مجدلاني، وهو عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومساعد كبير لعباس قال لـ«الشرق الأوسط»، إن القيادة لن تمول الانفصال مثلما فعلت مع الانقلاب، في رسالة واضحة بأن عباس سيوقف تمويل قطاع غزة بالكامل إذا عقدت «حماس» تهدئة مع إسرائيل.
وتصرف السلطة على القطاع 96 مليون دولار شهريا. وأبلغ عباس المسؤولين المصريين لاحقا بأنه سيوقف ذلك بالكامل إذا وقعت «حماس» اتفاقا مع إسرائيل. ومع تهديد «حماس» بتصعيد المسيرات على حدود القطاع، قال قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي: «(حماس) ترى قوتنا، وإذا حاولت استفزازنا فنحن مستعدون جدا لذلك».
واستبعد هليفي التوصل إلى اتفاق تهدئة مع حركة حماس في قطاع غزة، لكنه أكد أيضا أن احتلال القطاع وإسقاط حكم «حماس» لن يحسن الوضع الأمني لإسرائيل. وأكد هليفي أن إسرائيل تريد تحسين الأوضاع في قطاع غزة، لكن من دون منح حركة حماس قوة إضافية. وأيد أي مشاريع من شأنها تحسين حياة السكان في غزة، بما في ذلك إنشاء ميناء، لكن من دون السماح بتقوية «حماس».
ورأى هليفي أن الوضع المتوتر في قطاع غزة سيستمر طويلا، ربما عقداً من الزمن. وقال: «يجب ألا نخدع أنفسنا، هناك مكان يعج بالإرهاب وبناء القدرات العسكرية». وأردف: «(حماس) ستجربنا من وقت لآخر وتحاول جرنا إلى مواجهة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».