لم يصدر أي رد فعل، أمس، عن وزارة الخارجية الجزائرية على صور فيديو انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي في الـ48 ساعة الماضية، عن تهديدات بـ«نقل الحرب إلى الجزائر»، جاءت على لسان المشير الليبي خليفة حفتر، قائد فصيل «الجيش الوطني» الذي يسيطر على شرق البلاد.
واتهم حفتر الجزائر بإرسال جنود إلى الأراضي الليبية، في تكرار لما حصل في بداية الأزمة الليبية عام 2011، عندما اتهمت بـ«إيفاد ميليشيات لإسناد القذافي»، ما نفته الحكومة الجزائرية يومها بشدة.
وأفاد مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، بأن مسؤولين في وزارة الخارجية عقدوا اجتماعاً صباح أمس، بعد أن اشتد الجدل حول تصريحات قائد الجيش الليبي الذي ظهر في شريط فيديو، مهدداً الجارة الغربية بـ«الدخول معها في حرب، بسبب استغلالها الأوضاع الأمنية في ليبيا، وتجاوز جنود جزائريين الحدود الليبية».
وذكر المصدر الحكومي أن آراء مسؤولي الخارجية تباينت بين من يرى ضرورة الرد بحزم على حفتر، ومن نصح بتحاشي ذلك، بذريعة أن أي موقف سلبي من الجزائر لن يكون منسجماً مع جهود الوساطة التي تؤديها، ومسعى إقامة حوار بين الأطراف الليبية المتنازعة، بهدف إيجاد مخرج سياسي للأزمة. ولم يتم الإعلان، حتى آخر النهار، عن نتائج اجتماع الخارجية.
وكان حفتر في الفيديو وسط مجموعة من مؤيديه، عندما تحدث عن إمكانية «نقل الحرب في لحظات إلى الحدود الجزائرية»، مضيفاً أن السلطات الجزائرية «اعتذرت عن التصرف الفردي للجنود الجزائريين»، وتوعدت بـ«إنهاء هذه الأزمة في غضون أسبوع واحد»، وقال أيضاً إنه وجه عتاباً للسلطات الجزائرية، على أساس أن ما بدر من جيشها، حسبه، «لم يكن أخوياً».
ولا يعرف متى تم الاجتماع بين حفتر وأنصاره، ولا الظروف التي عقد فيها. ولم يذكر الضابط العسكري الليبي الفترة التي دخل فيها الجيش الجزائري، على حد قوله، إلى التراب الليبي، علماً بأن الجزائر رفضت في وقت سابق مشاركة جيشها في عمليات عسكرية خارج حدودها، بحجة أن دستور البلاد يمنع ذلك. وعرف المشير حفتر بعلاقاته المتوترة مع الجزائر، التي تفضل التعامل مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. واتهم حفتر الجزائر في 2014 بـ«محاولة السيطرة على ثروات ليبيا». وتعرضت الجزائر قبل 7 سنوات لاتهام بـ«إيفاد مرتزقة وأسلحة لإنقاذ نظام القذافي من السقوط». وردت الحكومة حينها بأن المعارضة في ليبيا، مصدر هذا الاتهام، «قدمت قراءة خاطئة لموقف الجزائر حيال الوضع في ليبيا، فنحن لم نساند نظام القذافي، وإنما كنا حريصين على حقن دماء الشعب الليبي، عندما اخترنا أن يأتي الحل من الاتحاد الأفريقي».
وقال قوي بوحنية، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ورقلة (جنوب الجزائر)، ل«الشرق الأوسط»: «السيد حفتر يتبنى لغة تهديد في غير محلها، وفي سياق غير مفهوم، وهي لغة تتجاوز حجمه العسكري، في ظل توازنات إقليمية ضاغطة. لقد تجاوز حفتر كل الأعراف الدبلوماسية بهذا التصريح، حتى وإن عبر عنه في اجتماع غير رسمي»، مشيراً إلى أن التهديد الذي صدر عن حفتر «يستهدف دولة تقف على مسافة واحدة مع كل الأطراف المتنازعة، فقد استقبلت حفتر كما استقبلت السراج في مساعي الصلح. والجزائر دولة مصدرة للاستقرار في ليبيا، وتساهم في بناء السلام في هذا البلد الجار، وهي عمق استراتيجي بالنسبة لليبيين، ولا تملك أية أجندة في ليبيا، بعكس دول كثيرة، وهذه العناصر يبدو أنها خفيت على حفتر وهو يهاجم الجزائر».
من جهته، كتب عبد الرزاق مقري، زعيم الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، في حسابه بـ«فيسبوك» قائلاً: «لم يجد حفتر أي حرج في توجيه تهديد للجزائر بسبب دخول عسكريين جزائريين، حسب قوله، التراب الليبي؛ إنها جرأة غير مسبوقة لا يمكن للجزائريين أن يتحملوها أو يقبلوها. لو كان يفقه في أعراف السياسة والدبلوماسية، ولو كان يقيم وزناً للجزائر ويهابها، لما كان له أن يظهر عدوانيته، وأن يسترجل علينا أمام قومه، وبالصورة والصوت، بعدما تمت تسوية الحادث مع السلطات الجزائرية، حسب ما ذكر هو نفسه».
مطالبات في الجزائر بالرد على حفتر بعد تهديده بـ«نقل الحرب» إليها
مطالبات في الجزائر بالرد على حفتر بعد تهديده بـ«نقل الحرب» إليها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة