العبادي يتهم خصومه بإجهاض التحالف الحكومي... وتوتر جديد في علاقته مع «الحشد»

بوادر تقارب بين كتلتي الصدر والعامري

TT

العبادي يتهم خصومه بإجهاض التحالف الحكومي... وتوتر جديد في علاقته مع «الحشد»

أعرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن أسفه لاستغلال جلسة البرلمان التي عقدت أول من أمس لأغراض سياسية، متهماً خصومه بالقيام بذلك. وقال العبادي في بيان صدر عن مكتبه أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «جلسة البرلمان الخاصة لمناقشة أوضاع البصرة جرى استغلالها للتسقيط وتوفير ظروف جديدة للتحالفات».
وأعرب العبادي عن «الأسف الشديد لاستغلال جلسة مجلس النواب الاستثنائية لغير الهدف الذي عقدت من أجله وهو مناقشة مشكلة البصرة والخدمات والإجراءات الحكومية المتخذة وإيجاد الحلول اللازمة في ضوء استجابتنا لدعوة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر». وأوضح العبادي أنه «تم انتهاز الجلسة بشكل سافر كفرصة للتسقيط (إجهاض) وتوفير ظروف جديدة للتحالفات التي تتشكل على أساسها الحكومة المقبلة رغم مناشدتنا لجميع الأطراف بإبعاد مشكلة الخدمات لمواطنينا في البصرة عن التوظيف السياسي وتحقيق المكاسب والمنافع السياسية الخاصة».
وكانت جلسة البرلمان العراقي التي عقدت أول من أمس برئاسة أكبر الأعضاء سناً محمد علي زيني شهدت تلاسنا حادا بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ومحافظ البصرة أسعد العيداني. كما شهدت اصطفافا غير مسبوق بين كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري والمتحالفة مع «النصر» ضمن تحالف «الإعمار والإصلاح»، وكتلة «الفتح» التي يتزعمها هادي العامري والمتحالفة مع «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي ضمن تحالف «البناء»، من خلال مطالبتهما خلال مؤتمر صحافي العبادي بتقديم استقالته. وكان قد تزامن مع هذه المطالبة بالاستقالة البيان الصادر عن الصدر والذي تضمن ترشيح 3 شخصيات لرئاسة الحكومة المقبلة على أن تكون ضمن المعايير التي حددها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني وأهمها «المجرب لا يجرب» في إشارة ضمنية بعدم دعم العبادي لولاية ثانية باعتبار أنه دخل في خانة «المجرب» خلال ولايته الأولى.
وبينما تشير أوساط كتلة «الفتح» إلى أن التقارب مع «سائرون» بدأ يتبلور نحو تحالف جديد يمكن أن يقلب طاولة التحالفات في البيت الشيعي، طبقا لما يراه سياسي شيعي مستقل، فإن الناطق الرسمي باسم تحالف «سائرون» الدكتور قحطان الجبوري وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» أكد أن «التحالف بين (النصر) و(سائرون) ضمن تحالف (الإصلاح والإعمار) لا يزال قائما ولم يطرأ عليه تغيير حتى الآن». وردا على سؤال بشأن مطالبة «الفتح» و«سائرون» العبادي بالاستقالة وكذلك الشروط التي وضعها الصدر للمرشح المقبل لرئاسة الوزراء، قال الجبوري إنه «يجب الفصل بين الأمرين؛ فمطالبة (سائرون) و(الفتح) الحكومة بالاستقالة ليست استهدافا شخصيا للعبادي بقدر ما هي توصيف لحالة عامة من الفشل في الأداء الحكومي، وبالتالي، فإن الكتلتين تصرفتا من منطلق حرصهما، لا سيما بعد ما حصل في البصرة الذي ما كان يمكن أن يحصل لو كان الأداء الحكومي بمستوى الأزمة». وأوضح أن الشروط التي وضعها الصدر «ليست جديدة في الواقع في ما يتعلق بشروط المرجعية بشأن (المجرب لا يجرب)، لأن الصدر في النهاية هو ابن المرجعية، وهو ما ينسحب على وجود عدة مرشحين لمنصب رئيس الحكومة، لأن السيد الصدر لم يعلن دعمه لأي شخصية حتى الآن».
وحول التوتر بين العبادي و«الحشد الشعبي» بعد إعفائه الأسبوع الماضي رئيس «هيئة الحشد» فالح الفياض من منصبه وتعيين نفسه رئيسا لها، أكدت رحاب العبودة، عضو البرلمان العراقي السابق عن ائتلاف «دولة القانون»، أن «الذي حصل في البصرة كان بمثابة فخ وقع فيه العبادي وانتهت آخر حظوظه في ولاية ثانية». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «كتلة العبادي لم تعد موجودة على أرض الواقع، حيث غادر معظم الأطراف التي انتمت إليها»، مبينة أن «التقارب الأخير بين (الفتح) و(سائرون) بات يمهد لعودة التحالف الشيعي وبالتالي لا يملك العبادي سوى المجيء، لكن ليس بشروطه؛ بل بشروط التحالف، وهو ما يعني أنه قد يحصل على منصب آخر للترضية قد يكون نائب رئيس البرلمان أو نائب رئيس الجمهورية».
إلى ذلك، حمل نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي»، أبو مهدي المهندس، الولايات المتحدة مسؤولية ما تشهده محافظة البصرة من اضطرابات أمنية. وقال المهندس لمجموعة من القنوات الفضائية العراقية إن «الأميركيين هددوا بأنهم سيحرقون البصرة إذا لم تجدد الولاية (في إشارة إلى العبادي) وسنقدم كل الأدلة على الدور التخريبي للقنصلية الأميركية في البصرة». وأضاف المهندس: «نؤكد للأميركيين أنه لن تحدث حرب شيعية – شيعية، وما يجري في البصرة شبيه بالذي جرى في مصر إبان سقوط نظام مبارك».
وفي سياق العلاقة بين «الحشد» والعبادي، أكد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «(الحشد الشعبي) وبعد صدور قانونه من قبل البرلمان العام الماضي أصبح مؤسسة أمنية رسمية حاله حال المؤسسات العسكرية الأخرى مثل جهاز مكافحة الإرهاب، التي لها قانونها الخاص، لكنها تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، وبالتالي فإنه ما دام رئيس مجلس الوزراء في العراق هو القائد العام، فإن هذا التشكيل تابع له، لكن ليس بالضرورة أن يكون هو رئيسه»، وذلك في إشارة إلى تعيين العبادي نفسه رئيسا لـ«هيئة الحشد» بعد إعفائه فالح الفياض. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أن «فصائل (الحشد) التي تتمتع بعلاقة جيدة مع إيران تأخذ على العبادي تنفيذه الأجندة الأميركية، وبالتالي حصل التقاطع بين الجانب الرسمي الوظيفي لجهة صلة (الحشد) كمؤسسة أمنية به، وبين الجانب السياسي كون الطرفين شكلا تحالفين سياسيين مختلفين وباتا متصارعين على رئاسة الحكومة؛ حيث إن قائمة (الفتح) التي تمثل معظم الفصائل المنتمية إلى (الحشد) ترشح هادي العامري لرئاسة الحكومة، بينما تحالف (النصر) يرشح العبادي لرئاسة الحكومة»، مبينا أن «هذا التناقض بين الطرفين سيبقى قائما حتى تتضح صورة التحالفات وما الكتلة الأكبر خلال الفترة المقبلة، وتاليا من سيكون مرشحا لرئاسة الحكومة المقبلة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.