فنزويلا تخفف قبضتها على تداول النقد الأجنبي

في ظل ندرة العملة وارتفاع قوي للتضخم

اصطفاف المتقاعدين لساعات خارج البنوك في فنزويلا لسحب النقود (أ.ف.ب)
اصطفاف المتقاعدين لساعات خارج البنوك في فنزويلا لسحب النقود (أ.ف.ب)
TT

فنزويلا تخفف قبضتها على تداول النقد الأجنبي

اصطفاف المتقاعدين لساعات خارج البنوك في فنزويلا لسحب النقود (أ.ف.ب)
اصطفاف المتقاعدين لساعات خارج البنوك في فنزويلا لسحب النقود (أ.ف.ب)

خففت فنزويلا أول من أمس القيود التي تفرضها منذ 15 عاما على تداول العملة الأجنبية، وأصدرت مرسوما يسمح للبنوك الخاصة وشركات الصرافة ببيع الدولار ولكن اقتصاديين أبدوا تشككا في أن تحسن هذه الإجراءات الاقتصاد المختل الذي يعاني من أزمات.
وتلزم القيود المفروضة على العملة الشركات والأفراد بشراء الدولار من خلال الدولة، وكثيرا ما يتم وصف هذه القيود بأنها أحد المحركات الرئيسية للأزمة التي تتضمن ارتفاع معدل التضخم ونقص المنتجات.
وأعلن وزير المالية الفنزويلي، سيمون زيبرا، عن الإجراءات الجديدة في تلفزيون الدولة، وقال إن النظام الجديد سيسمح للفنزويليين بشراء وبيع العملة الصعبة في صفقات صغيرة من أجل تغطية احتياجاتهم الشخصية. وشدد زيبرا على أن قواعد تداول النقد الأجنبي ستصبح حرة وواضحة، وقال خبير لوكالة بلومبيرغ إن هذه القواعد قد تساهم في تفكيك ضوابط العملة الأجنبية الحالية أو على الأقل تخفف منها. وستنشئ الحكومة بمقتضى النظام الجديد منصة لتحديد أسعار العملات.
وكان الرئيس الفنزويلي السابق، هوجو شافيز، أسس ضوابط تداول للعملة الصعبة في 2003 في محاولة للحد من هجرة رؤوس الأموال، وأتت جهود تنظيم عمليات بيع العملة الصعبة بنتائج عكسية في ظل ما تواجهه الدولة من مصاعب في توفير الدولارات مع انخفاض أسعار النفط وممارسات الفساد، وهو ما شجع على تنامي السوق السوداء للعملة الأميركية، وفقا لوكالة بلومبيرغ.
ووفقا للوكالة فإن القواعد الجديدة تعيد ضوابط البنك المركزي على الموارد الدولارية المولدة من عوائد النفط، وتمنع شركة البترول الحكومية PDVSA من الاستحواذ على العملات الأجنبية بأكثر من 72 ساعة، وهي الشركة التي تمثل المصدر الرئيسي لموارد النقد الأجنبي للبلاد من نشاط التصدير. وأشار اقتصاديون إلى أن البنك المركزي ما زال المسؤول عن تحديد سعر الصرف تحت النظام الجديد. وقبل الإجراء الذي تم اتخاذه يوم السبت كانت الحكومة تبيع الدولار فقط من خلال البنك المركزي على الرغم من أن تعاملات كثيرة تحدث بشكل روتيني في السوق السوداء.
وقال الاقتصادي أسدروبال أوليفروس في رد على تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي إن «القيود على الصرف الأجنبي ما زالت موجودة على الرغم من أنها أكثر مرونة قليلا».
وقال النائب والاقتصادي خوسيه جيرا إن هذا الإجراء يمثل أبعد ما وصلت إليه الحكومة في تخفيف القيود ولكنه يعتمد بشكل كامل على كيفية تنفيذه.
وكان الرئيس الحالي لفنزويلا، نيكولاس مادورو، قد وعد مرارا خلال توليه السلطة منذ خمس سنوات بإنشاء أنظمة تعتمد على السوق لتحسين الحصول على العملة الصعبة. وباءت كل المحاولات بالفشل بسبب عجز هذه الأنظمة في توفير الدولارات الكافية للاقتصاد.
وتبيع الحكومة حاليا الدولار بنحو 62 بوليفارا في حين يبلغ سعره في السوق السوداء 90 بوليفارا، وتقول بلومبيرغ إن سعر العملة الخضراء يصل إلى مائة بوليفار.
رغم الإجراءات التنظيمية التضييقية على ممارسات السوق السوداء والهجمات البوليسية على هذه السوق فإن معظم الأسعار في فنزويلا تتحدد عبر السوق الموازية في ظل معاناة أصحاب الأعمال والمستوردين للحصول على الدولار بالسعر الرسمي.
وخلال الشهر الماضي قامت حكومة مادورو بتخفيض قيمة العملة المحلية 95 في المائة ورفعت خمسة أصفار من البوليفار في محاولة للحد من التضخم المرتفع.
ومن أبرز المحاولات الأخيرة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية في فنزويلا، طرح نظام مادورو عملة رقمية تحت اسم «البترو» كأول عملة تدعمها الحكومة، ووصفها مراقبون بأنها إحدى أدوات الدولة لإصدار أوراق دين حكومي.
وتدهور الوضع الاقتصادي في البلد الذي كان غنيا جدا ويملك أكبر احتياطيات نفطية في العالم، مع انخفاض الأسعار العالمية للنفط بدءا من النصف الثاني من 2014.
ويؤمن النفط 96 في المائة من عائدات فنزويلا لكنه تراجع إلى مستوى هو الأقل منذ 30 عاما. وقد بلغ 1.4 مليون برميل يوميا في يوليو (تموز) مقابل معدل إنتاج قياسي حققته البلاد قبل عشرة أعوام وبلغ 3.2 مليون برميل.
ويبلغ العجز 20 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي والدين الخارجي 150 مليار دولار بينما لا يتعدى احتياطي النقد الأجنبي التسعة مليارات دولار.
وتعاني البلاد من تضخم مفرط، وبلغ معدل التضخم السنوي في فنزويلا مائتي ألف في المائة خلال أغسطس (آب)، بحسب ما أعلنه البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة قبل أيام. ويعني ذلك أن مؤشر الأسعار ارتفع بنسبة 35 ألفا في المائة تقريبا منذ مطلع العام ومائتي ألف في المائة منذ 31 أغسطس 2017. وتوقع صندوق النقد الدولي وصول التضخم إلى مليون في المائة في 2018.
وتبنى مادورو تطبيق سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية سعيا لوقف أربع سنوات من الركود وأزمة اقتصادية خانقة أدت إلى مغادرة مئات آلاف الفنزويليين بلادهم.
وشملت تلك الإصلاحات رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 3400 في المائة، وطرح أوراق نقدية جديدة بعد إزالة خمسة أصفار وخفض قيمتها بنسبة 96 في المائة وربطها بالعملة الافتراضية «البترو».
ورفع مادورو أيضا الضريبة على القيمة المضافة وخفض مبالغ الدعم للوقود وأعلن ضريبة جديدة على الأموال المرسلة من الخارج.
وتوقف البنك المركزي عن نشر مؤشرات الاقتصاد الكلي في فبراير (شباط) 2016 وبدأ المجلس الوطني يقوم بهذا الدور العام الماضي. ويقول الخبراء إن الأزمة التي تعانيها فنزويلا في الوقت الحالي نجمت عن قيام الحكومة بشكل متهور بطباعة أوراق نقدية بهدف تجاوز المشكلات التي برزت في 2014 بسبب الهبوط الكبير لأسعار النفط الخام.



تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر مسح حكومي، يوم الأربعاء، تدهور معنويات المستهلكين في اليابان خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ مما يثير الشكوك حول وجهة نظر البنك المركزي بأن الإنفاق الأسري القوي سيدعم الاقتصاد ويبرر رفع أسعار الفائدة.

وتسبق النتائج اجتماع السياسة النقدية لبنك «اليابان» يومي 23 و24 يناير (كانون الثاني)؛ حيث يتوقع بعض المحللين زيادة محتملة في أسعار الفائدة من 0.25 في المائة الحالية.

وانخفض مؤشر يقيس معنويات المستهلكين إلى 36.2 نقطة في ديسمبر، بانخفاض 0.2 نقطة عن الشهر السابق، وفقاً للمسح الذي أجراه مكتب مجلس الوزراء.

وأظهرت بيانات منفصلة أن فجوة الناتج في اليابان التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والمحتمل للاقتصاد، ظلّت سلبية في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) للربع الثامن عشر على التوالي. وتعني فجوة الناتج السالبة أن الناتج الفعلي يعمل بأقل من الطاقة الكاملة للاقتصاد، ويُعدّ ذلك علامة على ضعف الطلب.

وتؤكد هذه النتائج ضعف الاقتصاد الياباني مع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التي تؤثر في الاستهلاك والصادرات.

ومع ذلك، أشارت بعض الشركات الكبرى إلى عزمها الاستمرار في تقديم زيادات كبيرة في الأجور. وقالت شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية للملابس «يونيكلو»، إنها سترفع أجور العاملين بدوام كامل في المقر الرئيسي وموظفي المبيعات بنسبة تصل إلى 11 في المائة، بدءاً من مارس (آذار) المقبل.

وقال رئيس متجر «لوسون» للتجزئة، سادانوبو تاكيماسو، للصحافيين، يوم الثلاثاء: «نود رفع الأجور بشكل مستقر ومستدام».

وأنهى بنك «اليابان» برنامج تحفيز ضخم في مارس، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو، على أساس الرأي القائل إن اليابان على وشك تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وأشار محافظ بنك «اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة إذا استمرت اليابان في إحراز تقدم نحو الوصول إلى معدل تضخم بنسبة 2 في المائة بشكل دائم. وقال أيضاً إن البنك المركزي سوف يفحص البيانات حول ما إذا كان زخم الأجور سوف يتعزّز هذا العام، عند اتخاذ قرار بشأن موعد رفع أسعار الفائدة. ويصف بنك «اليابان» الاستهلاك حالياً بأنه «يتزايد بشكل معتدل بوصفه اتجاهاً»، ويتوقع أن يظل الاقتصاد الياباني على المسار الصحيح لتحقيق تعافٍ متواضع.

وعلى الرغم من المؤشرات السلبية، قال محافظ بنك «اليابان» السابق، هاروهيكو كورودا، المعروف بإطلاق برنامج التحفيز الضخم الذي استمرّ عشر سنوات، إن من المرجح أن يواصل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة مع وصول التضخم إلى المسار الصحيح للوصول إلى هدفه البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال كورودا، في ورقة بحثية قُدمت إلى المجلة السنوية لمجلس النواب التي صدرت في 24 ديسمبر الماضي، إنه على الرغم من رفع أسعار الفائدة المتوقع، فإن اقتصاد اليابان سيحقّق نمواً يتجاوز 1 في المائة هذا العام وما بعده مع دعم الأجور الحقيقية المتزايدة للاستهلاك.

وأضاف كورودا: «يبدو أنه لا يوجد تغيير في الموقف الأساسي لبنك اليابان المتمثل في رفع أسعار الفائدة تدريجياً مع التركيز على التطورات الاقتصادية والأسعار... هذا لأن دورة الأجور والتضخم الإيجابية مستمرة، وهو ما من المرجح أن يُبقي التضخم مستداماً ومستقراً عند هدفه البالغ 2 في المائة».

وتابع كورودا أنه من غير المؤكد إلى أي مدى سيرفع بنك «اليابان» أسعار الفائدة في نهاية المطاف بسبب صعوبة تقدير المستوى الذي لا يبرّد ولا يسخّن الاقتصاد الياباني. وأشار إلى أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لن تُلحق الضرر بالشركات على الأرجح؛ لأنها تحتفظ بوفرة من النقد، في حين ستجني الأسر «مكاسب كبيرة» من ارتفاع الفائدة المدفوعة لمدخراتها الضخمة. وقال إن أكبر ضغط قد يقع على عاتق الحكومة بسبب التكلفة المتزايدة لتمويل الدين العام الضخم في اليابان، مضيفاً أن رصيد السندات الحكومية -عند 1100 تريليون ين (6.96 تريليون دولار)- أصبح الآن ثلاثة أمثال حجمه في عام 2000.

واستطرد كورودا قائلاً إنه إذا ارتفعت عائدات السندات إلى متوسط المستوى البالغ 2.7 في المائة الذي بلغته آنذاك، فإن مدفوعات الفائدة السنوية ستصل إلى 30 تريليون ين، داعياً إلى ضرورة ترتيب البيت المالي الياباني.

وفي ميزانية السنة المالية المقبلة، تخطّط الحكومة لإنفاق 10 تريليونات ين في مدفوعات الفائدة. في عهد كورودا، أطلق بنك «اليابان» خطة ضخمة لشراء الأصول في عام 2013 التي جمعت لاحقاً بين أسعار الفائدة السلبية والسيطرة على عائد السندات، في محاولة لرفع التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وبينما أشاد المؤيدون بالخطوات اللازمة لإخراج اليابان من الركود الاقتصادي، يشير المنتقدون إلى آثار جانبية مختلفة، مثل الضربة التي لحقت بأرباح البنوك التجارية من انخفاض أسعار الفائدة لفترة طويلة والتشوّهات السوقية الناجمة عن عمليات شراء الأصول الضخمة.

ودافع كورودا عن السياسات، قائلاً إن الضرر الذي لحق بأرباح البنوك الإقليمية كان محدوداً. وأضاف أن تدهور وظيفة سوق السندات كان تكلفة ضرورية لإنعاش النمو بشكل كافٍ.