تأكيدات {عونية ـ قواتية} أن التراجع عن المصالحة «خط أحمر»

معركة رئاسة الجمهورية المقبلة تفرض نفسها على أداء الحزبين

عون وجعجع يتوسطان ملحم الرياشي وابراهيم كنعان بعد توقيع «اتفاق معراب» (موقع {القوات})
عون وجعجع يتوسطان ملحم الرياشي وابراهيم كنعان بعد توقيع «اتفاق معراب» (موقع {القوات})
TT

تأكيدات {عونية ـ قواتية} أن التراجع عن المصالحة «خط أحمر»

عون وجعجع يتوسطان ملحم الرياشي وابراهيم كنعان بعد توقيع «اتفاق معراب» (موقع {القوات})
عون وجعجع يتوسطان ملحم الرياشي وابراهيم كنعان بعد توقيع «اتفاق معراب» (موقع {القوات})

يُدرك حزبا «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» أن الصراع على الحصص الحكومية الذي أطاح عملياً باتفاق معراب الذي وقعاه في عام 2016، يهدد المصالحة المسيحية - المسيحية وإن كان الطرفان لا ينفكان يؤكدان أنها «مقدسة وخط أحمر». فمحاولة البعض حصر الإشكالية الحكومية الرئيسية بالصراع المسيحي - المسيحي، وانقطاع التواصل بين قيادتي الحزبين منذ فترة، إضافة إلى إصرار «القوات» على فصل خلافه مع رئيس «التيار» جبران باسيل عن علاقته مع رئيس الجمهورية ميشال عون، كلها عناصر باتت تؤثر على القواعد الحزبية التي عادت للاشتباك الكلامي وتقاذف التهم والمسؤوليات بخصوص ما آلت إليه العلاقة العونية - القواتية.
ولا تزال كل المساعي والجهود لرأب الصدع بين الحزبين متوقفة لاقتناع كل الوسطاء بأن الأزمة باتت عميقة ومرتبطة إلى حد بعيد بمحاولة رئيسي الحزبين جبران باسيل وسمير جعجع تعبيد الطريق لوصول أحدهما إلى القصر الجمهوري في المعركة الرئاسية المقبلة التي بدأ الإعداد لها باكراً. وهو ما دفع أخيراً نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم للتشديد على أن الحكومة لا يمكن أن تكون معبراً للرئاسة. وهو كلام اعتبر «القواتيون» أنه موجَّه لباسيل والعونيين أنه موجَّه لجعجع.
وعلى الرغم من تمادي بعض النواب والقياديين في الحزبين في سجالات سياسية عالية النبرة، يبدو واضحاً أن الطرفين لا يزالان يصرَّان على عدم قطع شعرة معاوية، وهو حرص يمكن تبيانه بشكل لا لبس فيه لدى عرابي المصالحة المسيحية وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي والنائب في تكتل «لبنان القوي» إبراهيم كنعان الذي يشارك اليوم في ذكرى شهداء «القوات» ممثلاً رئيس الجمهورية. ويعتبر كنعان أن هذه المشاركة «تأكيد على (قدسية) المصالحة بين الطرفين، وأنه لا تمييز بين الشهداء بعدما طوينا صفحة التمييز والماضي الأسود، كما على حرص الرئيس عون على اعتبار هذه المصالحة غير قابلة للعودة إلى الوراء وأن أي خلاف أو تنافس سياسي سقفه الظروف السياسية التي نمر بها، وبالتالي ليس خلافاً نهائياً». ويشدد كنعان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «كما كان هناك مجال للتفاهم في الماضي، فإن المجال للتفاهم في المستقبل يجب أن يبقى قائما للحفاظ على إيماننا بلبنان كدولة قوية عنوانها العدالة والشراكة الفعلية».
ويتمسك الحزبان بالفصل ما بين المصالحة المسيحية التي قلبت صفحة سوداء في تاريخهما، والتحالف السياسي الذي سقط أخيراً مع قرار الوزير باسيل تعليق العمل به، وهو ما يشدد عليه الرياشي لافتاً إلى أنه «على مستوى القواعد العونية - القواتية وحتى على مستوى الرأي العام المسيحي المستقل، فإن الكل حريص على المصالحة المسيحية - المسيحية، وإن كانت هناك بعض جيوش إلكترونية منظمة لا تقدم ولا تؤخر تلعب على هذا الوتر أحيانا، مع يقيننا أن من يحرك هؤلاء يعرف ويدرك أن من يخرج عن المصالحة سوف تلحقه لعنة التاريخ والأجيال». ويذكّر الرياشي بكلام لباسيل وقبله لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن أن «الاختلاف بالسياسة ممكن كما الاتفاق، أما المصالحة فمقدسة»، لافتاً إلى أن «هذا الموضوع خط أحمر لدى بكركي كما لدى معراب وبعبدا».
ويعتبر الطرفان أن المصالحة شيء والتفاهم السياسي شيء آخر، ويشير الرياشي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا التفاهم علَّقه الوزير باسيل بإرادة شخصية منه، وكونه رئيس التيار فلا يمكن لأي تفاهم أن ينجزه طرف واحد»، قائلاً: «لا حديث جدياً في السياسة مع التيار إذا لم يكن تحت سقف (اتفاق معراب)». ويستغرب الرياشي ما يُحكى عن ارتباط عملية تشكيل الحكومة بالمعركة الرئاسية المقبلة، مشددا على أن «الموضوع ليس مطروحاً على الإطلاق بهذه الطريقة، وعلى أنه لا خلفية للخلاف الحكومي إلا ما يرتبط بالحكومة نفسها»، مضيفاً: «نحن قدمنا كل التسهيلات الممكنة التي وصلت إلى حدود التضحيات، ولم نعد نستطيع أن نفعل أكثر مما فعلنا، وباعتبار أن التصفيق لا يمكن أن يحصل بيد واحدة؛ فنحن نحتاج إلى شريك يتفاعل معنا ويسهِّل مهمة الرئيس المكلف، وهذا لا يتم من خلال الإكثار من المطالب والمطالبة بما هو ليس حقّاً».
ولا يحبذ الرياشي الحديث عن «حرب إلغاء» جديدة يخوضها «الوطني الحر» على «القوات» وإن كان بشكل وأدوات مختلفة، لافتاً إلى أن «صفحة الحرب طُوِيت إلى غير رجعة، ولن نقبل بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء لأنه في النهاية، (القوات) و(التيار) إخوة ومكونان أساسيان في المجتمع المسيحي إلى جانب مكونات أخرى وبالتالي يجب أن يتفاعلا سياسياً، لأن الاستعاضة عن (القوات) تركت خللاً داخلياً سواء على المستوى المسيحي أو الوطني. أما هذا التلاقي العوني - القواتي فقد أعاد الاعتبار لرئاسة الجمهورية كما إلى التوازن الوطني ببعديه السياسي والنموذجي، ونحن حريصون كل الحرص على هذا التوازن وعلى العلاقات الطبيعية مع (الوطني الحر)، لذلك نعود ونطالب قيادة التيار الالتزام بما وقعت عليه في ليلة (معراب) الرئاسية لأنه حق لنا عليها». وأضاف: «المؤسف أن البعض يطالب بما هو أكثر من حقه في الحكومة، ومن يفعل ذلك ينتهك عن قصد حقوق الآخرين ويعطل الرئيس المكلف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».