باكستان تمتن علاقاتها مع الصين بعد التوتر مع أميركا

أكدت الحكومة الباكستانية رغبتها بجعل الممر التجاري الصيني الباكستاني أولوية لها في نظرتها الاقتصادية والتجارية، وجاء الموقف الباكستاني بعد تولي الحكومة الجديدة، بزعامة عمران خان الذي كان من أشد الناقدين للممر التجاري الصيني الذي بدأته حكومة نواز شريف عام 2013م ليصل الصين ببحر العرب.
وكان وزير الخارجية الصيني قد عقد أول لقاء لحكومته مع وزير الخارجية الباكستانية الجديد، شاه محمود قرشي، وذلك ضمن زيارة له لباكستان تستغرق 3 أيام، يلتقي خلالها كذلك رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، وقائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوا، كما سيحضر حفل تنصيب الرئيس الباكستاني الجديد الدكتور عارف علوي الذي انتخب قبل 5 أيام.
وتكتسب الزيارة أهمية إضافية، إذ تأتي بعد أيام قلائل من زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي رافقه رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دينفورد، وبحثا خلالها العلاقات الثنائية مع باكستان، وإمكانية التوصل إلى سلام في أفغانستان. وقد اتفقت الولايات المتحدة وباكستان على إعادة صياغة العلاقات الثنائية بينهما، بعد التوصل إلى تفاهم بين إدارة الرئيس دونالد ترمب والحكومة الباكستانية الجديدة.
وفي حين تسعى كل من الصين وباكستان إلى تحسين علاقاتهما، والمضي في مشروع الممر التجاري الصيني الباكستاني، فإن جملة من العقبات بدأت في الظهور في علاقات البلدين، منها ما تعرض له المهندسون والعاملون الصينيون في باكستان من عمليات استهداف من قبل جماعات مسلحة، خصوصاً في إقليم بلوشستان الذي توجد فيه حركات انفصالية، وكانت آخر العمليات استهداف حافلة لعمال ومهندسين صينيين في بلوشستان قبل 3 أسابيع تقريباً، مما أسفر عن إصابة 16 منهم، ومقتل عدد آخر.
وتواجه الحكومة الباكستانية الجديدة ضغوطاً متزايدة من القطاع التجاري والصناعي في باكستان بسبب ما يتوقعه من خسارة فادحة له في ضوء التسهيلات المقدمة من الحكومة الباكستانية للبضائع الصينية الواصلة إلى باكستان، بما يجعل من الصعب على الصناعات الباكستانية منافستها من ناحية السعر أو الجودة، لكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي قال للصحافيين في إسلام آباد إن بلاده ستساعد القطاع الصناعي الباكستاني، وستعمل على زيادة الصادرات الباكستانية للصين، وذلك لتعديل الميزان التجاري بين البلدين الذي يميل بشكل قوي لصالح الصين، حيث ستعمل الحكومة الصينية على دعم الواردات من باكستان، وسوف تساهم الصين في تطوير قطاع الزراعة الباكستاني وزيادة إنتاجه.
وتسعى الصين حالياً لإقامة مدينة خاصة بالمهندسين والعاملين الصينيين في جوادور الساحلية على بحر العرب، حيث تملكت الشركات الصينية قطعة أرض واسعة ستكون مقراً للعاملين الصينيين، وستتولى مسألة الأمن فيها وحولها شركات خاصة صينية، كما تسعى الحكومة الصينية للتعاون مع باكستان لمنع تسلل مسلحين من الحركة الإسلامية لتحرير تركستان الشرقية (إقليم سينكيانغ) من كل من باكستان أو أفغانستان، وقيامهم بعمليات مسلحة ضد السلطات الصينية في الإقليم الذي تسكنه أغلبية مسلمة، لكنها تعاني من ضغوط وإجراءات أمنية مشددة من السلطات الصينية.
كانت حكومة عمران خان قد قررت بعد توليها السلطة قبل نحو 3 أسابيع إعطاء أولوية لتطوير ميناء جوادور الذي تديره الشركات الصينية، وتطوير المناطق الصناعية المقامة على الممر التجاري الصيني الباكستاني، بما يوجد عشرات الآلاف من فرص العمل للمواطنين في باكستان، وإقامة عدد من الطرق الدولية الواسعة بين المدن الباكستانية، والممر التجاري الصيني الذي يربط غرب الصين مع المناطق الشمالية من باكستان إلى ميناء جوادور في جنوب غربي البلاد على بحر العرب، بينما المدن الكبرى والصناعية الباكستانية تقع على الطرف الشرقي من الممر، وقريبة من الحدود مع الهند، مما يستوجب ربطها بطرق سريعة للوصول إلى الممر التجاري الصيني، والاستفادة من ميناء جوادور لنقل البضائع من وإلى باكستان.
وفي حين تعاني القوات الأميركية من النزيف الدائم في أفغانستان، وتسعى جاهدة للوصول إلى حل سلمي مع حركة طالبان، فإنها تطلب من الصين وباكستان ممارسة الضغط على حركة طالبان للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية. وتنسق كل من الصين وباكستان مواقفهما من الصراع في أفغانستان، فيما لا يظهر عملياً أي نتيجة لأي ضغط قد تكونا مارستاه على طالبان. وكانت الصين قد دعت أكثر من مرة وفوداً من حركة طالبان للقاء مع مسؤولي الخارجية في بكين، كما التقت وفود من طالبان مع مسؤولين باكستانيين. وترفض الحركة حتى الآن الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية، مطالبة بمفاوضات مباشرة مع واشنطن للتوصل إلى حل للصراع في أفغانستان.