الأرجنتين تناشد الدول المتقدمة الاستثمار في ديون الأسواق المستدينة من صندوق النقد

TT

الأرجنتين تناشد الدول المتقدمة الاستثمار في ديون الأسواق المستدينة من صندوق النقد

اقترح محافظ البنك المركزي الأرجنتيني، لويس كابوتو، على البنوك المركزية للدول المتقدمة استثمار نسبة محددة في ديون البلدان المقترضة من صندوق النقد الدولي.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن المسؤول الأرجنتيني أنه تحدث بشأن هذا المقترح مع محافظ البنك المركزي الأوروبي ورئيس بنك التسويات العالمية.
وتقول بلومبرغ إن الأرجنتين التي تعيش أسوأ أزمة عملة في 17 عاما تطرح على الدول المتقدمة عبر هذا المقترح شراء الديون السيادية للأسواق الناشئة.
وتعاني الأرجنتين ضمن بلدان أخرى من أزمة أسواق البلدان الناشئة التي نشأت نتيجة لتوجه البنك المركزي الأميركي برفع أسعار الفائدة مما عزز من موقف الدولار في مواجهة عملات هذه الأسواق، علاوة على سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشن حرب تجارية للحد من العجز التجاري لبلاده والتي طالت أسواقا ناشئة مثل تركيا.
ومع انتخابه في 2015 رئيسا للأرجنتين، موريسيو ماكري، تعهد بمساندة الاقتصاد بحيث تصبح البلاد مجددا قادرة على بيع السندات الحكومية للمستثمرين بعد التوقف عن ذلك لسنوات، وطرحت البلاد بالفعل سندات مجددا في 2016 وسوق ماكري هذه القصة للمستثمرين الأجانب، لكن أداء العملة المحلية (البيزو) خلال الفترة الأخيرة يبرهن على تدهور الأوضاع، حيث خسرت أكثر من نصف قيمتها هذا العام وتم تصنيفها كالعملة الأسوأ أداء على مستوى العالم خلال 2018.
ومع تداعي العملة رفع البنك المركزي الأرجنتيني مؤخرا سعر الفائدة الرئيسي إلى 60 في المائة للحد من التضخم.
وتقول بلومبرغ إن القوائم المالية للبنك الاحتياطي الفيدرالي، المركزي الأميركي، لا يظهر فيها أي ديون أجنبية، مما يجعل من اقتراح الأرجنتين بمثابة مبدأ استثماري جديد للبنوك المركزية الكبرى.
وحاول كابوتو طمأنة الأسواق مؤخرا من خلال تصريحاته بأن تمويل الحكومة الأرجنتينية لعام 2019 أكثر من كاف، وأن العوائد المرتفعة على الدين السيادي للبلاد «مبالغ فيها».
ودفعت هذه التصريحات البيزو للارتداد عن خسائره الأولية يوم الجمعة لتنهي العملة الأرجنتينية الجلسة على مكاسب بأكثر من واحد في المائة.
وأغلق البيزو أول من أمس مرتفعا 1.37 في المائة عند 36.98 مقابل الدولار الأميركي موسعا مكاسبه في ثلاث جلسات إلى 5.5 في المائة.
وسجل البيزو خسائر بلغت 16 في المائة الأسبوع الماضي رغم إعلان الرئيس ماكري أن الأرجنتين طلبت من صندوق النقد تسريع صرف أموال من اتفاق قرض لتهدئة المخاوف بشأن قدرتها على الاستمرار في الوفاء بديونها.
لكن الأسواق أظهرت تفاؤلاً بعد أن قال صندوق النقد يوم الخميس إنه يهدف إلى إتمام المحادثات الجارية في واشنطن لتعزيز اتفاقه مع الأرجنتين في أقرب وقت ممكن.
ويوم الأربعاء الماضي عبر وزير الاقتصاد الأرجنتيني عن ثقة كبيرة في حسم اتفاق جديد مع صندوق النقد لتأمين أقساط مبكرة من قرض الـ50 مليار دولار الذي تم اعتماده في يونيو (حزيران) الماضي. والخميس قال المتحدث باسم صندوق النقد، جيري ريس، إن الجانبين حققا تقدما في المباحثات ويأملان في الوصول لاتفاق في أقرب فرصة.
وساندت الولايات المتحدة هذه المفاوضات، حيث أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، عن دعمه القوي لمحاولات الأرجنتين لكسب دعم متجدد من صندوق النقد الدولي.
ونقل بيان صادر من البيت الأبيض عن ترمب قوله: «لقد أكدت مجددا على دعم الولايات المتحدة القوي للأرجنتين خلال هذه الفترة العصيبة بالنسبة لهم».
وأضاف ترمب أن «الأرجنتين شريك استراتيجي منذ فترة طويلة للولايات المتحدة وحليف رئيسي من خارج دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)... والرئيس ماكري يقوم بعمل ممتاز للتعامل مع هذا الوضع الاقتصادي والمالي الصعب».
وقال: «لدي ثقة في قيادة الرئيس ماكري، وأشجع بقوة وأؤيد مشاركته مع صندوق النقد الدولي لتعزيز السياسات النقدية والمالية للأرجنتين لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية التي تشهدها البلاد». وتطرح الأرجنتين المزيد من إجراءات التقشف، تم الإعلان عنها الاثنين الماضي، لإقناع الصندوق بتسريع صرف أقساط القرض، وصرحت الحكومة مؤخرا بأنها تعتزم خفض العجز الأولي في الموازنة العامة إلى صفر في المائة عام 2019 بدلا من 1.3 في المائة التي كانت مستهدفة من قبل.
وقال خبير أسواق المال البارز محمد العريان في مقال لدى وكالة بلومبرغ إن الأرجنتين قد تكون في حاجة إلى قرض بقيمة أكبر من المطروح حاليا من صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أن العملة الأرجنتينية تردت أوضاعها بشكل أكبر خلال الأسابيع الأخيرة رغم استجابة سياسات الدولة للأزمة الجارية وموافقة الصندوق على إقراض البلاد. مرجحا أن يتزايد التباطؤ الاقتصادي في الأرجنتين وأن يرتفع التضخم وتتصاعد التوترات الخاصة بسداد خدمة الدين. كما سيقع القطاع المصرفي تحت ضغوط أكبر وستتنامى مخاطر هجرة رؤوس الأموال.
وأشار إلى أن الأسواق استجابت بشكل سلبي لحزمة السياسات التقشفية التي أعلنتها الأرجنتين يوم الاثنين الماضي، وهو ما قد يعود جزئيا إلى قلق الأسواق من سياسات التقشف المفرطة وعدم كفاءة الإصلاحات الهيكلية في خدمة أهداف النمو. فالإجراءات المطروحة مؤخرا قد تضر الشركات المحلية مع تراجع الطلب، وهو ما سيزيد من سوء تأثير أزمة العملة على قدرة زيادة رؤوس الأموال وخدمة الدين. كما أن العودة لفرض ضرائب على الصادرات قد يحد من قدرة البلاد على توليد العملة الصعبة التي تحتاجها لسد فجوة التمويل الأجنبي في وقت عصيب للأوضاع المالية العالمية للأسواق الناشئة. كما ستؤثر الإجراءات التقشفية على شعبية ماكرو.
وقال العريان إن أفضل الطرق، نظريا، للتعامل مع الوضع الجاري في الأرجنتين هو زيادة الصندوق لحجم المساعدة المالية في مقابل المزيد من الإصلاحات الهيكلية. ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن الصندوق يعمل مع ميراث معقد من تاريخ علاقاته مع الأرجنتين. فالمؤسسة الدولية لا تزال موصومة بتعثر الأرجنتين 2001 والذي سبقه جولات من الديون المتزايدة لتعزيز سياسات سيئة في التصميم وغير مستدامة. لذا فإن إجراءات الصندوق ونواياه لا تزال محل شك في الأرجنتين إلى يومنا هذا.
كما أن الثقة في الصندوق تآكلت بعد تجربته مع اليونان، حيث كانت حزمة الإنقاذ المقدمة لها منحازة لضغط الطلب المحلي، ولم تعمل بكفاءة لصالح تخفيف الديون الخارجية وتعزيز النمو.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»