{الغرف السعودية} يشكّل رسميا مجلس إدارة للتحكيم التجاري لفض النزاعات بعيدا عن المحاكم الأجنبية

الزامل لـ {الشرق الأوسط} : نزاعات العقود والاتفاقيات ستخضع للتحكيم المحلي بداية من 2015

{الغرف السعودية} يشكّل رسميا مجلس إدارة للتحكيم التجاري لفض النزاعات بعيدا عن المحاكم الأجنبية
TT

{الغرف السعودية} يشكّل رسميا مجلس إدارة للتحكيم التجاري لفض النزاعات بعيدا عن المحاكم الأجنبية

{الغرف السعودية} يشكّل رسميا مجلس إدارة للتحكيم التجاري لفض النزاعات بعيدا عن المحاكم الأجنبية

كشف مجلس الغرف السعودية عن أن العقود والاتفاقيات الموقعة التجارية ستتضمن بداية من العام المقبل مادة خاصة توجه بتحكيم كل القضايا المتعلقة بقطاع الأعمال داخل المملكة.
وفي غضون ذلك، شكّل المجلس رسميا مجلسا لتكليفه بإدارة المركز السعودي للتحكيم التجاري، بعد التنسيق مع وزيري العدل والتجارة، وفقا لتوجيهات قرار مجلس الوزراء، وإنفاذا للقرار القاضي بإنشاء المركز. وقال عبد الرحمن الزامل، رئيس مجلس الغرف السعودية، لـ«الشرق الأوسط»: «مطلع العام المقبل سيغنينا مركز التحكيم التجاري لفض كل النزاعات المتعلقة بقطاع الأعمال، سواء بين أطراف سعودية صرفة، أو سعودية – أجنبية؛ عن التقاضي في المراكز الخارجية، سواء في لندن أو حتى في البحرين أو أبوظبي». وأضاف «نتوقع أن يخفف هذا المركز العبء عن المحاكم العادية في السعودية»، مبينا أن كل القضايا التجارية والعقارية والخلافات بين الشركات والوكالات، تتوجه للمحاكم المحلية، في الوقت الذي تنشغل فيه هذه المحاكم بقضايا أخرى أكثر إلحاحا وأهمية».
وأشار رئيس مجلس الغرف السعودية إلى أن مركز التحكيم التجاري سيقدم خدمة مكمّلة للمحاكم الأخرى المحلية، لكن بأساليب أسرع وأكثر قبولا لدى رجال الأعمال، خاصة أن كل الأطراف المتنازعة، سواء من السعوديين أو الأجانب، هم غير متخصصين في هذا المجال من التحكيم، مما يعني أن إطلاق هذا المركز يمثل خطوة مهمة عمل عليها القطاع الخاص لأعوام طويلة. واعتبر أن إنشاء هذا المركز تحت مظلة مجلس الغرف، أكبر خطوة اتخذتها الحكومة السعودية، مضيفا «رغم أن التحكيم كان موجودا في غرفة تجارية رئيسة فإن صلاحياته كانت محدودة».
ووفق الزامل، فإن التحكيم في هذا المركز سيكون في مستوى ما عليه المراكز الدولية من حيث الكفاءات والأداء، منوها بأن أحكامه ستكون قوية بقيادة مجلس إدارة مستقل عن مجلس الغرف وعن كل الوزارات الأخرى، رغم أن هناك ثلاث جهات اشتركت فيه، هي وزارتا العدل والتجارة، ومجلس الغرف، الأمر الذي يكسبه شرعية قوية، على حد تعبيره. وأضاف أن «مجلس الغرف يعمل الآن على ترتيب المكاتب وتنظيم الموقع ومجلس إدارة المركز، واجتمع للدخول في التفاصيل وإعداد اللوائح، وهو جسم مستقل تماما عن كل الجهات الأخرى».
وتوقع أن يعزز دور مركز التحكيم نشر ثقافة التحكيم التجاري في السعودية، وحل المنازعات التجارية التي تنشأ بين مختلف الأطراف، منوها بأن تشكيل مجلس لإدارة هذا المركز بمنزلة صافرة البداية إيذانا بانطلاق أعمال المركز وتتويج جهود كبيرة بذلتها الدولة في سبيل دعم وتحسين البيئة التشريعية والقانونية للأعمال والأنشطة الاستثمارية والتجارية في المملكة.
وأكد رئيس مجلس الغرف السعودية أنه سيترتب على ذلك خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الوطنية والأجنبية من خلال اعتماد القرارات والأنظمة الداعمة لذلك، معتبرا أن المركز السعودي للتحكيم التجاري المرجع الرسمي لكل ما يخص ملف التحكيم التجاري في المملكة. وأضاف أن المركز سيعمل ليكون عونا للشركات الوطنية في عقود التجارة الدولية وحماية مصالحها وللارتقاء بممارسات التحكيم، كما سيعمل على توفير كوادر تحكيم وطنية على مستوى عال من التأهيل والاحتراف. ولفت إلى أن الوضع الاقتصادي للسعودية وسياستها الاقتصادية المنفتحة ودخولها في عديد من الاتفاقيات الدولية ونشاط قطاع الأعمال فيها خارجيا من خلال تعاقدات تجارية مع شركاء دوليين؛ يستدعي تعزيز التحكيم التجاري.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.