العبادي أمام البرلمان اليوم... والمرجعية تحذر من أخطاء حكومته في البصرة

الصدر ذكره بـ«فقاعة» المالكي... وتحالف العامري طالب باستقالته أو إقالته «فوراً»

محتجون يقذفون وثائق حصلوا عليها بعد اقتحامهم لمبنى محافظة البصرة أمس (رويترز)
محتجون يقذفون وثائق حصلوا عليها بعد اقتحامهم لمبنى محافظة البصرة أمس (رويترز)
TT

العبادي أمام البرلمان اليوم... والمرجعية تحذر من أخطاء حكومته في البصرة

محتجون يقذفون وثائق حصلوا عليها بعد اقتحامهم لمبنى محافظة البصرة أمس (رويترز)
محتجون يقذفون وثائق حصلوا عليها بعد اقتحامهم لمبنى محافظة البصرة أمس (رويترز)

قبل يوم من انتهاء المهلة التي حددها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لعقد جلسة استثنائية طارئة للبرلمان العراقي الجديد لمناقشة الأوضاع في البصرة، دعا رئيس السن، محمد علي زيني، النواب إلى جلسة طارئة اليوم بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي وأعضاء حكومته المعنيين مع تزايد الانتقادات للحكومة وأخطائها في معالجة الوضع.
وأكد الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ممثل المرجع الشيع الأعلى علي السيستاني، خلال خطبة الجمعة في كربلاء، أمس، أن «الوضع المتردي للخدمات، واستشراء الفساد، لن يتغير إذا شكلت الحكومة القادمة وفق الأسس المعتمدة في الحكومات السابقة». وأضاف الكربلائي «نؤكد على رفضنا واستنكارنا المطلق لما تعرض له المتظاهرون السلميون من اعتداءات ولا سيما من إطلاق الرصاص مما أدى مقتل وجرح الكثير منهم». وأضاف «كما ندين بشدة الاعتداء على القوات الأمنية المكلفة بحماية المباني والمنشآت الحكومية ورميهم بالأحجار والزجاجات الحارقة ونحوها مما تسبب بجرح العشرات». ولفت إلى أن «ما يعاني منه المواطنون في البصرة وغيرها من المحافظات من عدم توفر الخدمات الأساسية وانتشار الفساد إنما هو نتيجة طبيعية للأداء السيئ لكبار المسؤولين وذوي المناصب الحساسة في الحكومات المتعاقبة التي بنيت على المحاصصة وعدم المهنية وعدم الكفاءة خصوصا للمواقع المهمة والخدمية». وتابع الكربلائي أنه «لا يمكن أن يتغير هذا الواقع إذا شكلت الحكومة القادمة وفق نفس الأسس والمعايير التي اعتمدت في تشكيل الحكومة السابق، ومن هنا يجب الضغط باتجاه أن تكون الحكومة الجديدة مختلقة عن سابقتها وأن تراعي النزاهة والشجاعة والإخلاص للبلد والشعب في اختيار كبار المسؤولين فيها».
بدوره، دعا الصدر رئيس الوزراء المنتهية ولايته، حيدر العبادي، إلى إطلاق التخصيصات المالية لمحافظة البصرة. وقال في تغريدة على «تويتر»، مخاطبا العبادي: «ظني بك أن لا تتصور أن (ثوار البصرة) عبارة عن فقاعة كما ظن سلفك بغيرهم»، في إشارة إلى وصف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي للمظاهرات في المحافظات الغربية عام 2013. ودعا الصدر العبادي إلى الإسراع بإطلاق أموال البصرة «وتسليمها بأيادٍ نزيهة لتتم المباشرة فوراً بمشاريع خدمية آنية ومستقبلية وأحذر من التهاون والتمييع».
من جهته، طالب تحالف «الفتح» الذي يتزعمه هادي العامري، أمس، العبادي بـ«تقديم استقالته فورا بسبب الفشل الواضح في جميع الملفات»، مؤكداً «عزمه التوجه إلى قبة البرلمان لإقالته وفق الأطر القانونية والدستورية إذا لم يقدم استقالته».
وتعليقا على هذا الطلب تقول ندى شاكر جودت، عضو البرلمان عن ائتلاف «النصر» الذي يقوده العبادي، إن «من غير المعقول تحميل العبادي وحده مسؤولية ما حصل في البصرة الذي يعرف الجميع أنه مسؤولية جماعية ومنذ سنوات»، مبينة أن «الجميع مشارك في الحكومة والبرلمان وبالتالي ليس من الإنصاف الاستفادة من مغانم السلطة وتحميل طرف واحد منها مسؤولية ما يجري». وأوضحت أن «العبادي لم يختر الوزراء الذين يعملون معه بل تم ترشحيهم من قبل الكتل السياسية وهذا أمر يعرفه الجميع وبالتالي فإن المسؤولية سببها المحاصصة العرقية والطائفية التي تتحمل كامل المسؤولية». واعتبرت أن «المشكلة الأكبر بل بؤرة الفساد هي في تأسيس مجالس المحافظات التي أثبتت فشلها على مدى السنوات الماضية على كل الصعد والمستويات برغم إنفاق عشرات مليارات الدولارات على مشاريع في كل المحافظات وليس البصرة فقط حيث إن الأموال كانت تنفق من دون وجود مشاريع حقيقية بل في الغالب مشاريع وهمية على الورق». وأوضحت أن «الأوضاع في البصرة ومثلما يعرف الجميع بمن فيهم الذين يوجهون انتقادات للحكومة والعبادي كثيرا ما تسيطر على المشاريع فيها فصائل مسلحة وعشائر وجهات سياسية فاسدة ومستفيدة لكنها اليوم وبعد أن شاهدت غضب الشعب بدأت تلقي التهم جزافا في محاولة منها لإخلاء مسؤوليتها التي يعرفها الجميع».
من ناحية ثانية، وفيما يرى خبراء القانون العراقيون أنه ليس أمام رئيس السن سوى مواصلة ترؤس الجلسات في ظل عدم قدرة الكتل البرلمانية الالتزام بالتوقيتات الدستورية فإن المتابعين للشأن السياسي يرون أنها لن تخرج بنتائج هامة في ظل غياب التوافق السياسي نتيجة عدم قدرة المحور السني على تقديم مرشح لرئاسة البرلمان ولا الكرد مرشح لرئاسة الجمهورية فيما تصمت المحكمة الاتحادية العليا عن الإجابة بشأن الكتلة الأكبر التي ترشح رئيس الحكومة.
ومع استمرار الأزمة السياسية على صعيد مرشحي الرئاسات الثلاث «البرلمان والجمهورية والوزراء» يستمر الجدل بشأن مدى أحقية رئيس السن الاستمرار في ترؤس الجلسات وكذلك استمرار الخرق الدستوري المتمثل بعدم قدرة القوى السياسية على تخطي خلافاتها لكي تنسجم مع التوقيتات الدستورية. وفي هذا السياق يقول المستشار القانوني أحمد العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس السن مضطر إلى الاستمرار في عقد الجلسات طالما أن الكتل السياسية لم تتوصل إلى اتفاق حتى الآن وهو خرق دستوري». وأضاف أن «الكتل الفائزة لم تحترم السياقات الدستورية على صعيد انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه ورئيس الجمهورية والإعلان عن الكتلة الأكبر وبالتالي فإن رئيس السن يواصل تفعيل المادتين 54 و55 من الدستور»، مبينا أنه «لا يتحمل المسؤولية عن الخروق الدستورية بل هي مسؤولية الكتل البرلمانية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.