مقتل فلسطيني وإصابة عشرات في مواجهات ضد الاحتلال

إسرائيل تقصف شباناً في غزة كانوا يحاولون إطلاق «طائرات حارقة»

محتجون فلسطينيون خلال المواجهات مع جنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون خلال المواجهات مع جنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل فلسطيني وإصابة عشرات في مواجهات ضد الاحتلال

محتجون فلسطينيون خلال المواجهات مع جنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون خلال المواجهات مع جنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

قُتل فلسطيني وجرح عشرات في مواجهات جديدة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية، أمس، في وقت هاجم مستوطنون قرية الخان الأحمر شرق القدس وحاولوا اقتحامها ومهاجمة السكان البدو من الفلسطينيين الذين يعيشون فيها والذين صدر قرار بإجلائهم عنها.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة مساء أمس مقتل بلال مصطفى خفاجة (17 عاماً) برصاصة بالصدر شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، مشيرة إلى إصابة عشرات آخرين بالرصاص الحي أو اختناقاً بالغاز في تجدد للمواجهات. وجاء ذلك في وقت نفذت إسرائيل للمرة الأولى منذ نحو شهر هجوماً جوياً ضد خلية أطلقت طائرات حارقة تجاه بلدات إسرائيلية قرب غزة.
وكانت وزارة الصحة في غزة أعلنت في وقت سابق الجمعة عن وفاة أمجد حمدونة (19 عاماً) من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة متأثراً بجروح أصيب فيها في 14 يوليو (تموز) الماضي، خلال مشاركته في مسيرات العودة وكسر الحصار التي تنظم على الحدود مع إسرائيل كل يوم جمعة. ومع إعلان وفاة حمدونة وخفاجة، ارتفعت حصيلة الضحايا الفلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء المسيرات في الثلاثين من مارس (آذار) الماضي إلى 173 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 19 ألفاً بجروح مختلفة.
واحتشد الآلاف من الفلسطينيين على حدود غزة أمس للجمعة الرابعة والعشرين على التوالي بدعوة من الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار. وأشعل شبان عشرات الإطارات المطاطية وأطلقوا طائرات حارقة باتجاه البلدات الإسرائيلية المجاورة على الحدود، ما تسبب بحريق اندلع في «برج اتصالات» لقوات الاحتلال شرق رفح جنوب قطاع غزة، فيما تمكن شبان من اختراق السياج الأمني في مناطق عدة من الحدود.
وسبق بدء المسيرات، إقدام طائرة استطلاع على قصف مجموعة من الشبان كانت تطلق طائرات ورقية حارقة تجاه البلدات الإسرائيلية المجاورة لحدود شمال قطاع غزة، ما أدى إلى إصابة شابين بجروح طفيفة جراء القصف الأول من نوعه منذ نحو شهر بعد أن توقفت الأحداث وانخفضت عمليات إطلاق الطائرات الحارقة بعد الحديث عن اتفاق تهدئة محتمل.
وفي الضفة الغربية، أصيب عدد من الفلسطينيين بالاختناق، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية نعلين غرب مدينة رام الله عقب قمع مسيرة انطلقت من القرية رفضاً للاستيطان والجدار العنصري.
كما أصيب عدد من المتظاهرين بالاختناق، واحترقت عشرات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون، خلال قمع قوات الاحتلال لمسيرة بلعين الأسبوعية التي انطلقت من وسط القرية باتجاه جدار الضم والتوسع العنصري.
كما أصيب خمسة مواطنين بالرصاص المطاطي، والعشرات بحالات اختناق، نتيجة قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة سلمية شهدتها قرية رأس كركر غرب مدينة رام الله.
في غضون ذلك، اقتحمت مجموعة من منظمة المستوطنين «إم ترتسو» اليمينية المتطرفة، صباح أمس، قرية الخان الأحمر شرق القدس لاستفزاز المواطنين والمعتصمين فيها. وقد تصدى لهم الشبان الفلسطينيون والمتضامنون معهم، ومنعوهم من دخول القرية وأجبروهم على التراجع إلى الشارع الرئيسي القريب من الخان الأحمر.
وقال شهود لـ«الشرق الأوسط» إن نحو عشرة أشخاص وصلوا إلى المكان وهم يرفعون العلم الإسرائيلي ويرتدون قمصان حركة «إم ترتسو» (وتعني «إن أردتم»)، المعروفة كمنظمة صهيونية يمينية متطرفة ممولة بشكل سخي من التيار الديني المتطرف في الولايات المتحدة وتعمل ضد قوى اليسار اليهودية وضد الجمهور العربي في إسرائيل، وراحوا يصرخون على المعتصمين: «غادروا، هذه الأرض لنا». وحاولوا اقتحام خيمة الاعتصام، لكن الشباب الفلسطينيين منعوهم من الاقتراب. وأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية الأربعاء الماضي قراراً بإخلاء سكان الخان الأحمر الفلسطينيين وتهجيرهم وهدم القرية المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة. يشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية معنية بتهجير السكان إلى موقع دائم يقع قرب قرية العيزرية، حتى تستغل الأرض لتوسيع مستعمرة «معاليه أدوميم» جنوب شرقي القدس.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت فرض إغلاق شامل على الضفة الغربية وقطاع غزة من مساء اليوم السبت وحتى مساء الثلاثاء القادم، بمناسبة رأس السنة العبرية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.