المغرب يعلن رفضه لعب «دور دركي» لأوروبا

وزير الخارجية الفرنسي يزور الرباط الاثنين لبحث قضية الهجرة

لو دريان وبوريطة خلال مؤتمر صحافي في أكتوبر الماضي (غيتي)
لو دريان وبوريطة خلال مؤتمر صحافي في أكتوبر الماضي (غيتي)
TT

المغرب يعلن رفضه لعب «دور دركي» لأوروبا

لو دريان وبوريطة خلال مؤتمر صحافي في أكتوبر الماضي (غيتي)
لو دريان وبوريطة خلال مؤتمر صحافي في أكتوبر الماضي (غيتي)

يرتقب أن يزور وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان المغرب بعد غد (الاثنين)، للقاء نظيره المغربي ناصر بوريطة، قصد التباحث حول كثير من القضايا، ومنها أزمة الهجرة، وتطورات الأوضاع في ليبيا.
وبحسب مواقع إعلامية، فإن من بين القضايا الأساسية، التي سيناقشها وزير الخارجية الفرنسي ونظيره المغربي استدعاء القضاء الفرنسي 4 صحافيين مغاربة للمثول أمامه، استناداً إلى دعوى تقدم بها ضدهم في باريس مصطفى أديب، وهو ضابط سابق في الجيش المغربي، اتهمهم فيها بالسب والقذف، فضلاً عن استدعاء رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، بصفته مديراً لنشر صحيفة «ليبيراسيون»، الناطقة باسم حزب الاتحاد الاشتراكي.
واحتجت وزارة العدل المغربية رسمياً لدى قاضي الاتصال الفرنسي في الرباط، على اعتبار أن توجيه هذه الاستدعاءات مباشرة إلى مواطنين مغاربة هو «إجراء لا يحترم اتفاقية التعاون القضائي بين البلدين، التي تنصّ على ضرورة المرور عبر القنوات الدبلوماسية ووزارة العدل المغربية».
كما يوجد ضمن جدول أعمال اللقاء تقييم تأثير الاجتماع الفرنسي - المغربي الـ13 رفيع المستوى، الذي عقد في الرباط في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، برئاسة رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، ورئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني.
وفي موضوع الهجرة، أعلنت الحكومة المغربية أن «المغرب لن يقبل أن يتحمل العبء وحده، ولن يسمح بأن تصبح أراضيه مرتعاً لأنشطة مهربي البشر، كما أنه لن يقبل بلعب دور الدركي بالمنطقة»، مشيرة إلى أن المغرب «ما فتئ يدعو إلى تفعيل مبدأ المسؤولية المشتركة، ونهج مقاربة تضامنية مع مختلف الدول المعنية لمعالجة إشكالية الهجرة غير الشرعية». كما أنه يدعو كل الشركاء إلى الارتقاء بمستويات التفاعل والتواصل لتحقيق الأهداف المرجوة.
جاء ذلك خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة، عقد مساء أول من أمس، حيث استمع المجلس إلى عرض قدمه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت حول الهجرة ومحاربة الهجرة السرية، وإفادة لناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الدولي في الموضوع ذاته، إذ جرى التأكيد خلال الاجتماع على أنه، وبتعليمات من الملك محمد السادس، «تبنى المغرب منذ سنة 2013 استراتيجية وطنية جديدة للهجرة واللجوء، ذات أبعاد إنسانية وتضامنية. وبفضل هذه الاستراتيجية، أصبح المغرب نموذجاً يحتذى به على المستوى القاري والجهوي في مسألة تدبير ملف الهجرة واللجوء».
وفي هذا الإطار، تم إجراء عمليتين لتسوية الوضعية القانونية والإدارية للمهاجرين غير الشرعيين خلال سنتي 2014 و2017، أسفرتا عن تسوية وضعية ما يناهز 50 ألف مواطن أجنبي، من ضمنهم 90 في المائة ينحدرون من دول أفريقية. بالإضافة إلى الشقين القانوني والإداري لعمليات التسوية، كما وفرت المملكة مجموعة من الخدمات الاجتماعية الأساسية للمهاجرين، منها السكن والصحة والتعليم والتكوين المهني، وذلك بهدف تيسير اندماجهم في المجتمع المغربي.
وبالموازاة مع ذلك، أوضحت الحكومة أن المغرب عمل بتنسيق مع التمثيليات الدبلوماسية للبلدان المعنية والمنظمة الدولية للهجرة على ضمان الرجوع الطوعي للمهاجرين، الراغبين في العودة إلى بلدانهم الأصلية في ظروف تصون كرامتهم وحقوقهم، حيث بلغ عدد المستفيدين من برنامج العودة الطوعية منذ سنة 2004 ما يزيد على 22 ألف مهاجر، من بينهم أكثر من 1400 شخص برسم سنة 2018.
لكن رغم هذا الانفتاح والتعامل الإيجابي مع ملف الهجرة، تم تسجيل حالات معدودة لعدم تجاوب مهاجرين غير شرعيين مع كل المبادرات المقترحة في سياق الاستراتيجية الوطنية للهجرة، حيث ظل هاجسها الوحيد هو العبور إلى الدول الأوروبية بشتى الوسائل.
وتمكنت المصالح الأمنية المغربية في إطار القوانين الجاري بها العمل خلال سنة 2018 من إحباط ما يزيد على 54 ألف محاولة للهجرة غير القانونية، وتفكيك 74 شبكة إجرامية تنشط في مجال التهريب والاتجار بالبشر، وحجز ما يزيد على 1900 آلية تستعمل في مجال تهريب البشر (زوارق مطاطية، دراجات مائية، محركات مستعملة في الإبحار).
كما أشارت الحكومة المغربية إلى أنه «بروح المسؤولية المؤطرة للاستراتيجية الوطنية للهجرة، تم نقل عدد من المهاجرين غير الشرعيين إلى مدن مغربية أخرى، ضماناً لسلامتهم، وإبعادهم عن مخاطر شبكات الاتجار بالبشر، التي تنشط في شمال المملكة، التي جرت في احترام تام للضوابط القانونية».


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، وقف عملياتها لإنقاذ المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط بسبب «القوانين والسياسات الإيطالية».

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.