الصدر يمنح الحكومة 3 أيام لمعالجة أزمة البصرة ويتوعد برد {مزلزل}

دعا البرلمان إلى جلسة استثنائية وطالب باستقالات جماعية... والعبادي يأمر الشرطة بعدم استخدام الرصاص

مقتدى الصدر - محافظ البصرة أسعد العيداني (أ. ف. ب)
مقتدى الصدر - محافظ البصرة أسعد العيداني (أ. ف. ب)
TT

الصدر يمنح الحكومة 3 أيام لمعالجة أزمة البصرة ويتوعد برد {مزلزل}

مقتدى الصدر - محافظ البصرة أسعد العيداني (أ. ف. ب)
مقتدى الصدر - محافظ البصرة أسعد العيداني (أ. ف. ب)

في وقتٍ تتصاعد فيه الاحتجاجات الشعبية في مدينة البصرة، للشهر الثالث على التوالي، دون أن يلوح بالأفق حلّ وشيك للأزمة، وجَّه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إنذاراً شديدَ اللهجة إلى السلطات الرسمية في بلاده، لإيجاد حل فوري لأزمة البصرة، متوعداً بردٍّ مزلزل، إذا استمرت الأوضاع على حالها.
ودعا البرلمان العراقي الجديد، إلى عقد جلسة استثنائية، في موعد أقصاه الأحد المقبل لمناقشة الأوضاع في المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط، التي تعاني نقصاً حادّاً في الخدمات.
وفي كلمة متلفزة أكد الصدر، على ضرورة حضور «كل من رئيس مجلس الوزراء ووزراء الداخلية والصحة والموارد المائية والإعمار والبلديات والكهرباء ومحافظ البصرة، لوضع حلول جذرية، آنية ومستقبلية، في البصرة» التي دخل نحو 30 ألف شخص من سكانها إلى المستشفى بسبب تلوث المياه. وتابع: «وإلا فعلى جميع من تقدم ذكرهم ترك مناصبهم فورا وإن كانت ولايتهم منتهية».
وتشهد محافظة البصرة وهي أغنى محافظات العراق بالنفط والمدينة الوحيدة المطلة على البحر، منذ منتصف أغسطس (آب) أزمة صحية مع تلوث المياه الذي أدَّى إلى إصابة أكثر من 30 ألف شخص تلقوا علاجا في المستشفيات، لكن بدايات الأزمة كانت منذ يوليو (تموز).
وأطلقت قوات الأمن العراقية أول من أمس النار في محاولة لتفريق تظاهرة جديدة في البصرة جنوب العراق، غداة يوم من الاحتجاجات الأكثر دموية قتل وجرح خلاله سبعة أشخاص، وجرح العشرات. وقُتل ما لا يقل عن 21 شخصاً منذ بداية الاحتجاجات في 8 يوليو اعتراضاً على نقص كبير في الخدمات العامة وخصوصا في قطاعي الكهرباء والماء، فضلا عن البطالة المزمنة، وكذلك على عدم كفاءة الدولة والسياسيين.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أصدر أمس توجيهاً إلى القوات العسكرية في المدينة الملتهبة عدم استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين خشية وقوع المزيد من الضحايا بين المدنيين والجيش والشرطة.
وفي كلمته الملتفزة انتقد الصدر السياسيين العراقيين بسبب انشغالهم بـ«تكوين الكتلة الأكبر التي لن تكون إلا كسابقاتها من الحكومات والتحالفات التي اتصفت بالطائفية والفساد والظلم». واقترح الصدر مجموعة من النقاط تبدأ بدعوة «مجلس النواب الجديد للانعقاد فوراً وبجلسة علنية استثنائية تبث علناً وبحضور كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الصحة ووزير الموارد المائية ووزير الإسكان والأعمار والبلديات ووزير الكهرباء ومحافظ البصرة ونائبيه ورئيس مجلس محافظة البصرة لوضع حلول جذرية وفورية آنية ومستقبلية في البصرة، وإلا فعلى جميع من تقدم ذكرهم ترك مناصبهم فوراً وان كانت ولايتهم منتهية».
كما دعا الصدر إلى «التعاون مع دول الجوار من خلال وفود رسمية من أجل التفاهم على بعض الملفات المهمة الخدمية وزيادة الحصص المائية وغيرها سواء في البصرة أو باقي المحافظات». وتضمنت مقترحات الصدر «حماية المؤسسات الحكومية في البصرة وخصوصاً الموانئ والمطارات من التدخلات الخارجية وغير الرسمية»، كما دعا إلى «إنهاء التدخلات غير الرسمية في محافظة البصرة فوراً».
وفي حال عدم تنفيذ النقاط أعلاه توعد الصدر بموقف «حازم قد لا يخطر على أذهانكم وسيزلزل عروش الفاسدين وذوي المحاصصات الطائفية».
من جهته، أعلن رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي استعداده لحضور جلسة نيابية تناقش ملف أزمات البصرة. وقال المكتب الإعلامي للعبادي في بيان له أمس إن «رئيس مجلس الوزراء يؤكد على أهمية سرعة انعقاد جلسات مجلس النواب وعدم تعطيله والالتزام بالتوقيتات الدستورية لإنجاز المهام الملقاة على عاتقه». وأبدى العبادي، وفق البيان، «استعداده للحضور إلى جلسة مجلس النواب مع الوزراء والمسؤولين المعنيين لمناقشة أوضاع وحاجات محافظة البصرة العزيزة والإجراءات المتخذة لرفع المعاناة عن أهلها وتقديم أفضل الخدمات لهم».
وكان تحالف «القرار» الذي يتزعمه أسامة النجيفي أعلن تأييده لدعوة الصدر في عقد الجلسة الاستثنائية للبرلمان العراقي. وقال التحالف في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «القرار يعلن تأييده الكامل لها». وأضاف: «المأساة التي يعيشها مواطنونا في البصرة ينبغي أن تكون حافزا كبيرا للعراقيين جميعا لتقديم المساعدة، وينبغي على ممثليهم أن يكونوا قدوة في هذا المجال»، مشيرا إلى أن «الدم العراقي أثمن من أي اختلاف».
من جهته أكد الدكتور قحطان الجبوري الناطق الرسمي باسم تحالف «سائرون» المدعوم من الصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «النقاط التي وردت في كلمة الصدر تمثل خريطة طريق متكاملة لحل أزمة البصرة من زواياها المختلفة وعبر التعاون مع السلطات التشريعية ممثلة بالبرلمان بدورته الجديدة أو الحكومة سواء الحالية بما تمتلكه من سلطات أو صلاحيات أو المقبلة التي يجب أن تتشكل بأسرع وقت بدلاً من الانشغال بالصراعات السياسية ممثلة بالكتلة الأكبر أو غيرها من جوانب الخلاف». وأضاف: «الأزمة في البصرة هي أزمة عراقية بالدرجة الأساس، ذلك أن البصرة بوصفها هي العصب الاقتصادي للعراق فإن أي مشكلة فيها لها تداعياتها على العراق كله»، مشيراً إلى أن «الحرص الكبير الذي أبداه الزعيم الوطني العراقي بالبصرة ودعوته عقد جلسة استثنائية للبرلمان بحضور السلطة التنفيذية المركزية والمحلية إنما ينطلق من رؤية متكاملة في كيفية الخروج بحلول عملية وسريعة في الوقت نفسه لأن التداعيات التي يمكن أن تنتج عن أي تأخير ستكون لها نتائج كارثية على البلد كله وعلى العملية السياسية برمتها».
إلى ذلك حمّلت رحاب العبودة عضو البرلمان العراقي السابق عن محافظة البصرة وعضو ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء حيدر العبادي مسؤولية ما يحصل في البصرة. وقالت العبودة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تفجُّر الأوضاع في البصرة وخروجها عن السيطرة لم يأتِ من فراغ بل كان ولا يزال بسبب سياسة الوعود الخادعة التي لم يتحقق منها شيء»، مبينة أنه «منذ أن بدأت المظاهرات في البصرة قبل نحو أربعة شهور أعلن رئيس الوزراء عن سلسلة من الوعود والإجراءات سواء على صعيد تخصيص الأموال أو فرص العمل لكن استمرار المظاهرات وخروجها عن نطاق السيطرة أكد وبشكل قاطع أن كل ما جرى مجرد وعود خادعة وحلول أقل من ترقيعية لا تتناسب وحجم المشكلة». وأضافت العبودة أنه «وبصرف النظر عن مسؤولية هذا الطرف أو ذاك سواء في الحكومة المحلية أو الوزارات المركزية فإن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتق رئيس الوزراء الذي كان عليه أن يتصرف من موقع المسؤولية الأبوية وليس كونه طرفا في فضاء سياسي تتحكم فيه أمور ومسارات كثيرة، لأن الدماء التي سالت هي مسؤولية المسؤول التنفيذي الأول في الدولة الذي لم يكن بمستوى الأزمة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم