«هيومن رايتس ووتش» تنتقد مواقف «النهضة» التونسية من مبادرة المساواة في الميراث

احتجاج أمام السفارة الإيطالية للمطالبة بالإفراج عن بحارة محتجزين

TT

«هيومن رايتس ووتش» تنتقد مواقف «النهضة» التونسية من مبادرة المساواة في الميراث

انتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس، رفض حزب «النهضة» الإسلامي، والغالبية البرلمانية في تونس، الإصلاحات الاجتماعية التي اقترحتها لجنة رئاسية، والتي تنص على المساواة في الإرث.
وكانت لجنة الحريات الفردية والمساواة قد اقترحت في يونيو (حزيران) الماضي، مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية، منها إلغاء تجريم المثلية الجنسية، والمساواة بين الرجل والمرأة في الإرث، لكن هذه المقترحات واجهت رفضاً شديداً من قبل منظمات دينية. كما أعلن الرئيس الباجي قائد السبسي منتصف أغسطس (آب) الماضي، تقديم مشروع قانون للمساواة في الإرث إلى البرلمان. فيما قال عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، أواخر أغسطس الماضي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن حزبه «سيناضل من أجل إعطاء المرأة حقها في الميراث»، لكن في إطار الدستور. موضحاً أن حزبه ينتظر النص الصحيح لمشروع القانون ليتخذ موقفه.
وفي بيان وقّعه الهاروني، أكد مجلس الشورى «التمسك بنظام المواريث كما ورد في النصوص القطعية في القرآن والسنة، وعبّرت عنه مجلة الأحوال الشخصية»، القانون الذي ينص على أن الرجل يرث ضعف ما ترثه المرأة.
وقالت «هيومن رايتس ووتش» في بيان، أمس: «إن الرفض الرسمي الذي جاء في 26 من أغسطس الماضي من طرف حزب النهضة، أحد الأحزاب السياسية الرئيسية في تونس، لمبادرة رئاسية لإقرار المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الميراث، يشكّل ضربة لحقوق المرأة في البلاد».
ومن جهتها، قالت آمنة القلالي، مديرة مكتب تونس في «هيومن رايتس ووتش» إن «رفض حركة النهضة لهذا المقترح هو بمثابة خيانة لحقوق التونسيات»، منددةً بـ«بيانات غير محددة» للحزب تتعلق بموقفه من المساواة في الميراث.
وأضافت القلالي أن «رفض حركة النهضة هذا المقترح يعيق كذلك تصدُّر تونس مكانة ريادية في هذا المجال في العالم العربي»، داعيةً «التقدميين في (النهضة) إلى أن يطالبوا بوضع حد لهذه القرارات الرجعية، التي لا تنتصر لحقوق المرأة».
وينص مشروع القانون المقترح من قبل الرئيس التونسي على أن تكون المساواة مبدأ عاماً، مع إمكان ألا يعتمدها المواطنون لأسباب دينية.
من جهة ثانية، نفّذ بضع مئات من المحتجين وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة الإيطالية في تونس أمس، للمطالبة بالإفراج عن بحارة محتجزين في صقلية، ومعرفة مصير مهاجرين غير شرعيين.
وتأتي الوقفة بعد نحو أسبوع من احتجاز السلطات الإيطالية 6 بحارة كانوا على مركب صيد بتهمة المساعدة في تهريب مهاجرين، كانوا تائهين في عرض البحر إلى السواحل الإيطالية.
ورفع المحتجون صور الموقوفين ولافتات تطالب بالإفراج الفوري عن أبنائهم، فيما ردد محتج عبر مكبر صوت: «لن نعود قبل الإفراج عن أبنائنا».
وشاركت في الوقفة الاحتجاجية عائلات تطالب بالكشف عن حقيقة اختفاء المئات من المهاجرين غير الشرعيين، شاركوا في رحلات غير شرعية منذ 2011 نحو إيطاليا، لكن انقطعت أخبارهم عن عائلاتهم حتى اليوم.
وكانت الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود «فرونتكس» قد أفادت يوم السبت الماضي، بأن إحدى طائراتها رصدت في البحر المتوسط قارباً يقلّ 14 مهاجراً غير شرعي، انطلقوا من سواحل تونس باتجاه السواحل الإيطالية، ومن ثم تولى مركب صيد كبير سحبهم. ونشرت الوكالة فيديو يوثق عملية سحب قارب المهاجرين من قبل مركب الصيد. موضحة في تعليق لها أنها أخطرت السلطات الإيطالية وقوات خفر السواحل بالتدخل، واعتراض القاربين، وإيقاف ستة عناصر بتهمة المساعدة على الهجرة غير الشرعية.
لكن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والذي يعنى بمسائل الهجرة، قال إن مركب الصيد «بوراسين» كان هدفه إنقاذ المهاجرين، ولا يفترض أن يكون موضع اتهام.
وقال العضو في المنتدى رمضان بن عمر، لوكالة الأنباء الألمانية، إن السلطات الإيطالية «تتوخى سياسة العقاب الجماعي لكل الأطراف التي تقوم بإنقاذ المهاجرين في البحر. فمركب بوراسين عرف منذ 2008 بأنه للصيد البحري، لكنه عرف أيضاً بمشاركته في عمليات إنقاذ في البحر... وفي الحادثة التالية كان المهاجرون تائهين في البحر، وتدخل المركب وقدم لهم الأكل والشرب، وعرض إعادتهم إلى تونس. لكنهم هددوا بإلقاء أنفسهم في البحر، فقام بإيصالهم إلى أقرب ميناء قبل أن تتدخل البحرية الإيطالية وتحتجزهم».
وفي ميناء جرجيس، جنوب تونس، دخل البحارة في إضراب منذ يوم الاثنين بهدف الضغط على الخارجية التونسية من أجل التدخل لدى السلطات الإيطالية والإفراج عن البحارة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».